أمريكا لا تريد توسيع رقعة الحرب وتسعى لهذا الهدف بكل الطرق عبر الوسطاء والمبعوثين والمسئولين الذين يزورون المنطقة بشكل شبه يومى وهذا مسعى حميد لا نستطيع الا ان نقول لها شكرا رغم ادراكنا انها لاسباب داخلية ودواع انتخابية وخشية على الكيان الصهيونى ان تنفتح عليه ابواب جهنم من كل الاجواء والجوانب والجبهات وهو المنهك من حرب مع مجموعات صغيرة من المقاومة الفلسطينية.
لكن السؤال لماذا الحرب من المحتمل أو من الممكن ان تتمدد تداعياتها إلى بؤر أو دول اخرى ومن الذى سيقوم بذلك ولماذا سيشعل الاوضاع وهل تلك الاطراف ترغب فى ذلك ام انها مضطرة أو مدفوعة؟
اسئلة اجابتها سهلة ومعروفة ولا تتطلب ما يتصوره البعض من الحاجة إلى معادلات لفك لوغاريتمات ما يحدث.
الحرب على غزة تدور بين كيان صهيونى مغتصب محتل ارضاً ليست ارضه اصحابها لم ولن ينسوها ولم يتنازلوا عنها ولن يفرطوا فيها يقاومون بكل ما يمتلكونه من اسلحة وادوات بسيطة وهذا حقهم المشروع الذى تقره لهم كل القوانين والمعاهدات الدولية وتؤيده الدول الحرة والمنظمات الدولية والاقليمية ويفترض ان تقف معه كل القوى والدول التى تحترم القانون الدولى ومواثيق الامم المتحدة غير ان هناك بعض القوى والدول التى اقامت محورا للشر تقف وتساند وتدعم المعتدى الذى يستقوى بها ويتمادى فى غيُه وظلمه وعدم احترامه والتزامه بابسط مبادئ القانون الدولى والقانون الدولى الانسانى يتجاوز كل الحدود فى عدوانه ويرتكب كل انواع الجرائم وتجاوز سقف اخطر المجازر ويعاند ويكابر ويرفض كل الوساطات والمطالبات بوقف العدوان ويصر على الاستمرار فى القتل وتجريف وتدمير وتخريب كل مقومات الحياة فى سابقة لم يعهدها العالم من قبل.
من الذى اذا قال للكيان الصهيونى توقف عن عدوانك سيتوقف على الفور؟ انها دولة واحدة هى فقط من تستطيع ان تأمره وان تجبره ولن يستطيع الا الانصياع لأوامرها لأنها هى ماء الحياة بالنسبة له لو رفعت عنه الغطاء سيموت على الفور ويزول ولن يكون له اثر.. انها امريكا وحتى الآن لم تطلب منه التوقف ولذلك هو مستمر دون النظر لأية دعوات أو مطالب سواء من الدول الاخرى أو المنظمات الاقليمية أو الدولية لن يستمع لاحد طالما ان امريكا مازالت تمنحه الضوء الاخضر وما يفعله الكيان الصهيونى فى رفضه وقف اطلاق النار فان امريكا ايضا ترفض وقف العدوان بدعوى انه يدافع عن «النفس» وفى الحقيقة انها تتيح له الفرصة وتعطيه ما يكفى من الوقت حتى يقضى على حماس والافراج عن الاسرى ومنع اى تهديد من قطاع غزة لأمنه وهى اهدافه الثلاثة التى لم ينجح فى تحقيق اى هدف منهم وما يبدو فى الافق وعلى ارض الواقع ورغم الاختلال فى معادلات القوة بين الطرفين الا ان اسرائيل لن تستطيع تنفيذ اى هدف بل ان الاستمرار فى العدوان يحقق للمقاومة اهدافاً ونجاحات لم تتحقق من قبل وما تخسره اسرائيل فى عدد القتلى والجرحى والعتاد العسكرى وما حدث من شروخ داخل بنية مجتمعها الصهيونى وزيادة معدل الهجرة العكسية وشعور كل اسرائيلى بعدم الامن بعد ما حدث يوم ٧ اكتوبر وبعد وصول صواريخ المقاومة إلى غرف نومهم فى كل اراضى فلسطين المحتلة ودوى صفرات الانذار فى كل الاوقات وهروب سكان المستوطنات والمدن القريبة من القطاع والقريبة من الحدود اللبنانية وازاء هذا الرعب الذى تعيشه اسرائيل يشعر الصهاينة ان حياتهم فى خطر دائم وان هذه الحياة لا تطاق بعد ان كانوا يعيشون فى امان واستقرار قبل هجرتهم لاسرائيل من دولهم الاصلية.
امريكا التى لا تريد توسيع الحرب هى التى ستكون السبب الرئيسى لاتساع نطاق الحرب نتيجة وجود قواتها وقواعدها فى المنطقة وبعضها اقيم دون الحصول على موافقة الدولة صاحبة الارض وتعتبر احتلالا كما هو الحال فى سورية مما دعا منظمات لاستهدافها دعما للمقاومة فى غزة وبطبيعة الحال اذا اتسع نطاق هذا الاستهداف قد يقود إلى توسيع رقعة الحرب على غير رغبة دول المنطقة التى تقوم بكل الجهود من اجل وقف الحرب وليس توسيعها.
لو انسحبت امريكا وسحبت قواتها وفككت قواعدها لن تكون هناك هجمات ولن تكون هناك توترات وهجمات مضادة وتهديدات بتوسيع الحرب ولا خسائر ولكن وجود هذه القواعد وبالذات التواجد غير الشرعى سيكون هناك مبرر لاستهدافها ولن يكون هناك خروج من هذا المأزق والنفق المظلم الا بالعودة للرؤية المصرية التى طرحها الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ اليوم الاول من ضرورة تنفيذ حل الدولتين لاقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس لاحلال السلام والاستقرار الدائم للمنطقة.
نأمل الا يكون حديث امريكا المتكرر فى الايام الاخيرة عن مطالبتها باقامة دولة فلسطينية دعاية انتخابية أو من ضرورات الاغراء للمقاومة حتى يتم الافراج عن الاسرى ومن بينهم بعض المواطنين الامريكيين لاستخدامها فى الدعاية لبايدن الذى يواجه صعوبات شديدة فى اعادة ترشيحه من الحزب الديموقراطى أو فى اقناع الناخب الامريكى لإعادة انتخابه كما تقول استطلاعات الرأى هناك.
الصورة قاتمة والاوضاع متدحرجة وتتدهور فى ظل تعنت الارهابى المجرم زعيم العصابة الصهيونية التى اصبحت تمثل شكلا مقيتا من النازية الجديدة وإلى ان يجد مكانه اللائق فى مزبلة التاريخ الاسود لاسوأ السفاحين فى التاريخ وإلى ان تغير امريكا موقفها فان الامور ستظل معلقة.