نذكر بأن الغش التعليمى له مخاطر وآثار ضخمة على أولادنا يأتى فى مقدمتها تعضيد ماهية الإهمال؛ فيعزف الأبناء عن تحصيل المعارف واكتساب المهارات ومن ثم يتدنى الجانب الوجدانى لديهم؛ فلا مكان لقيم نبيلة يتم غرسها من قبل معلم أو أسرة أقرت ودعمت هذه الجريمة التى تورث ضعف تحمل المسئولية فى كل مناشط الحياة العلمية والعملية.
ولا مجال لتجاهل ظاهرة نشاهدها جميعًا فى أجيال هذا العصر الرقمى وهى تنامى السلوكيات غير المرغوب فيها لدى من يسمح لهم بممارسة الغش؛ حيث السلبية والتبلد والهروب مما يواجههم من مشكلات أو تحديات؛ فالأزمات تشكل نهاية العالم بالنسبة لفئة ارتأت سهولة الحصول على مطلبها غير المشروع؛ فيتعاظم توظيف الأساليب والحيل المبتكرة فى تحقيق غاية غير محمودة على الإطلاق، تقتل فى النفس عنصر التنافسية المشروعة، وتضعف الهمة؛ فالمصلحة والمنفعة بديلًا عما سواهما من مثابرة وحب استطلاع فى تحصيل واكتساب خبرات تعليمية مفيدة.
وظاهرة الغش التعليمى كأسلوب غير أخلاقى يؤكد فى نفوس المتعلمين النقيض من صحيح القيم؛ فيستبدلون الصدق بالكذب، والأمانة بالخيانة، والجد والاجتهاد بالضعف والتراخى ومواجهة المشكلات والتحديات والعمل على حلها بالانهزامية والاستسلام، وهنا سوف تتلاشى ماهية المجتمع ويضعف نسيجه، وفى وقت ليس بالكثير يحدث الضعف والوهن العام لهذا المجتمع أو تلك الأمة.
ولنوقن جميعنا أمرًا ليس بالهين جراء التراخى فى مواجهة تلك الجريمة فى مؤسساتنا التعليمية باختلاف سلمها، يمتثل فى تغلل ماهية الغش بمناحى حياتنا المختلفة؛ فتصبح الظاهرة أسلوبًا فى الحياة ونهج التعامل فى كافة مجالاتها؛ فيصعب أن تجد من يصلح لسوق عمل يطلب الكفاءة والتميز والمهارات المتفردة، وأن نطمئن فى تعاملاتنا المادية وغير المادية مع الآخرين، ممن ليس لديهم المرجعية الصحيحة لفلسفة النسق القيمى الصحيح من رشد وأمانة وشرف ومصداقية وصدق؛ بالإضافة للطمأنينة على النفس لمن نترك لهم التعامل مع الجرح والألم لنا ولمن نُحب من الأهل والخاصة؛ إنها حقًا مهلكة ومفسدة تكسو الحياة برمتها؛ لذا بات الأمر لا يستهان به ولا ينبغى أن نتغافل عنه؛ فلنضرب بيد من حديد على كل من يروج لفكرة الغش أو يشرعنه بالقول أو الفعل، أو من يحض عليه، أو من يقوم به، أو يسهل له المناخ الداعم، أو البيئة المواتية.
إن محاربة ظاهرة الغش والعمل الجاد للقضاء على مسبباتها وأسبابها يعنى أننا نتطلع لمستقبل دولة عظمى يحتل فيها الفرد المكانة المؤهل لها والتى تتناسب مع خبراته الحقيقية، كما نضمن شيوع ورسوخ القيم النبيلة التى من خلالها يعيش المجتمع فى استقرار تام بمجالات الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والعقدية وغيرها من المجالات الأخرى، بما يضمن جيلاً محباً لوطنه مخلصًا ومواليًا له، قادرًا على حماية مقدراته وأمنه القومى فى شتى أبعاده.