تعتبر منطقة الشرق الأوسط واحدة من أكثر المناطق إضطرابًا فى العالم، حيث تعانى من صراعات مستمرة، وتوترات سياسية، وأزمات إنسانية. والسؤال الذى يطرح نفسه متى يعود الإستقرار إلى هذه المنطقة مع تزايد المخاوف من امتداد الصراعات وتأثيرها على الأمن والاستقرار العالميين؟.
أسباب عدم الاستقرار هى إسرائيل بالدرجة الأولى من خلال حربها البشعة ضد العرب وإصرارها على عدم الإعتراف بالحقوق الفلسطينية. وتعانى المنطقة من تاريخ حافل بالصراعات بسبب احتلال الأرض العربية، مما ترك جروحًا عميقة وأثرًا سلبيًا على الهوية الوطنية والشعور بالظلم.
كما أن التنوع الدينى والطائفى الكبير فى المنطقة أدى إلى صراعات طائفية وعرقية، مما زاد من حدة التوتر وعدم الثقة. وأدت التدخلات الخارجية من قبل القوى الكبرى إلى زيادة حدة الصراعات وتعقيد الأوضاع فى المنطقة.
كما أن المنافسة على الموارد الطبيعية، مثل النفط والغاز، أدت إلى صراعات إقليمية. أما عدم حل القضية الفلسطينية، ساهم فى استمرار حالة عدم الاستقرار.
ولذلك فإن الحوار والتفاهم بين مختلف الأطراف هو الأساس لتحقيق المصالحة والسلام،من خلال تفعيل حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
ولذلك يجب العمل على حل النزاعات القائمة بطرق سلمية، من خلال التفاوض والوساطة،وبناء الثقة بين مختلف الأطراف من خلال تبادل المصالح المشتركة والعمل على تحقيق أهداف مشتركة.وأهمية تعزيز التعاون الإقليمى بين دول المنطقة يساهم فى حل المشكلات المشتركة وبناء مستقبل أفضل.
ومن الصعب تحديد موعد محدد لعودة الاستقرار إلى منطقة الشرق الأوسط، حيث أن ذلك يعتمد على العديد من العوامل المتداخلة والمعقدة. ومع ذلك، يمكن القول أن تحقيق الاستقرار الكامل فى المنطقة يتطلب جهدًا طويل الأمد، وقد يستغرق عدة عقود. وعودة الاستقرار إلى المنطقة يتطلب إرادة سياسية قوية، وتعاونًا دوليًا، وحلاً جذرياً للقضايا الأساسية التى تؤدى إلى عدم الاستقرار. وعلى الرغم من التحديات الكبيرة، إلا أن هناك أملاً فى تحقيق السلام والاستقرار فى المنطقة، شريطة أن تعمل جميع الأطراف معاً لتحقيق هذا الهدف.
إذن هناك أمل لكنه معقود على قيام إسرائيل بضرورة تفعيل المواثيق الدولية والاعتراف الكامل بحقوق الشعب الفلسطيني!. لكن كيف يتحقق ذلك وأمريكا تخلّت عن دعواتها لوقف إطلاق النار الفورى فى غزة ولبنان فى الأسابيع الأخيرة؟
ويعكس التغيير فى الاستراتيجية الأمريكية فى الأسابيع الأخيرة من الحرب الدائرة فى لبنان رغبة الولايات المتحدة فى إضعاف حزب الله اللبناني. كما يقول محللون. لكن فى نفس الوقت هناك مخاطر من أن تؤدى هذه الاستراتيجية إلى تأجيج حرب أوسع نطاقاً.
والدبلوماسية الأمريكية تغيّر من نهجها فى الحرب الدائرة التى تقودها إسرائيل بعد دبلوماسية مكثفة بهدف وقف إطلاق النار.لقد استقرت الولايات المتحدة على نهج مختلف تماما هو ترك الحرب فى غزة ولبنان تأخذ مسارها.
بعدما طالبت الولايات المتحدة وفرنسا بوقف فورى لإطلاق النار لمدة 21 يوماً لدرء غزو إسرائيلى برى للبنان، عادت الولايات المتحدة عن دعوتها لوقف إطلاق النار بحجة تغير الظروف بعد اغتيال إسرائيل للأمين العام لحزب الله حسن نصرالله وبدء العمليات البرية الإسرائيلية فى جنوب لبنان.
فى السياق، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر فى مؤتمر صحفى «ندعم إسرائيل فى شن هذه الهجمات بهدف تدمير البنية التحتية لحزب الله حتى نتمكن فى نهاية المطاف من التوصل إلى حل دبلوماسي».
هذا تضارب فى الأهداف الأمريكية من احتواء اشتعال المنطقة، ويعكس هذا التغيير فى المسار، التضارب فى الأهداف الأمريكية المتمثلة فى احتواء الحرب. وفى الوقت ذاته إضعاف حزب الله المدعوم من إيران بشكل كبير لكن هذا النهج الأمريكى الجديد محفوف بالمخاطر، ويقول محللون، ذلك أن الحملة العسكرية الإسرائيلية الواسعة فى لبنان وجنوبه تنذر باندلاع صراعٍ قد يخرج عن السيطرة.
وفى هذا المجال، يقول جون ألترمان المسئول السابق فى وزارة الخارجية الأمريكية إن الولايات المتحدة تريد أن تؤدى الحملة الإسرائيلية إلى إضعاف قدرات حزب الله، بيد أن عليها أن توازن بين ذلك وبين احتمال «خلق فراغ» فى لبنان أو إشعال فتيل حرب إقليمية.
ويقول مسئولون أمريكيون إن الهدف النهائى هو تطبيق قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701 الذى كلف قوة الأمم المتحدة المؤقتة فى لبنان «اليونيفيل» بمساعدة الجيش اللبنانى فى الحفاظ على منطقة حدوده الجنوبية مع إسرائيل خالية من الأسلحة أو أى مسلّحين بخلاف التابعين للدولة اللبنانية.
هذا الموقف الأمريكى المخزى لا يمكن بأى حال من الأحوال أن يؤدى إلى إستقرار فى المنطقة وبالتالى لا يعلم أحد متى تتوقف هذه الحرب البشعة. والله سبحانه وتعالى هو الأعلم بمصير المنطقة بعد إشتعال الأمور إلى هذه الدرجة البشعة.