قد يخطئ البعض حين يظن أن ما قامت به إسرائيل من عمليات إبادة جماعية ومجازر كان آخرها «محرقة رفح» التى قضت مضاجع شعوب العالم يعد بالأمر الغريب على تلك «العقلية الصهيونية» التى كرست العنف والمذابح من خلال التنظيمات الإرهابية «كالهجانة».. كما أن تلك المحرقة ما هى إلا صناعة إسرائيلية متجذرة فقد حدثت أول محرقة وعملية إبادة للفلسطينين منذ 1700 سنة قبل الميلاد على يد ابنى سيدنا يعقوب «شمعون» و»لاوي» عندما قاموا بقتل سكان مدينة «شكيم» وأحرقوها بالنيران.. لقد اتجهت عيون العالم صوب ذلك المشهد المأساوى ألا هو احتراق خيام اللاجئين فى رفح وسط عويل النساء وصراخ الأطفال الذين تلظت أجسادهم بنيران العجز والخزى الصهيونى الذى لم يستطع تحقيق أى من الأهداف التى أعلنها «بنيامين نتنياهو» منذ بدء عملية السيوف الحديدية.. لقد وصل رد الفعل العالمى على ذلك الفيديو إلى 10 ملايين تداول خلال 24 ساعة من نشره وبعد مشاركته على حساب «موقع إكس» المؤيد للفلسطينيين يوم الاثنين كما حصل المنشور على 8 ملايين مشاهدة و188 ألف إعادة تغريد فى غضون عدة أيام.. على الرغم من أن عبارة «كل الأعين على رفح» التى ظلت متداولة كشعار مؤيد للشعب الفلسطينى إلا أن الزيادة الكبيرة قد حدثت خلال الأيام الأخيرة الماضية.. فقد اتجهت أنظار العالم نحو رفح عقب تلك الضربة العسكرية التى أسفرت عن مقتل ما يقرب من 50 شخصاً فى إحدى خيام النازحين «بمدينة رفح» وكيف احترق النساء والأطفال حتى الموت حرقاً.. وكالعادة صرح الجيش الإسرائيلى بأن تلك الغارة كانت تستهدف اثنين من كبار نشطاء حماس وخرج «نتنياهو» ليبرر مقتل المدنيين بأنه «خطأ مأساوي» منذ أن شنت إسرائيل حربها على قطاع غزة.. لقد أصدرت محكمة العدل الدولية فى 24 مايو قراراً يلزم إسرائيل بالوقف الفورى لعملياتها العسكرية على رفح أقصى جنوب غزة حيث يخيم ما يزيد على 1,4 مليون فلسطينى معظمهم من النازحين وبعد يومين من القرار وقعت تلك المحرقة البشعة التى أثارت ضجة كبيرة وحالة من الفوضى والغضب العالمي.. لقد أدت تلك المحرقة إلى إطلاع الرأى العام العالمى على الصورة القومية الحقيقية للشعب الإسرائيلى التى طالما حاولت آلة الدعاية الصهيونية تبييضها طوال عدة عقود للحصول على أكبر قدر من التعاطف والتأييد للشعب اليهودي.. وعلى الرغم من موقف المجتمع الدولى من تلك المحرقة إلا أن رد الفعل الصادر من واشنطن والقدس لا يرى فى الهجوم البرى الإسرائيلى على رفح وكذلك تلك الغارة الجوية التى شنتها إسرائيل على مخيم رفح التى أسفرت عن مقتل 50 شخصاً من بينهم أطفال ونساء أى انتهاك للخطوط الحمراء بل إنها كانت مجرد عملية محدودة.. وقد أدت تلك المحرقة إلى إزاحة وتجاوز تلك التقارير التى تدور حول ذلك الأذى الذى والضرر الذى أصاب الإسرائيليين من جراء هجوم السابع من أكتوبر بل أصبح معظم التركيز الإسرائيلى على تأمين إطلاق سراح الرهائن الأحياء المتبقين.. لقد وصفت «فرانشيسكا ألبانير» المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان فى الأراضى الفلسطينية فى منشور على «موقع إكس» بأن الإبادة الجماعية فى غزة لن تنتهى دون ممارسة ضغوط خارجية على إسرائيل وفرض العقوبات وتعليق الاتفاقيات والتجارة والشراكة والاستثمارات.