بعض الناس يعانون من عقدة أو متلازمة التنظير، والنقد غير البناء الذى لا يستند على علم أو رؤية أو فهم ووعى ويمكن أن أطلق على ذلك متلازمة «كان لزمته إيه»، آراؤهم تتأرجح بين الشيء ونقيضه، فإذا ركنا الى الكسل والتراجع والجمود وغياب الرؤية وإرادة البناء والإصلاح البناء، قالوا كما قال مالك فى الخمر،.. وإذا ارتفعت وتيرة العمل والبناء والمشروعات وتهيئة أنسب الظروف للإنتاج والاستثمار وتوفير المناخ الأمثل لزيادة الموارد المحدودة وفق أفكار خلاقة، وبعد نظر وعلم يراعى كافة جوانب حجم المشروع والإنتاج، قالوا «كان لزمته إيه»؟ كنا «وفرنا الفلوس»، والفلوس راحت فين وأنفقناها فى أشياء غير مفيدة دون فهم أو وعي، وهى سمات وصفات متكررة لشخصيات مريضة ومصابة باللاوعي، واللافهم.
هؤلاء نسوا وتناسوا، أحوال وأوضاع مصر قبل عشر سنوات، دولة كانت منهارة، تجمد فيها كل شيء، غابت عنها الأفكار والحلول الخلاقة، وارتكن الجميع لمقولة الحفاظ على الاستقرار، رغم أنه كان مجرد «استقرار هش» لذلك كفروا بأى نوع من الإصلاح سواء عن جهل أو خوف من ردة فعل شعب لم يجد من يتحدث معه ويخاطب فيه الضمير الوطني، أو بناء الوعي، وهو ما خلق مناخاً وحالة من غياب الثقة والريبة بين القيادة والشعب خلال العقود الماضية، ثم جاءت الفوضى المدمرة بسبب عواصف مؤامرات الربيع العربى المزعوم، فأصابت ودمرت وأنهكت الجسد المريض، واستنزفت قدرات هائلة لدولة متعبة ومجهدة خارت قواها وقاربت على السقوط، يكفى أن أخبرك أنها خسرت 450 مليار دولار دفعة واحدة بسبب فوضى مدفوعة وممنهجة، ناهيك أيضاً عن موارد وإمكانيات محدودة، مع نمو سكانى شديد الخطورة كان يزيد بمعدل 2.5 مليون نسمة سنوياً، لذلك كنا قبل الرئيس عبدالفتاح السيسى فى كارثة حقيقية، كادت تودى بوجود ومستقبل البلاد والعباد.
المصابون بمتلازمة كان لزمته إيه، كانوا أول الناقمين، على الأوضاع الكارثية فى البلاد قبل الرئيس السيسي، فى ظل بطالة متزايدة وطوابير ممتدة من أجل الحصول على بنزين وسولار وبوتاجاز أو حتى رغيف عيش، وخدمات لا تليق بهذا العصر، وقرى ونجوع وصعيد فى طى النسيان والإهمال وفى محافظات نائية تركت للتجاهل، وغض الطرف عن تنمية سيناء، وانتشار للعشوائيات، وعدم وجود أى رؤية لبناء الإنسان المصرى وتهاوى الصحة والتعليم، كل ذلك كان بمثابة قنابل موقوتة، تهدد بقاء ووجود الدولة.
الحقيقة أن الرئيس عبدالفتاح السيسى تسلم وبمنتهى الموضوعية والواقعية دولة منهارة، لا شيء فيها يدعو للأمل، مهمة ليس من السهل التصدى لها.. لكن الرئيس السيسي، وبعقيدة وطنية وشرف وإخلاص، استجاب لنداء المصريين، وقبل المهمة التى كان يراها البعض مهمة مستحيلة، لكن القائد العظيم، صاحب الرؤية، والإرادة، والأفكار الخلاقة، وبعد النظر، وضع يده على أشياء وأمور لم يرها أى رئيس سابق من قبل إضافة إلى أنه امتلك ثقة الشعب، وأيضاً شجاعة الإصلاح والمواجهة.
قرر أن يخوض معركة وجود، معركة استثنائية صارح شعبه، بكل التحديات لم يخف شيئاً، ولم يجمل واقعاً معقداً وطلب من المصريين الاصطفاف والعمل والصبر، ولم يعد بشيء، سوى العمل معاً لنصل إلى الضوء الكبير فى نهاية النفق.
نشر البناء والتنمية فى كل ربوع البلاد، كان لزاماً فى بلد يتطلع إلى النجاة والخروج من براثن تلال المشاكل والأزمات وإشكالية محدودية الموارد، أن يوفر مقومات ومتطلبات الانطلاق طبقاً للعلم، والخبرات الدولية، والتجارب العالمية، فأى دولة تسعى للتقدم لابد أن تكون لديها بنية تحتية وأساسية عصرية.
حديث الرئيس السيسى فى افتتاح مشروع مستقبل مصر الزراعي، والتصنيع الزراعى وبدء الحصاد، حديث غاية فى الأهمية وقاعدة للفهم والوعي، لابد أن يعرف ويدرك ويعلم الناس فلسفة البناء والتنمية فى مصر خلال الـ 10 سنوات، فالحقيقة تقول إننا قبل الرئيس السيسى لم يكن لدينا شيء، لم نكن نمتلك أى مقومات ومتطلبات للتقدم، لذلك كان لزاماً وحتماً أن نوفر قاعدة الانطلاق ونبنى الأساس، المتمثل فى بنية تحتية عصرية، فلا تقدم بدونها أزمتنا الحقيقية، غياب الفهم والوعى لدى بعض الناس، من الأنقياء وهم مختلفون عن الإعلام المعادى أمثال مرتزقة الإخوان الذين يروجون الأكاذيب والشائعات والتشويه والتشكيك بشكل مدفوع وممنهج على مدار الساعة، لكننى أتحدث عن هذه الفئة التى تعانى من متلازمة «كان لزمته إيه».. فالبنية التحتية، الطرق والكبارى والمدن الجديدة، والمشروعات العملاقة فى الصناعة والزراعة، والتوسع العمراني، والمشروعات العملاقة فى مجال الطاقة بكافة أنواعها هى الوسيلة الوحيدة، والحل الأمثل، والفكر الخلاق للخروج من أشكالية محدودية الموارد، فالاستثمارات والفرص الواعدة التى باتت لدى مصر، هى بفضل البنية التحتية العصرية، فما كان لأكبر استثمار مباشر فى تطوير مدينة رأس الحكمة بالمشاركة مع الإمارات ليحدث لولا وجود دولة حديثة تمتلك بنية تحتية عصرية، طرقاً عصرية 9 حارات فى كل اتجاه، وطاقة، ومواصلات عصرية، وموانئ عالمية، والسؤال للمصابين بمتلازمة «كان لزمته إيه» هل كانت الاستثمارات والتصدير، والفرص الكثيرة للتنمية فى مصر وتوفر مقومات النجاح لهذه الاستثمارات والفرص لتكون لولا مشروعات عملاقة فى مجال البنية التحتية والأساسية.
الفهم الصحيح يتطلب أيضاً كيف لدولة محدودة الموارد المائية أن تحقق أهداف التوسع الزراعي، وأيضاً الزيادة السكانية بمليونى نسمة سنوياً أن تزيد رقعتها الزراعية بأكثر من 4.5 مليون فدان حتى عام 2027.. وكيف تقيم مثل هذه المشروعات العملاقة مثل مشروع «مستقبل مصر» فى الدلتا الجديدة الذى يضيف أكثر من مليونى فدان، وكيف تفكر فى الاستخدام الأمثل والاستفادة من كل قطرة مياه.
وها هو حجم الإنفاق على مثل هذه المشروعات وما تحققه من إنتاج وتصدير وحماية الأمن الغذائى المصري.. وهل ما نراه من وجود زراعات، هو نتاج «أراض ومياه فقط» أم أن هناك شق طرق مكشوفة ومغطاة، وطرق ونظم رى حديثة، ومحطات ومولدات كهربائية، تتكلف 50 مليار جنيه لوحدها، وكم تكلفة معالجة المياه ثلاثياً، وهل يمكن فى كل هذا الحجم الضخم وغير المسبوق لمثل هذه المشروعات أن تظل على نفس الطرق القديمة المحدودة أم تقيم طرقاً بما يقرب من 10 حارات من كل اتجاه، فالرؤية وفلسفة البناء هى عملية متكاملة وشاملة وليس عملاً قاصراً على جزء واحد، لذلك نرى محصلة ونتائج هذه المشروعات بشكل مبهر.
من هنا أطالب المصابين بمتلازمة «كان لزمته إيه» بتلقى العلاج والخضوع لجلسات الفهم والوعى وقراءة الماضى والحاضر والمستقبل، وأن يسألوا أنفسهم «كنا فين وبقينا فين».