.. تحولت الحرب الإسرائيلية على غزة.. إلى صداع عالمى مزمن.. يهدد أمن واستقرار الشرق الأوسط.. والعالم.. نعم والعالم.
.. وتتصاعد مشاهد الحرب الروسية فى أوكرانيا.. بصورة تهدد أمن واستقرار أوروبا.. والعالم كله.. بما أنها قد تؤدى إلى حرب تتورط فيها روسيا.. والولايات المتحدة الأمريكية.
.. وقد ارتفعت أصوات عالية فى واشنطن.. طوال السنوات الأخيرة تحذر من «الكوارث المأساوية».. التى يمكن أن تتعرض لها القوى الكبري.
ولم يتردد الخبراء فى توجيه تحذيرات حادة.. بأن «الحرب العالمية القادمة» يمكن أن تبدأ بحروب محدودة ومعارك صغيرة.. مثل الحرب الإسرائيلية البربرية ضد الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة.. أو مثل الحرب الروسية فى أوكرانيا.
والواقع الراهن حالياً.. يؤكد أن منطقة الشرق الأوسط.. تقف على حافة هاوية بركانية تشتعل فيها الحرب الإقليمية الواسعة بين إسرائيل وحلفائها فى أمريكا وبريطانيا وربما فرنسا من ناحية وإيران وميليشيات حزب الله من ناحية أخري.. ومخاطر اشتعال حرب نووية فى الشرق الأوسط ليست مستبعدة.. فإسرائيل دولة نووية.. وإيران.. إن لم تكن قوة نووية.. فإنها قادرة على صنع القنبلة خلال أسابيع أو أيام معدودة. ولا أحد يدرى لماذا تلوح إسرائيل بأسلحتها النووية فى هذا التوقيت.
.. وهنا نكتشف أن الحروب التى تبدو.. صغيرة ومحدودة فى قطاع غزة.. أو فى أوكرانيا.. تخفى وراءها.. صراعات أكبر.. وتقف وراءها قوى عالمية.. لديها مخططات استراتيجية كبرى تخدم مصالحها.. وتريد إعادة بناء العالم.. بناء على أسس وقواعد جديدة.
.. ولكن.. كيف يمكن إعادة بناء العالم.. فى القرن الحادى والعشرين؟!
.. ولصالح من؟ أو لخدمة مصالح من؟
إعادة بناء العالم.. تعنى فى الواقع إعادة رسم الخريطة السياسية لهذا العالم فى القرن الحادى والعشرين. خطوط وحدود جديدة.. والاستيلاء على مساحات جديدة من أراضى الغير بالقوة المسلحة.. لضمان المزيد من القوة والهيمنة الكونية للقوى الكبري.
.. ويمكننا أن نقول حالياً.. إن الواقع العالمى الراهن لا يضمن مثلاً.. أن الولايات المتحدة الأمريكية.. يمكنها الانفراد بالهيمنة العالمية الشاملة.. كما كانت طوال القرن الماضي.
.. وفى بكين.. نجد أن الصين.. قد أصبحت قوة عالمية صاعدة.. عسكرياً وتكنولوجياً.. والقوة الصناعية والاقتصادية الصاعدة للصين.. ترفض الاستسلام لأى قوة تسعى للهيمنة فى العالم. الصين ترفض خسائرها التاريخية وتسعى لتعويضها بمكاسب عالمية فى القرن الحادى والعشرين.. والاستيلاء على تايوان.. مجرد جائزة استراتيجية أولى تسعى الصين لاقتناصها.. ولو بقوة السلاح.. الصين قوة تنظر وراءها للماضى بمنتهى الغضب.. وتنظر للحاضر والمستقبل.. بابتسامة من يخطط لتحقيق أكبر المكاسب والانتصارات الاستراتيجية فى هذا العصر.
.. ومرة أخرى نكتشف أن عملية «إعادة بناء العالم».. هى فى الواقع عنوان كبير وبراق.. يخفى وراءه.. مخططات كبرى للحروب الدموية والصراعات الكونية التى لا رحمة فيها لدى أى طرف.. لأى طرف.. أو لأى مبدأ إنساني.. ولا احترام فيها لأى قانون.. سوى الحرب.. والهيمنة العالمية.
.. ويؤكد جوليان تشرشل.. أن «الحرب العالمية القادمة».. يمكن أن تبدأ بمعارك صغيرة.. أو تبدو صغيرة.. وعلى الولايات المتحدة الأمريكية أن تتحمل مسئولياتها فى قيادة دول حلف الناتو من أجل ردع الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية.
وعملية ردع هذا الرباعى العالمى المعادى لأمريكا وأوروبا تتطلب ضرورة التركيز على الدفاع عن الدول الأصغر فى التخوم والأطراف.. مثل إسرائيل وأوكرانيا وتايوان.
ولهذا تؤكد الولايات المتحدة دائماً على حق إسرائيل فى الدفاع عن النفس.. وهذا ينفى مثلاً حق الشعب الفلسطينى فى الدفاع عن النفس.. وربما حتى حقه فى الوجود!!!
ما يقال عن عملية «إعادة بناء العالم».. هى فى الواقع إعادة بناء النظام العالمى من جديد.. بقوة الحرب والحديد والنار.. لأن التوازن الدولى بعد انتهاء الحرب الباردة وسقوط الاتحاد السوفيتى السابق كان يميل بصورة مطلقة لصالح الولايات المتحدة الأمريكية.. التى أصبحت القوة العالمية الأعظم فى التاريخ.
.. ويقول جوليان تشرشل إن العالم يعيش حالياً فى المرحلة الأولى من مواجهة دولية كبري.. سوف تتطور سريعاً وتتحول إلى «حرب عالمية ثالثة».. ويحذر صناع القرار السياسى والاستراتيجى فى واشنطن من أنه إذا لم تقم أمريكا وحلفاؤها بتعزيز قدراتها على الردع.. سواء بالأسلحة النووية.. أو الأسلحة التقليدية.. فإن خطر الحرب العالمية الشاملة سوف يكون مؤكداً.. لا يتحمل الشك.. أو الانتظار.
ويدعى تشرشل أن كل القوى فى روسيا والصين وإيران.. وحتى كوريا الشمالية تخطط.. للغزو واحتلال أراضى الغير بالقوة المسلحة.. ويؤكد أن امتلاك أمريكا للقدرة على الردع النووى والتقليدى هى التى منعت نشوب حرب عالمية مع الاتحاد السوفيتى السابق طوال سنوات الحرب الباردة.
لكن الردع النووى وحده لن يمنع نشوب الحرب العالمية الثالثة.. سواء فى أوكرانيا أو فى مضيق هورموز بالخليج العربى أو فى الشرق الأوسط.. أو فى تايوان وفى شبه الجزيرة الكورية.
.. وتؤكد دروس وصفحات التاريخ أن «الحرب العالمية» لا تحدث بالتخطيط أو بالنوايا فى السياسة الخارجية.. والزعيم الألمانى أدولف هتلر.. لم يخطط لإشعال الحرب العالمية الثانية.. لكن رغبته فى التوسع والاستيلاء على أراضى تشيكو سلوفاكيا وبولندا.. أدى فى النهاية إلى تحويل المعارك الصغرى والحروب المحدودة إلى حرب عالمية واسعة.. تغطى كوكب الأرض من بيرل هاربر فى أمريكا.. إلى اليابان والصين.. وحتى أوروبا والشرق الأوسط.
وهذا يعنى أن الحروب الصغيرة تتصاعد فجأة.. من خلال أى محاولة تقوم بها أى دولة للاستيلاء على أراضى الغير بالقوة المسلحة.
.. وقد قامت ألمانيا بقيادة هتلر بالتمرد على النظام العالمى القائم فى 1939.. لأنه كان يحرم قوة كبرى مثل ألمانيا من تحقيق طموحاتها التوسعية فى قلب أوروبا.
.. واليوم.. روسيا بقيادة بوتين.. ترى فى احتمال انضمام أوكرانيا لحلف الناتو.. خطراً.. يهدد أمنها القومي.. والصين ترى فى استقلال تايوان خطراً يهدد مستقبلها الاقتصادى والتكنولوجى والعسكري.
ويقول الخبير الاستراتيجى الأمريكى جون ميرشايم إن الدول القارية.. مثل الصين وروسيا تدرك أن الانفراد بالتوسع فى أراضيها يوفر لها الإحساس بالأمن الكامل.
وهنا نكتشف أن أمريكا.. أيضاً تعتبر قوة قارية عالمية كبرى تنفرد بالهيمنة الكاملة على أمريكا الشمالية.. حتى كندا والمكسيك.
.. وكانت الاستراتيجية الكونية لأمريكا واضحة تماماً.. وخططت مبكراً جداً.. لاحتواء الدول المحايدة فى العالم.. التى ترفض التحالف معها.. هكذا.. خططت لجعل الهند مثلاً ينشغل بالخطر الذى تمثله باكستان على أمنها القومي.. وخططت لجعل الصين فى حالة خوف دائم من الخطر الياباني.
وفى موسكو.. وجدنا روسيا فى حالة خوف لا ينقطع من الخطر الألماني.
.. وفى الشرق الأوسط.. تم اختراع المشروع الصهيونى لدولة إسرائيل فى فلسطين من العدم.. حتى تنشغل دول المشرق العربى بإسرائيل والخطر الذى تمثله إسرائيل بأطماعها التوسعية فى فلسطين وفى أراضى الدول العربية.. ولم تخف أمريكا أنها كانت تحرص دائماً على إشعال الصراعات الإقليمية فى كل مكان.. حتى فى أفريقيا وأمريكا الجنوبية وجنوب شرق آسيا.
والحرب تبدأ فى الدول المحايدة.. التى تقع بين تحالفين.. وتعرض أراضى إحدى هذه الدول للغزو والاحتلال.. يستهدف إزالة الغموض الخاص بسياستها الخارجية.. وعدم التزامها تجاه أى تحالف.
.. هذه هى الحقائق الكبرى الخفية.. وراء مخططات «إعادة بناء العالم».. أو إعادة بناء وتشكيل «النظام العالمى الجديد».. بالقوة المسلحة وبالحرب وبالصراعات الدموية.. التى لا تنتهي.
ويقول الأمريكيون إن القرن العشرين.. كان أمريكياً.. ولابد أن القرن الحادى والعشرين أمريكياً أيضاً. لكن انتخابات الرئاسة الأمريكية القادمة فى ٥ نوفمبر 2024.. تؤكد أن الامبراطورية الكونية للولايات المتحدة الأمريكية مهددة بالانفجار على نفسها من الداخل.. وأن «الحلم الأمريكي» فوق كوكب الأرض يواجه أزمات وتحديات داخلية أسوأ وأخطر من كل صراعات أمريكا مع روسيا والصين وإيران.
وهذا يعنى أن العالم الذى نعيش فيه يواجه أخطر التحديات الكونية.. وأن عواصم العالم الكبرى من واشنطن إلى لندن وباريس وبرلين.. وحتى موسكو وبكين وطوكيو.. يقف على أطراف أصابعه.. خوفاً من احتمالات وتحديات ومخاطر اليوم والغد.. والحاضر والمستقبل.. قبل أن يتحول كل ذلك إلى تاريخ.
.. وربما كانت هذه النظرة السريعة على الأوضاع العالمية من حولنا ضرورية.. حتى نفهم إلى أين تتجه بنا الأحداث المتفجرة بالصراعات الدموية والحرب فى الشرق الأوسط.
.. ومازال شبح الحرب الإقليمية الواسعة.. يخيم على الشرق الأوسط.. وهذا الصراع الإقليمى الممتد بين إيران وإسرائيل.. تقف وراءه أبعاد عالمية وأطراف دولية كبري.
.. وفى النهاية نجد أن إسرائيل.. لا تقف وحدها فى الشرق الأوسط.. بل تقف معها أمريكا وبريطانيا ودول الناتو.. بكل قوة.. من أجل ضمان وجود وبقاء دولة إسرائيل.
.. وحدث انقلاب فى المنطق السياسى فى واشنطن مؤخراً.. وظهر من يؤكدون أن الولايات المتحدة خرجت من الحرب العالمية الثانية وهى زعيمة للعالم الحر. لكن حان الوقت كى تتنازل أمريكا عن زعامة وقيادة العالم الديمقراطى الحر فى أمريكا وأوروبا لدولة إسرائيل.. التى أصبحت فعلاً بعد الحرب على غزة هى الزعيمة الحقيقية للعالم الحر.. وليس أمريكا.
وارتفعت أصوات صهيونية فى واشنطن تؤكد أن إسرائيل تدافع عن أمريكا ومصالح أمريكا فى الشرق الأوسط.. فى مغالطات وأكاذيب جديدة.. تستهدف التغطية على جرائم حرب الإبادة التى تقوم بها إسرائيل ضد أبناء الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة.. بعد أن تجاوز عدد القتلى والشهداء فى غزة حاجز الـ ٠٤ ألف شهيد.
.. ولا أحد يدري.. متى وكيف يمكن إنهاء الحرب الإسرائيلية الوحشية ضد الشعب الفلسطينى فى غزة. لكن احتمالات ومخاطر التصعيد العسكرى بين إسرائيل وإيران لم تنته بعد.
.. وتؤكد تقديرات المخابرات الأمريكية الأخيرة أن إيران تخطط للقيام بهجوم انتقامى ضد إسرائيل فى أية لحظة ويقول الخبراء فى واشنطن إن إيران لا تريد إشعال حرب واسعة وشاملة مع إسرائيل فى التوقيت الحالي.
لكن إيران تخطط لمفاجأة عسكرية محسوبة.. وهجوم انتقامى ضد إسرائيل فى إطار مخاطرة محسوبة جيداً.. لا تؤدى فى النهاية لحرب إقليمية واسعة فى التوقيت الراهن وفى الظروف الإقليمية الحالية.. إيران تريد الاستمرار فى استنزاف إسرائيل عسكرياً.. من خلال حزب الله اللبنانى وميليشيات الحوثى فى اليمن.
وذكرت تقارير المخابرات الأمريكية الجديدة أن «ساعة الصفر» للهجوم الإيرانى الانتقامي.. مازالت مجهولة.. أضافت أن إيران تشعر بالإهانة القومية الحقيقية.. حين تمكنت إسرائيل من اغتيال إسماعيل هنية على أراضيها فى قلب طهران.
.. وذكرت مصادر فى طهران أن إسماعيل هنية لقى مصرعه بصاروخ إسرائيلى موجه نحو شريحة التليفون المحمول الخاص به.. وفى بيروت تعرض فؤاد شكر.. رئيس أركان ميليشيات حزب الله اللبنانى للاغتيال.. بعد مكالمة تليفونية مع مجهول.. وفى لحظات تم رصد المكالمة وقامت طائرة مسيرة إسرائيلية بقصف المبنى الذى يقيم فيه بالصواريخ.. وتوفى فؤاد شكر مع زوجته وصديقاتها.
وأكدت التقديرات الأمريكية أن الهجوم الإيرانى الانتقامى سوف يحدث فجأة وبدون سابق إنذار.. ربما خلال الأيام القادمة. والتأخير فى تنفيذ الانتقام ليس له أى معنى سوى أن إيران تريد تحقيق مفاجأة استراتيجية كاملة ضد إسرائيل.
ولا توجد معلومات لدى المخابرات الأمريكية حتى الآن حول نوع الهجوم الإيرانى القادم ضد إسرائيل.. ولذلك اضطرت الولايات المتحدة للإسراع بتعزيز تواجدها العسكرى فى الشرق الأوسط لتؤكد استعدادها التام للدفاع عن إسرائيل.
.. واعترف الإسرائيليون فى تل أبيب بأن التهديد الإيرانى يضع الشرق الأوسط على حافة هاوية حرب واسعة.. لأن إسرائيل قد تضطر للرد على أى هجوم إيرانى بتوجيه ضربات كاسحة للمنشآت البترولية والاقتصادية فى إيران.. وبالتأكيد فإن منشآت البرنامج النووى الإيرانى من أهم الأهداف التى يمكن أن تسعى إسرائيل لتدميرها.. بضربات منفصلة ومنفردة أو بالتعاون مع القوات الجوية الأمريكية.
إيران لا يمكنها التراجع فى مواجهة التصعيد الإسرائيلى بعد اغتيال هنية فى طهران.. وإسرائيل لن تفوت فرصة التحالف مع أمريكا فى أى حرب قادمة ضد إيران.
ويمكن القول إن طهران تعيش حالياً لحظات الانتظار الصعبة قبل اتخاذ القرار الحاسم بتوجيه ضربة انتقامية لإسرائيل.
.. وأكدت التقارير الأمريكية أن حزب الله اللبناني.. يخطط أيضاً للانتقام من إسرائيل.. لكنه لا يريد حرباً شاملة فى التوقيت الحالي.
ويرى البعض فى تل أبيب أن ضربات الانتقام المؤجلة ضد إسرائيل.. فى طهران وبيروت حتى الآن تؤكد وجود استراتيجية واضحة لتصعيد التوتر.. بدون أن يؤدى ذلك لحرب شاملة.
.. ويؤكد الخبير الاستراتيجى الإسرائيلى يوشوا كاليسكى أن إيران هى فى الواقع قوة صواريخ باليستية.. تمتلك أكثر من ثلاثة آلاف صاروخ بعيد المدي.. دقيق التوجيه.. وبعض هذه الصواريخ قادرة على المناورة.. وتجاوز أنظمة الدفاع الإسرائيلية المضادة للصواريخ.
وتبلغ زنة الرأس الحربية لكل صاروخ حوالى طن ونصف. وتمتلك إيران أكثر من ثلاثة آلاف صاروخ من طراز كروز يزيد مداها على ثلاثة آلاف كيلو متر.
كما تمتلك إيران أسطولاً هائلاً من الطائرات المسيرة الهجومية بعيدة المدي.
.. وفى لبنان.. نجد أن حزب الله اللبنانى يمتلك أيضاً ترسانة هائلة من الصواريخ القادرة على الوصول إلى أى مكان فى عمق إسرائيل.. أى تل أبيب وما بعد تل أبيب.
.. وقد هددت إسرائيل طوال الأيام الماضية بالقيام بحرب وقائية استباقية ضد إيران حزب الله فى لبنان.. بهدف إحباط أى هجوم انتقامى ضدها بالصواريخ والمسيرات قبل أن يحدث.
ويقول الخبير الإسرائيلى كاليسكى إن إسرائيل سوف تقوم بتوجيه ضربات وقائية استباقية لكل من إيران وميليشيات حزب الله.. بمجرد أن تتلقى معلومات مخابراتية إسرائيلية وأمريكية.. تؤكد أن إيران تستعد للانتقام من إسرائيل.
وأكد أن إسرائيل لا يمكنها الانتظار حتى تتلقى ضربة انتقامية من أى طرف.. ولذلك فإنها تخطط للقيام بضربة وقائية استباقية لإحباط أى هجوم لإيران أو ميليشيات حزب الله.
وهذا هو التوقيت الذى يحدد «ساعة الصفر».. للحرب الوقائية الإسرائيلية ضد إيران وحزب الله.. وأضاف أن إسرائيل جاهزة لمواجهة كافة الاحتمالات وسيناريوهات التصعيد العسكرى فى الشرق الأوسط.
.. وتعترف الصحف الإسرائيلية بأن الصراع الدموى بين إسرائيل وكل من إيران وحزب الله أعمق وأخطر من كل ما يجرى من أحداث على السطح فى الشرق الأوسط.
ويقول الإسرائيلى كيرين استيون.. إن وقف إطلاق النار فى غزة لن يؤدى إى أى حل للأزمة والصراع الدموى القائم بين إسرائيل من جهة وكل من إيران وحزب الله من جهة أخري.. وحتى لو توقفت الاشتباكات اليومية فى الشمال بين إسرائيل وحزب الله مثلاً.. سوف تبقى الأزمة ساخنة بين إسرائيل وحزب الله.
ولا يمكن لإسرائيل أن تنام مرة أخرى فى أحضان صواريخ ومسيرات حزب الله الموجودة تحت الأرض فى شبكة طويلة ومعقدة من الأنفاق فى جنوب لبنان. وربما تمتد بعض أنفاق حزب الله إلى داخل حدود إسرائيل فى الشمال.
.. اليوم أصبحت ترسانة صواريخ ومسيرات حزب الله تشكل خطراً يهدد كل مكان فى عمق إسرائيل.. وليس مدن ومستوطنات الشمال فقط فوق تلال الجليل.. ولم يعد بإمكان إسرائيل التعايش مع الخطر العسكرى الذى يمثله حزب الله على حدود إسرائيل الشمالية مع لبنان. يعترف الإسرائيليون بأن هدف حزب الله النهائى هو ردع إسرائيل ومنعها من القيام بأية محاولة لغزو لبنان.. ويؤكدون فى تل أبيب أنه لا مجال لأية تسوية سلمية مع حزب الله.. لأن إسرائيل تريد نزع سلاح حزب الله نهائياً.. ولا يمكن أن يتم ذلك إلا بالقوة العسكرية.. والحرب الوقائية الاستباقية.. حتى وإن تأجلت إلى حين.
ويدرك حزب الله جيداً أن المواجهة والحرب الواسعة مع إسرائيل قادمة لا محالة.
وفى تل أبيب يخطط جنرالات المؤسسة العسكرية للحرب الوقائية ضد حزب الله.. لأن إسرائيل لم يعد بإمكانها النوم فى أحضان النمر اللبنانى الهائج.. حزب الله يطالب الجنرالات فى تل أبيب بضرورة أن تتخذ إسرائيل القرار السياسى الواضح.. لتحديد المصير النهائى للمواجهة والصراع العسكرى مع حزب الله.
وأكدت صحف أمريكية وإسرائيلية أن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو يخطط فعلاً.. لقيادة تحالف عسكرى أمريكى إسرائيلي.. للحرب الواسعة ضد إيران وحزب الله.
يقول الإسرائيلى دانيل بايب إن الوقت قد حان كى تتخلى إسرائيل عن استراتيجية الردع مع ثلاثى الخطر الداهم.. الذى يهدد بقاءها ووجودها.. كدولة مستقلة فى الشرق الأوسط. والثلاثى المعادى لإسرائيل.. يتمثل فى الشعب الفلسطينى فى الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس.. وحتى داخل إسرائيل نفسها.. وتعترف الصحف الإسرائيلية بأن الشعب الفلسطينى هو فعلاً أكبر خطر يهدد وجود إسرائيل.
.. ولابد من حسم الصراع مع الشعب الفلسطيني.. ليس فقط بقوة السلاح.. كما يحدث فى غزة وفى الضفة الغربية حالياً.. لكن أيضاً بالحرب الاقتصادية.. لأنه لا يوجد بديل أمام إسرائيل سوى فرض الاستسلام التام على الشعب الفلسطينى للأمر الواقع القائم.. وهو وجود دولة إسرائيل. لم يعد ممكناً أن تواصل إسرائيل سياسة إدارة الصراع مع الشعب الفلسطيني.. ولابد أن حرب شاملة عسكرية واقتصادية تضمن لإسرائيل البقاء فى أراضى فلسطين بالكامل.
ويدعى الإسرائيليون أنهم يريدون الأمن لدولة الاستيطان فى فلسطين.. فى حين أن الشعب الفلسطينى يريد إقامة دولته المستقلة.. وهذه الدولة الفلسطينية تهدد أمن ووجود إسرائيل.
ولم تكن إسرائيل مستعدة فى أى وقت للتعايش مع واقع اسمه الدولة الفلسطينية.. ولذلك لم توافق إسرائيل نهائياً على شيء اسمه دولة فلسطين ولم تقدم وثائق أو خرائط.
.. هكذا انكشف أن إسرائيل تخطط للحسم العسكرى للصراع المسلح مع كل من إيران حزب الله.
وتخطط لحسم الصراع الوجودى مع الشعب الفلسطينى بالقوة المسلحة وبالحرب الاقتصادية.. ومن هنا ندرك أن حرب التجويع الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة جزء من مخطط شيطانى إسرائيلى يستهدف إجبار أبناء الشعب الفلسطينى على التخلى عن وجودهم فوق أراضيهم.. بالتهجير القسرى وتحويلهم إلى لاجئين مشردين بالقوة المسلحة وبأقذر أسلحة الحرب الاقتصادية.
.. وتحاول إسرائيل دائماً أن تبدو قوة عسكرية لا تقهر.. وقد بدأت أعراض الغرور العسكرى تظهر على العقل الإسرائيلى من جديد.. بفضل الدعم الأمريكى المالى والعسكري.. لكن إسرائيل من الداخل على وشك الانفجار. الانقسامات والخلافات بين قيادات وجماعات النظام السياسى الإسرائيلي.. تكاد تصل إلى الحرب الأهلية. قيادات اليمين الدينى المتطرف ترفض الحوار مع دعاة الليبرالية الصهيونية الذين أقاموا الدولة بقيادة ديفيد بن جوريون.
وتحالف الليكود معهم.. تحالف مصالح ووجود سياسي.. أما خلفاء اليسار الصهيوني.. فلم يعد لهم وجود.. رغم أنهم أصحاب المشروع الأصلى الذى خطط للاستيطان فى فلسطين قبل 1948 وبعدها.. وخطط للاستيطان فى القدس والضفة الغربية والجولان السورية.
إسرائيل على وشك الانفجار من الداخل.. ولكن المغامرات العسكرية التوسعية الإسرائيلية فى قطاع غزة ومع حزب الله.. وحتى مع إيران.. قد تؤجل الانفجار الداخلى فى إسرائيل لبعض الوقت.
.. لكن كل ذلك يقودنا للأصوات العالية فى واشنطن التى تحذر من مخاطر الحروب الدموية التى تبدو محدودة فى أوكرانيا أو فى الحرب الإسرائيلية البربرية ضد قطاع غزة.. ويؤكد خبراء الحرب والاستراتيجية فى واشنطن أن الحرب العالمية القادمة يمكن أن تبدأ من خلال هذه الحروب التى يتصور البعض أنها صغيرة.
إن أى تصعيد عسكرى بين إسرائيل وإيران.. سوف يؤدى بكل تأكيد إلى تورط أمريكا وبريطانيا فى الحرب إلى جانب إسرائيل ضد إيران.. وأيضاً حزب الله.
لكننا فى الواقع أمام نظام عالمى ينهار.. يقابله مخططات كبرى فى واشنطن ولندن وبكين وموسكو.. لإعادة رسم خريطة العالم من جديد.. وفق نظام دولى جديد أو هى عملية إعادة بناء العالم.. بالحرب والصراعات المسلحة وبالحديد والنار.
إنها معارك قد تبدو صغيرة ومحدودة.. لكنها سوف تؤدى فى النهاية إلى إعادة بناء العالم.. من خلال الحرب العالمية القادمة.. وهذه هى عملية إعادة بناء العالم.. على طريقة الجنرالات وخبراء الحرب الاستراتيجية فى عواصم العالم الكبري.. هكذا نجد دول وشعوب الشرق الأوسط تخشى الحرب الإقليمية الواسعة.. لكنهم فى واشنطن يتحسبون للحرب العالمية القادمة.