قبل أيام مضت وفى الايام التالية لعيد الفطر المبارك لهذا العام (2025) وإسرائيل تضيق على أهل القدس فيما يتصل بالمسجد الاقصى الصلاة فيها خاصة بعد «طوفان الاقصي» وأيضا منذ شهور مضت مرت ذكرى حريق المسجد الاقصي.. تلك الذكرى التى تقول أن متطرفا إسرائيليا من أصل أسترالى هو دنيس مايكل روهان، بتاريخ 21 أغسطس 1969 قام بالدخول من باب الغوانمة وإشعال النار فى المصلّى القبلي، وقد شبّ الحريق فى الجانب الشرقى من المصلّى القبلي، وقضت السنة اللهب على واجهات الأقصى والكثير من الزخارف، ومحتويات المسجد من مصاحف وأثاث خشبي، وقد تضرّر البناء، كما أتى الحريق على منبر صلاح الدين الذى أحضره من مدينة حلب بعد استعادة القدس من الفرنجة أثناء ما عرف بالحروب الصليبية .
وعلى إثر ذلك كانت دعوة بمبادرة من الزعيم الراحل جمال عبدالناصر لأوّل قمّة إسلاميّة انعقدت وانبثقت منها منظّمة المؤتمر الإسلامي، واسمها الحالي: «منظّمة التعاون الإسلامي» ولها مؤسّسات منها لجنة القدس التى يتبعها «وكالة بيت مال القدس».
>أولا: وبداية نسأل ما هو «المسجد الاقصي» قيمة وجغرافيا وتاريخ ؟ إن الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى أحد أكبر مساجد العالم وأحد المساجد الثلاثة التى يشد المسلمون الرحال إليها، كما قال نبى الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم؛ وهو أيضًا أول القبلتين فى الإسلام. يقع داخل البلدة القديمة بالقدس فى فلسطين. وهو كامل المنطقة المحاطة بالسور واسم لكل ما هو داخل سور المسجد الأقصى الواقع فى أقصى الزاوية الجنوبية الشرقية من البلدة القديمة المسورة.
تبلغ مساحته قرابة 144000 متر مربع ويشمل قبة الصخرة والمسجد القِبْلى والمصلى المروانى ومصلى باب الرحمة، وعدة معالم أخرى يصل عددها إلى 200 معلم. ويقع المسجد الأقصى فوق هضبة صغيرة تُسمى «هضبة موريا» وتعد الصخرة أعلى نقطة فيه، وتقع فى قلبه.
ذُكر المسجد الأقصى فى القرآن: «سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِى بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ» (الإسراء:1) «1».
ثانيا : اليوم «2025» لا تمر لحظة الا وهناك الكثير من المفاجأت والاحداث تقع فى محيط المسجد الاقصي.. ودائما هو محورها أو ميدانها.. ترى ما السر الكبير الذى يقف خلف هذا التاريخ الجديد الذى يكتبه «الاقصي» كل يوم فى فلسطين المحتلة؟ الامر ليس فقط أمر قداسة تاريخية وحقوق ثابتة فى كل المراجع العالمية حول إسلاميته وعروبته ولكنه -فى تقديرنا- الامر والتكليف الالهى بالحفاظ عليه واعتبار ذلك من شروط الاسلام الصحيح.. وبالمقابل تدعى الكتابات الصهيونية المتطرفة زعما بيهودية المسجد وبوجود مزعوم لهيكل سليمان تحته ومن ثم يواصلون العدوان بأشكال وأدوات إجرامية متعددة الا أن التاريخ يكذب تلك الدعاوى الاسرائيلية المتطرفة ويؤكد على عروبة القدس وإسلامية مقدساتها.
هذا ويشار إلى أنّ الاف المستوطنين المتطرفين اقتحموا المسجد الاقصى عدة مرات بقيادة «إيتماربن غفير والذى ولد فى 6 مايو 1976م وهو سياسى ومحامِِ يمينى متطرف إسرائيلي، يشغل منصب وزير الأمن القومى الإسرائيلى منذ 29 ديسمبر 2022 حتى 2025، عندما غادر هو وحزبه الحكومة الائتلافية احتجاجًا على تبادل الأسرى الإسرائيليين الفلسطينيين وهو زعيم حزب أوتزما يهوديت ««القوة اليهودية»»، معادٍ للعرب» اقتحموا بحجة إحياء ذكرى «خراب الهيكل»، وسط اعتداءات واستفزازات واعتقالات فى صفوف المرابطين والصحفيين.
ومنذ الحريق قبل 53 عاما والمسجد الأقصى يتعرض بشكل شبه يومى لاقتحامات المستوطنين على فترتين صباحية ومسائية، باستثناء يومى الجمعة والسبت، وتزداد كثافة تلك الاقتحامات فى الأعياد والمناسبات اليهودية، فى محاولة احتلالية لفرض التقسيم الزمانى فى الأقصي.
ثالثا: إن المتطرفين الاسرائيلين ظلوا يحاولون منذ 1948 وحتى اليوم 2025إثبات -كما قلنا- مزاعمهم بوجود «هيكل سليمان» تحت المسجد الاقصى وبالتالى يشرعون بضرورة هدم المسجد..لكن كل الحفريات التى قاموا بها لم تجد هذا الهيكل المزعوم بل وجدت أثارا عربية وإسلامية.
>> وهنا نعود الى التاريخ الاسلامى الذى يحدثنا فيقول أن العلاقة المباشرة للنبى محمد صلى الله عليه وسلم وأتباعه بالمسجد الأقصى بدأت منذ ليلة الإسراء والمعراج فى السابع والعشرين من رجب قبل عام من هجرته عليه السلام، فإلى هذا المسجد كان الإسراء بهذا النبى الخاتم ومنه كان معراجه إلى السماء وحتى 16 شهرا بعد الهجرة وعده الرسول صلى الله عليه وسلم أحد ثلاثة مساجد كبرى فى الإسلام لا تشد الرحال إلا إليها لشأنها الخاص فقد بدأت رحلة المعراج من فوق الصخرة المقدسة بالمسجد نفسه.
ويشتمل صحيح البخارى على فصل بعنوان «باب مسجد بيت المقدس» ويحدثنا التاريخ بأن أبى بكر طلب من النبى أن يصف له بيت المقدس إذ سبق لأبى بكر أن زاره فى أسفاره إلى الشام قبل بعثة الرسول ، فكان الوصف دقيق وغاية فى العمق والعلم والاحاطة.
رابعا: إن الواقع الحالى للقدس والاقصى فى عام 2025 وبعد «طوفان الاقصي» يؤكد أن ثمة مؤامرات خطيرة قادمة تستهدف هدم المسجد تحت دعاوى متطرفة.. وهى مؤمرات تقول لنا أن الأقصى فى خطر حقيقى وأنه قد دخل دائرة التدمير الجهنمى وفقاً للأساطير اليهودية الكاذبة منذ سفر «أشعيا» حتى اليوم.. ترى ماذا نحن فاعلون كـ «أمة عربية وإسلامية» لو أصبحنا فوجدنا إسرائيل قد هدمت المسجد الاقصي؟ هل نكتفى كما هى العادة ببيانات الشجب والادانة؟ سؤال برسمنا جميعا!!