بعد عملية «تفجيرات البيجر» كان من المتوقع أن تشهد الجبهة اللبنانية تصعيداً إسرائيلياً خطيراً وهو ما حدث بالفعل بعد أن نجحت إسرائيل فى شل حركة عناصر حزب الله وقطع خطوط الاتصال بينهم وإصابة عدد كبير منهم حيث شهدت الأراضى اللبنانية بعد هذه العملية غارات إسرائيلية غير مسبوقة أودت بحياة المئات وأصابت الآلاف وتمكنت من اغتيال العديد من قيادات حزب الله وفى مقدمتهم الأمين العام للحزب نفسه حسن نصرالله ومعه عدد من قيادات الحزب لتنتقل سخونة الحرب من غزة إلى لبنان فى خطوة كانت متوقعة فى ظل إصرار بنيامين نتنياهو على إشعال المنطقة فى حروب عبثية لا طائل من ورائها سوى الدمار وقتل وتشريد المزيد من الأبرياء فقط مقابل الاحتفاظ بمنصبه حتى لا تتم محاكمته.
السؤال الذى يتردد الآن بعد كل هذه الغارات الإسرائيلية الكثيفة هل تخطط إسرائيل حقا لاجتياح لبنان؟.. التقارير تؤكد أن هناك بالفعل استعدادات إسرائيلية لعملية عسكرية برية فى الجنوب اللبنانى على غرار الاجتياح البرى الإسرائيلى فى حرب يوليو 2006 والهدف هذه المرة كما تزعم تل أبيب هو القضاء على عناصر حزب الله الذين باتوا يشكلون خطراً على حياة سكان مستوطنات الشمال الذين نزحوا من منازلهم هربا من القصف وتعهدت حكومة نتنياهو بإعادتهم إلى ديارهم مرة أخري.
نعم حكومة نتنياهو المتطرفة تصر على استكمال عدوانها على لبنان ولهذا السبب رفض نتنياهو المبادرة الدولية لوقف النار لمدة ثلاثة أسابيع وإتاحة الفرصة أمام المفاوضات بعد أن أبدى موافقته عليها وهو نفس الأسلوب الذى ينتهجه فى المفاوضات الخاصة بوقف النار فى غزة.. نعم نتنياهو يكذب.. يكذب على الجميع حتى على شعبه وربما على نفسه وبالتالى علينا ألا نبنى آمالا وأحلاما لوقف إطلاق النار فى لبنان وعلينا ألا ننتظر خيراً من مجلس الأمن الذى هو دولى بكل أسف وعلينا أيضا ألا نثق فى الوعود الأمريكية التى تدعو لوقف التصعيد بينما هى فى الواقع تشارك فى هذا التصعيد.. وعلينا أن ندرك أن نتنياهو يريد تكرار ما فعله فى غزة ليفعله أيضا فى جنوب لبنان ليصبح هو الآخر غير قابل للحياة.. إنها سياسة الأرض المحروقة التى ينفذها نتنياهو وسط صمت بل بمعنى أدق عجز دولى تام.
وعلينا أن نعترف أن عملية تفجيرات «البيجر» واغتيال نصرالله كشفت أن حزب الله بمثابة كتاب مفتوح أمام أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية وأن اغتيال قياداته كما حدث مؤخراً بات صيداً سهلاً.. وعلى حزب الله ألا يعول كثيرا على إيران التى أعلنت أنها ضد توسيع دائرة الصراع ولهذا رفضت القيام بأى عمل انتقامى رداً على اغتيال إسماعيل هنية على أراضيها نهاية يوليو الماضي.. يبقى محور المقاومة فى سوريا والعراق واليمن.. هل هذا المحور قادر على ردع إسرائيل ووقف جنون وحماقات قادتها المتطرفين الذين يقودون إسرائيل إلى الهاوية لأنهم يدركون تماما أن القوة مهما كانت لن تحقق لهم الأمن والسلام مهما ارتكبوا من مجازر لكن يبدو أنهم ضعفاء فى التاريخ.. فالشعوب لا تموت ولن تموت.