هل كان العالم فى انتظار المحكمة الجنائية الدولية لتعلن على لسان المدعى العام كريم خان أنها بصدد إصدار أوامر اعتقال لرئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية؟.. بالطبع الاب فالعالم كل العالم يدرك تماماً أن نتنياهو مجرم حرب هو ووزير دفاعه يوآف جالانت ومايرتكبونه من تجويع وقتل وإبادة وتشريد للفلسطينيين منذ ما يقرب من ثمانية أشهر بماذا نسميه إذن؟.. المحكمة الجنائية الدولية لم تقدم جديداً ربما الجديد هنا أنه لأول مرة تسعى الجنائية الدولية لإصدار أوامر اعتقال بحق مسئولين إسرائيليين حيث جرت العادة أن تصدر أوامر الاعتقال ضد المسئولين الأفارقة بالإضافة إلى الرئيس الروسى فلاديمير بوتين.
بكل أسف أوامر الاعتقال بحق نتنياهو وجالانت لو صدرت بالفعل لن تقدم أو تؤخر بل ولن يتم تنفيذها حيث ثبت فعليا أن تنفيذ أوامر الجنائية الدولية التى تعتمد على وكالات إنفاذ القانون فى الدول الأعضاء البالغ عددهم 124 دولة أمر بالغ الصعوبة والتعقيد حيث لا تملك المحكمة وسيلة لتنفيذ أوامر الاعتقال وحتى فى حال لوصدرت هذه الأوامر فإن نتنياهو وجالانت لن يواجها أى خطر فورى للملاحقة القضائية وقد أصدرت هذه المحكمة منذ نشأتها أكثر من 50 أمر اعتقال تم تنفيذ 9 منها فقط وتركزت الاعتقالات فى خمس دول هى الكونغو الديمقراطية وأوغندا ومالى وأفريقيا الوسطى والسودان وهو مادفع الاتحاد الافريقى فى عام 2013 إلى اتهام الجنائية الدولية بالعنصرية لملاحقتها المسئولين الأفارقة فقط دون غيرهم.
المحكمة الجنائية الدولية تأسست عام 2002 كأول محكمة قادرة على محاكمة الأفراد المتهمين بجرائم الحرب والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وهى تخضع لنظام روما الأساسى وهو وثيقة تأسيسية وقعتها الدول الأعضاء تعهدت فيها بمنع الجرائم وعرض من يتحمل المسئولية على العدالة وأبرز الدول غير الأعضاء التى امتنعت عن التوقيع على ميثاقها أمريكا وروسيا والصين والهند وإسرائيل وقد أجرت بالفعل تحقيقات فى ١٥ دولة حسبماً ورد بموقعها الرسمى غير أن أوامر الاعتقال اقتصرت فقط على الدول الافريقية وروسيا ولم تصدر أوامر اعتقال حتى الآن لما جرى فى أفغانستان والعراق وفلسطين من أعمال قتل وتعذيب وقد أصدرت أوامر اعتقال بحق 5 رؤساء ونائب رئيس وهم الرئيس السودانى السابق عمر البشير والرئيس الليبى السابق معمر القذافى والرئيس الكينى أوهورو كينياتا والرئيس الإيفوارى لوران بوغبو والرئيس الروسى فلاديمير بوتين ونائب رئيس الكونغو الديمقراطية جون وبيير وجميعها لم يتم تنفيذ أى منها.
بالنظر إلى كل ماسبق والذى أثبت أن هذه المحكمة مغلولة الأيدى فسواء أصدرت هذه المحكمة بالفعل قراراً باعتقال نتنياهو أو عجزت عن ذلك فهذا لن يغير فى الأمر شيئاً فهو مجرم حرب بقرار من الجنائية أو بدونها.