ليس هناك أفضل من تاريخ رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيرته العطرة لتكون مصدر إلهام لمن يريد الفلاح والنجاح فى الدنيا والآخرة فمن يقرأ سيرة حياته يجد نفسه أمام نموذج فريد فى العظمة والنجاح.
من أعظم النجاحات التى حققها محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأصعبها هو نجاحه فى تغيير القلوب والعقول، فقد استطاع تحويل أناس يعبدون الأصنام ويسجدون لها إلى أمة حضارية، أمة لها عقل تفكر وتتأمل، أن الكون له خالق واحد أحد.
وكما نجح محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فى تغيير العقول نجح أيضاً فى تغيير القلوب واستطاع أن يجعل أناساً يوئدون بناتهم أو يدفنونهن أحياء فى الصحراء إلى أناس ترق قلوبهم لسماع آيات الله.
حقق النبى كل هذا بالعمل والكد والتوكل على الله والحرص على أداء المهمة التى أوكلها الله إليه.. وهذا يدل على أن طريق النجاح ليس مفروشاً بالورود بل فيه مشاق إلى أبعد الحدود وابتلاءات كثيرة ومعطلات طويلة ومن ثم يحتاج إلى عزيمة وصبر وتصميم وإرادة وسعى إلى بصيص نور يضيء الطريق.
كان محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ قدوة فى كل شئون حياته إيماناً وعبادة وخلقاً وسلوكاً وتعاملاً مع غيره.. فما من لحظة من لحظاته ولا كلمة من كلماته ولا حركة من حركاته ولا سكنة من سكناته إلا وهى تعليم وتربية وتوجيه.. هو القدوة والأسوة والمعلم والمربى الحكيم.. هو إمام الدعاة الذى أمرنا الله أن نقتدى به فى عبادتنا ودعوتنا وأخلاقنا وسلوكنا وتعاملنا مع الغير وفى جميع أمور حياتنا.
لم يكن محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ يستعلى على أحد أو يتكبر بل يتواضع ويقابل عامة الناس بالوجه الحسن المبتسم ويشاركهم أفراحهم وأحزانهم ويهتم بقضاياهم ويساوى بينهم دون تمييز أو تفريق عرباً أو عجماً صغاراً أو كباراً فقراء أو أغنياء.. كان صلى الله عليه وسلم قدوة مع زوجاته وبناته كان يحدثهم بأطيب الكلمات وأجمل العبارات ويلاعبهم ويدخل السرور على قلوبهم ويعدل بينهم فيهم وكان يخدم نفسه بنفسه.
كان محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ قدوة حتى مع أعدائه الذين يتربصون به ليل نهار وهو متمكن منهم ومع ذلك كان يصفح ويعفو ويسامح رغم ما كان يلاقيه من الأذى والضيق.