ما بين عملية «برج القاهرة» و»جيروايلاند» ارادة مصر لا تقبل التفاوض على الارض او الكرامة خلال الفترة بين عامى 1956 و1961 تم تشييد برج القاهرة من الخرسانة المسلحة على شكل زهرة اللوتس المصرية، ليصل ارتفاعه إلى 187 مترًا وهو أعلى من الهرم الأكبر بحوالى 43 مترا، ويتكون من 16 طابقًا ويستند إلى قاعدة من أحجار الجرانيت الأسوانى التى استخدمها المصريون القدماء فى بناء المعابد والمسلات، واستقر الرأى ليكون البرج من تصميم المهندس نعوم شبيب (واحد من رواد المعماريين المصريين وأبو العمارة الحديثة فى مصر)، شارك فى بنائه نحو خمسمائة عامل مصرى وقد بلغت تكلفة بنائه نحو ستة ملايين جنيه فى ذلك الوقت.
ويكون البرج رمزاً لرفض المصريين التنازل عن كرامتهم التى لا تشتري، واعلان دائم للقادم من الأجيال أن يكون البرج معبرا عن رفض المصريين محاولات الغرب لابعاد مصر عن دورها القدرى فى دعم ومعاونة الاشقاء العرب، وكما قال المؤرخ جمال حماد : اطلق المصريون على برج القاهرة «وقف روزفلت» بينما أسماه الأمريكان «شوكة عبد الناصر».
وما أشبه الليلة بالبارحة فقد حاول الغرب استمالة المصريين واستغلال ظروفنا الاقتصادية من خلال المغريات الكبيرة واللامحدودة بهدف التنازل عن القضية الفلسطينية والتساهل فى اقتطاع 700 كيلومتر من أرض مصر فى محافظة شمال سيناء بهدف تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة الى هذه الأرض، وتتحول غزة الى ريفيرا جديدة طبقا لخطة ترامب تجاه غزة، وربما كان هذا هو المعلن أما المسكوت عنه هو تحقيق استيلاء الصهاينة على محور نتساريم وبالتالى البدء فى تنفيذ مخططهم القديم وهو انشاء قناة «بن جوريون» لتوازى قناة السويس وليس بهدف المكسب فهى ستكلفهم المئات من المليارات لطبيعة الارض الصخرية الصعبة ، ولكن الهدف الحقيقى هو حرمان المصريين من أهم عوائدهم الدولارية ومن العملات الصعبة للتأثير على الاوضاع الاقتصادية المصرية.
ويتضح هدف تال وهو رغبة الولايات المتحدة حال حربها المنتظرة ضد الصين أو روسيا فى التعاون مع ولايتها الواحدة والخمسين أو تحقيق الدور الوظيفى من انشاء الكيان الصهيونى فى المنطقة وذلك لضمان مرور القطع الحربية الامريكية عبر قناة بن جوريون خاصة ان مصر ابدت رفضا لسياسة الانصياع للولايات المتحدة، واعلنت المعاملة بالندية، وايضا أقامت تحالفات اقتصادية مع الصين وروسيا فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس مما يضمن دفاعهم عن مصالحهم الاقتصادية واستثماراتهم المستقبلية.
كما لا ينكر أحد رغبة الكيان الصهيونى فى الاستيلاء على حقول الغاز البحرية قبالة ساحل غزة، فضلا عن التخطيط لنقل خطوط الغاز والبترول من الخليج إلى اوربا عبر ميناء غزة المنتظر انشاؤه من قبل الاحتلال.
ومع الصمود المصرى وانتصارنا فى المعركة الدبلوماسية العربية والغربية ما أدى لرفض أنظمة دول العالم وشعوبهم لتهجير الفلسطينيين من أرضهم حتى أن ترامب نفسه تراجع عن خطته فى ريفيرا غزة، وصرح من جديد: «من قال ان الفلسطينيين سيتركون أرضهم» رغم انه قد سلح الكيان الصهيونى بالقنابل «الفى رطل» التى رفض جون بايدن تقديمها من قبل، كما انه ـ دونالد ترامب ـ أعطى الضوء الأخضر لعودة العدوان على غزة.