كثيرا ما نجد أنفسنا نتساءل عما فعلناه طول اليوم أو طوال الاسبوع او طوال الشهر أو احيانا طوال سنوات العمر.
والاجابة عن هذا السؤال تختلف وتتباين.. ليس فقط من يوم لآخر وأيضا من لحظة لأخري.
فالنظرة التحليلية لما انجزه المرء في فترة زمنية معينة تختلف باختلاف الحالة المزاجية ففي لحظات الرضا النفسي والسلام الداخلي قد نجد انفسنا قانعين بانجازاتنا.. متغاضين عما مر بنا من تجارب محبطة.. أما في لحظات اليأس فقد تبدو الحياة مجرد أيام عابرة.. ونجد انفسنا نتساءل عن جدوي ما فعلناه طيلة سنوات العمر.. التي مرت بنا.. وبعيدا عن البعد النفسي فان كيفية قضاء الوقت لها جوانب عملية ايضا.
وإذا كان الزمن يمكن تصنيفه إلي ماض وحاضر ومستقبل.. فالبعض منا يعيش دائما ملتصقا بالماضي يحيا علي امجاده متناسيا أو متجاهلا الحاجز الذي يفصل بينه وبين الواقع ولا يكف هذا النوع من الناس عن الحديث عن جمال الايام الخوالي ناشدين الراحة في تعمد نسيان المشكلات والافتقار إلي الامكانيات والطموح التي واجهوها انفسهم في ذلك الوقت فتراهم مثلا عندما يتحدثون علي سبيل المثال عن ازدحام الطرق وصعوبة المواصلات لا يفوتون فرصة التحسر علي الايام الماضية عندما كانت الشوارع اكثر هدوءا والحياة ايسر.. وما ينساه هؤلاء انه بمرور الوقت تقدمت وسائل النقل مثلما يحدث الآن من الفريق كامل الوزير وزير النقل مثل المترو وسائر القطارات التي توصل الانسان إلي هدفه في وقت قياسي..
ومثل هذا النوع من الناس الذين يعيشون في الماضي ويكتشفون ان كل شي جميل واطلاق كلمة الزمن الجميل عليها يقولون إن كل شيء اصبح سيئاً الآن ويظل الحاضر تعيسا بالنسبة لهم حتي يصبح هو الاخر جزءا من الماضي ويتحول هذا الجزء الذين فقدوا فرصة الاستمتاع به يصبح هو الآخر جزءا من الماضي وعندئذ يتحول هذا الجزء الذي فقدوا فرصة الاستمتاع به إلي ذكري جميلة للأيام الخوالي.. وعلي النقيض من ذلك هناك نوع من الناس يعيش متعلقا بالأمل في المستقبل بما يحمله من وقائع وأحداث مجهولة فتراهم يفصلون تماما بين الماضي والحاضر والمستقبل وهم دائما مومنون بأن أجمل الايام هي التي لم تعشها بعد.. وقد يخططون لحياتهم العشرين عاما المقـبلة و هكذا فانهم لا يستمتعون مثلا بالوظائف التي يشغلونها في الوقت الحالي لانهم مشغولون طوال الوقت بالتفكير في المناصب التي سوف يصلون اليها بعد عشرين عاما غير واعين فإن ما بين ايديهم الآن هو السبيل الواقعي للمستقبل المشرق.. وهذا النوع من الناس الذين يعيشون الحاضر وعيونهم معلقة بالمستقبل يفقدون فرصة الاستمتاع بالحاضر تماما مثل من يعيشون في الماضي.. ولقد كتب الشاعر الانجليزي المعروف شيلي إذ يقول «اننا دائما ما ننظر للماضي والمستقبل ونتوق إلي ما هو ليس موجودا يجب ان تكون نظرتنا إلي الماضي من منطلق الرغبة في التعلم وليس الندم او الحزن علي ما فات وان تكون نظرتنا إلي المستقبل ملؤها الاستبشار بما هو آت وليس التوجس أو القلق.
ومن الجهود الواعية وضع خط زمني لكل عمل تقوم به سواء في مكان العمل او المنزل.. فالادارة السيئة ليست إلا نتيجة حتمية للعجز عند وقت تحديد وقت انتهاء عمل بعينه وبدء آخر فتحديد الوقت شيء قاطع والاجتهاد في الانتهاء منه هو اول خطوة علي الطريق الصحيح.
والخطوة الاكثر صعوبة هي محاولة عدم التفكير في ما لم يتم انجازه في الخطوة الأولي.
والامر المؤكد أننا لن نستطيع إنجاز كل المهام في الوقت المحدد لها.
اما الخطوة المهمة والاخيرة فهي تجنب فيما يمكن ان يحدث او لا يحدث في المستقبل.
ولابد في النهاية من استغلال الوقت في شيء صغير كأنشطة رياضية أو ثقافية أو فنية.. فالوقت في نهاية الأمر سلعة لا يمكننا تخزينها واللحظة التي تذهب لا تستطيع كنوز العالم أن تجعلها تعود مرة اخري يجب علينا ان نستثمرها بما يصل بنا في نهاية المطاف إلي العيش في سلام مع النفس.