تناولنا فى المقالين السابقين أنه منذ عام 2016 يتم تنفيذ برنامج للإصلاح الاقتصادى بهدف تحقيق معدلات نمو متسارعة ومستدامة، وتحقيق التنمية الشاملة لمصر، ورغم كل هذه المجهودات، فإننا لن نكون دولة متقدمة إلا بالصناعة، ولن يتحقق تقدم مصر على طريق التصنيع بغير أن نثق فى قدرتنا على أن نصبح دولة صناعية، وأن ندرك أن محاولاتنا للتصنيع على مدى القرنين الماضيين، رغم ما تعرضنا له من إخفاقات، تؤكد تلك المقدرة. وأن إنعقاد المؤتمر الثامن للمنتدى الإستراتيجى للتنمية والسلام ، تحت عنوان «محركات التنمية الصناعية المصرية فى عالم الذكاء الاصطناعي» وتحت شعار»بالذكاء الاصطناعي… المستحيل لا شيء» جاء ليؤكد صحة النظرة المستقبلية للقيادة السياسية المصرية الحكيمة، فى إرساء قواعد دولة مصرية عصرية حديثة، وجاءت توصيات المؤتمر الإستراتيجى للتنمية والسلام لتصب فى فكر وتوجهات الدولة المصرية الساعية لتقليص المسافة الاقتصادية بيننا وبين الدول المتقدمة.
وهو ما يعكس فلسفة التقارب الاقتصادى بين مصر والمملكة العربية السعودية خاصة فى المجال الصناعى والتعديني، لأنه يمثل بداية حقيقية نحو تحقيق التكامل الاقتصادى بينهما كخطوة أساسية نحو تحقيق التكامل الإقتصادى العربى المنشود. لذا فإن تنفيذ المزيد من الشراكات المصرية ــ السعودية فى قطاع الصناعة يسهم فى تحقيق التكامل بين البلدين، ومع التأسيس لمشروع الربط البحرى لنقل الركاب بين مصر والسعودية والذى يعتبر مشروعاً ذا أهمية استراتيجية كبيرة وسيكون له تأثير إيجابى على أداء الاقتصاد فى المنطقة من خلال تعزيز عملية التجارة والسياحة حيث يمكن للربط البحرى بين مصر والسعودية تعزيز حركة التجارة والتبادل التجارى بين البلدين، كما يعزز من قدرات الاقتصادات فى المنطقة، بالإضافة إلى ذلك يمكن للمشروع أن يزيد من حركة السياحة بين مصر والسعودية.لذا فإن الهدف الإستراتيجى لأغلب الدول العربية هو الوصول بقطاع الصناعة والتعدين للمساهمة بنحو 15 ٪ فى الناتج المحلى بحلول 2030، مع النظر للقطاع بصفته الركيزة الثالثة للاقتصاد بعد قطاعى النفط والبتروكيماويات لأغلب الدول العربية، وإذا كان الآخر يبحث عن شراكة إستراتيجية معنا، فإن الواجب الوطنى يحتم أن نبدأ بالمحيط العربي، وليكن الحلم العربى من نصيب الهيئة العربية للتصنيع والتى تمتلك 14 مصنعا،إلى جانب المعهد العربى للتكنولوجيا المتقدمة. إعادة النظر فى كيفية تمويل الهيئة العربية للتصنيع لتصبح هى بيت التصنيع الأول للأمة العربية هو حلم وأمن قومى عربى تقتضيه الظروف الراهنة، بما تحمله من إرهاصات وإنشطارات ،لذا يحب أن تتحمل هذا الحلم والأمل، الكبيرتان مصر والسعودية، واللتان يمثل اقتصادهما 40 ٪ من الناتج الإجمالى العربي، كما أن حجم التبادل التجارى بينهــما خلال الــــسنوات الخمس الماضية بلغ أكثر من 59 مليار دولار، ولا يخفى علينا أن الســـعودية تســـــعى لتنفيذ مشاريع بقيمة تصل 1.3 تريليون دولار فى إطار رؤية 2030، لذا من المحتمل أن يتم التنسيق ليكون لمصر نصيب كبير من هذه المشروعات لإتمام عملية التكامل الاقتصادى بين المملكة ومصر والدخول لأسواق ثالثة خاصة السوق الإفريقية، وتحقيق التكامل بين قطاعى الأعمال فى المشروعات والفرص الاستثمارية لتوفير الاكتفاء والأمن القومى الغذائى والدوائى للبلدين ومواجهة التحديات التى تفرضها الأزمات العالمية المتعاقبة. وبالتالى فإننا نرى أن معالجة معضلة التمويل تقتضى الاتفاق على تمويل الهيئة العربية للتصنيع بـ1 ٪ من الناتج المحلى الإجمالى لكل دولة عربية يسوى بالزيادة سنوياً، ولتكن البداية من أكبر اقتصاديين عربيين هما مصر والسعودية يمثلان 40 ٪ من الناتج القومى العربي.