هل وراء كل جريمة تريند وبخاصة مع ظهور تكنولوجيا الاتصالات وانتشار وسائل السوشيال ميديا على الانترنت والتى أصبح لها دور واضح فى تحويل الجريمة الى متعة فى نقلها ومتابعتها؟!!
المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية يدق ناقوس الخطر حول الدور الرئيسى لوسائل التواصل الاجتماعى التى تحرص بعضها على تناول وتصوير وقائع عدد من الجرائم البشعة بسرعة الصاروخ منذ حادث الذبح بالاسماعيلية وما أعقبه من جرائم أخرى بدأت تنتشر على العديد من المواقع الالكترونية
ونظرا لرغبة عدد من الشباب فى تحقيق مكسب مادى سريع فانهم غالبا مايخافون من التدخل عند مشاهدتهم لبداية تفاصيل وقوع أى جريمة بقدر حرصهم على تصويرها لتحويلها لتريند بطعم المتعة والاثارة والتشويق!!
أتصور ان وسائل التواصل الاجتماعى كشفت لنا عند نقلها لهذه الجرائم الموقف السلبى للمارة بعدم تدخلهم قبل أن تقع الجريمة وهو ما يستدعى البحث فى كيفية ترميم احدى القيم المتعلقة بالشجاعة والمروءة.. ولكن من الاهمية وضع ضوابط لنشر تفاصيل الجرائم التى تحرض على العنف ويتم استعراضها بالصوت والصورة الكترونيا وذلك لحماية المجتمع من ارتكاب جرائم طبق الاصل.
ومن الاهمية ان ننتظر دورا واضحا وحاسما للمجلس الاعلى للاعلام فى التصدى لفيديوهات جرائم القتل على السوشيال ميديا والتى تحظى باكبر عدد من المشاهدات وبخاصة بين الشباب بشكل قد يستقطبهم ليتحولوا بدورهم من مجرد مشاهدين الى مصدر للنشر ببث مقاطع القتل البشعة ولا يجدون من يردعهم.
اعتقد ان نشر تفاصيل مثل هذه الجرائم لكيفية ارتكابها والتخلص من الجثة قد يؤدى الى ظهور جرائم مشابهة خاصة بعد ان تحول الوضع الى تسابق على التريند.
وتحول المواطنين انفسهم لوسيلة اعلامية يقودنا الى النظرفى مسألة تناول الجريمة باعتبارها نشرا للخبر فى حد ذاته بما يعفى الناشرمن المسئولية الجنائية وخاصة لو تم تناولها من الناحية التوعوية.. ولكن اذا زاد الامر على حده فإنه ينبغى على المشرع وضع ضوابط للنشر على وسائل التواصل الاجتماعى.. كما ينبغى على الجهات المسئولة ان تشترط على شركات التواصل الاجتماعى احترام القيم المجتمعية والالتزام بمواثيق العمل الاعلامى والصحفى
ومن الاهمية المحافظة على أمن المواطنين من خلال عدم التوسع فى نشر وترويج نماذج من هذه الجرائم حتى لا يستغلها اصحاب النفوس الضعيفة فى ارتكاب جرائم مكررة!!
من المؤكد ان نشر الجريمة يتسبب فى وقوع اضرار نفسية واجتماعية واضحة وبالتالى ينبغى على المواطنين الذين يمتلكون مقاطع فيديو تتعلق بجرائم تسليمها لاجهزة التحقيق الرسمية بحيث يكون دورهم ايجابيا فى حماية المجتمع بدلا من نشرها والترويج لها.
أتصور ان التعرض المتكرر لمشاهدة فيديوهات الجرائم المصورة قد يحول الموضوع من مجرد نقل معلومة الى متعة متابعة العنف بالجريمة وربما التعامل مع المجرم كبطل خاصة اذا كان يتمتع بمظهر انيق وقوة !!
نحن بحاجة الى قيام وزارة الاتصالات بدورها فى الاشتراط على الشركات الاجنبية المالكة لوسائل التواصل الاجتماعى تحييد المشاهد العنيفة والتى لاتتوافق مع القيم المجتمعية كما ان هناك مسئولية رئيسية تقع على عاتق الاسرةلمتابعة الابناءفى مراقبة المحتوى الذى يتعرضون له وتوجيههم نحو الاستخدام الايجابى لمواقع التواصل ودعم دور المؤسسات الدينية فى نشر الوعى الدينى السليم لنبذ العنف والالتزام بالتسامح والمحبة والتنسيق والتعاون بين وزارتى التربية والتعليم العالى مع وزارة الثقافة للحد من تنامى هذه الظاهرة وتأثيراتها السلبية ولتعزيز قيمنا الأخلاقية والمجتمعية.