الولايات المتحدة الأمريكية بعد مقتل يحيى السنوار رئيس حركة حماس تقول حان الوقت لإنهاء الحرب، وأنها تأمل أن يستجيب نتنياهو لذلك، ويطالب الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون بانهاء الحرب الإسرائيلية على لبنان، والسؤال المهم الآن هل تتوقف الحرب وهل يجيد رئيس الوزراء المتطرف استغلال اللحظة الراهنة، بعد فشل متكرر فى تحويل ما يقول إنها انتصارات تكتيكية إلى استراتيجية، ولديه فرصة سانحة لحفظ ماء وجه إسرائيل القبيح اخلاقيًا وإنسانيًا وبعد مسلسل الفشل الذريع على مدار عام، الإجابة تشير إلى أنه حراك سياسى ودبلوماسى تقوده الولايات المتحدة لانهاء الحرب واطلاق سراح الرهائن والأسري، أو على الأقل عقد هدنة وهناك معلومات أن انتونى بلينكن وزير الخارجية الأمريكى سيزور الشرق الأسط للحديث المهم أيضا من سيقود المفاوضات من جانب حماس بعد مقتل السنوار؟ تبقى منهم، وفى ظل تأثر قدراتها بطبيعة الحال وأن كانت تنفذ بعض العمليات ضد جيش الاحتلال.
هناك احتمالان أو سيناريوهان يتنبأ بهما خبراء فى اطار قراءة عقل نتنياهو المريض، الأول هل يعتبر مقتل السنوار انتصارًا عسكريًا وسياسيًا وينهى الحرب ويتظاهر أمام الإسرائيليين بالبطل القومى ويضيف هذا الانجاز إلى رصيده من سلسلة اغتيالات واسعة طالت إسماعيل هنية رئيس حركة حماس السابق، وبعده يحيى السنوار، وقادة كثر من حماس خاصة العسكريين، ثم اغتيال ثلاثة أجيال من حزب الله يأتى على رأسهم حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله، السيناريو الثانى أن يستمر نتنياهو فى عدوانه ويسعى لكسب المزيد من المساحات بطبيعة الحال أنه يفكر فى مستقبله ونجاته من مصير المحاكمات ضربات موجعة لإسرائيل على صعيد الخسائر الباهظة فى الأرواح، وفى سمعة إسرائيل نفسها وأمامه حلقات خطيرة لم يحسمها وأهداف لم يحققها منذ أكثر من عام مثل أكثر من مليون نازح إسرائيلى يعيشون خارج مستوطناتهم، وأيضا ملايين الإسرائيليين الذين يفتقدون الأمن أو الشعور بالأمن بسبب اختراق العمق الإسرائيلي، ونتنياهو يراهن منذ اللحظة الأولى على سياسة الضغط العسكرى ولكنه مازال يفشل.
فى ظنى أن نتنياهو سوف يتجه إلى مزيد من المكاسب على الأرض، استغلالاً لما يعتبره انتصارات تتحقق فى اغتيال رءوس حماس وحزب الله، اضافة إلى الضغط الذى يمارس عليه من الوزراء المتطرفين مثل ايتمار بن غفير وزير الأمن الإسرائيلي، ويسلئيل سيموتريش وزير المالية ويطالبان بمواصلة الحرب للسيطرة على كامل قطاع غزة.
نتنياهو بدا واضحًا عقب نشوة مقتل السنوار، قال الحرب لم تنته بعد وان حماس لن تحكم غزة بما يشير إلى استمراره فى غيه ومواصلته العدوان وحرب الإبادة على الشعب الفلسطينى ويدفع ثمنًا باهظًا من الأرواح، والتجويع والحصار.
اشارات نتنياهو عقب اغتيال السنوار، تقول إنه سيواصل الحرب، لكننا فى الوقت نفسه لا نعرف ردة فعل حماس وباقى فصائل المقاومة وأمامها خيارات كثيرة سواء مواصلة القتال فى ظل الظروف الصعبة بعد أن فقدت الكثير من قدراتها وفى ظل الثمن الذى يدفعه الفلسطينيون أو الاستسلام وقبول الخروج الآمن من قطاع غزة، أو تجريد المقاومة من السلاح، وعدم وجود أى صيغة سياسية للحركة فى المعادلة الفلسطينية، أو رد انتقامى الأقرب هو تصفية الأسرى الإسرائيليين .
السؤال المهم والعريض الذى يجب أن نناقشه بعيدًا عن العواطف أو التشكيك وبمنتهى الموضوعية، هل حققت عملية طوفان الأقصى فى السابع من أكتوبر 2023 أهدافها الاستراتيجية لصالح القضية الفلسطينية والشعب الفلسطينى أو حتى لصالح حركة حماس التى تعيش وضعًا صعبًا يزيد عن وضع حزب الله فى لبنان.
بداية أقول إن المقاومة للاحتلال حق مشروع، ولا بديل عنها فى سبيل تحرير الوطن، وهناك دول وأوطان كثيرة سلكت هذا الطريق، ونجحت فى تحرير أوطانها، وأن ما سبق 7 أكتوبر 2023 من ممارسات إسرائيلية وخنق للفلسطينيين وحصارهم وتوسع فى الاستيطان، وقمع وقتل لذلك تظل المقاومة مشروعة لكن ما نتحدث عنه، هو ما هى التقديرات والحسابات التى نفذت على أساسها عملية طوفان الاقصى فى ظل الخسائر الكارثية التى أصابت الفلسطينيين، فلم يتبق فى قطاع غزة شيء، مجرد أشلاء واطلال ثمن باهظ دفعه الفلسطينيون من الارواح والدماء، فالشهداء تزيد أعدادهم على 42 ألف شهيد منهم 17 ألف طفل وهناك 10 آلاف مفقود مازالوا تحت انقاض الدمار والمنازل والمنشآت التى قصفت، وأيضا انتهى أى ملمح للعمران أو الحياة فى القطاع فلا محطات كهرباء أو مياه ولا منازل ولا منشآت حكومية ولا مستشفيات أو مدارس وهذا ما كانت تريده إسرائيل وهناك أكثر من 100 ألف مصاب.
مقتل السنوار رغم أنه جاء من قبيل الصدفة، وليس طبقًا لمعلومات أو نجاح للمخابرات الإسرائيلية، بل لعب القدر دورًا كبيرًا فى اصطياد رأس السنوار فى رفح وهو أكدته وسائل الإعلام الإسرائيلية أن العملية جاءت عشوائية لكنه فتح العديد من التساؤلات عن ما جرى قبل أكثر من عام وأيضا عن اللحظة الراهنة وهل سقطت أوراق المقاومة، وما هو المستقبل فقد دفعت المقاومة الفلسطينية ثمنا فادحا.
الجانب الإسرائيلى رغم الانتصارات التكتيكية إلا أنه استراتيجيًا حصد فشلاً ذريعًا سواء عسكريًا، أو أمنيًا أو مخابراتيًا، ولم يستطع تحقيق الأهداف الكبري، حتى بعد مقتل السنوار مازالت المقاومة تضرب بشكل موجع وآخرها الكمين الثانى فى نفس الموقع ثم لم يتغير موقف الأسرى والرهائن الإسرائيليين لدى حماس، وهم 101 إسرائيلى وخسرت أيضا دوليًا واقليميًا واخلاقيًا واقتصاديًا وفشل منظومة القبة الحديدية، فى التصدى للصواريخ والمسيرات التى أحدثت خسائر فادحة، بالإضافة إلى ما روَّج عن أساطير الأسلحة الإسرائيلية التى دمرتها المقاومة مثل الدبابة ميركافا والمدرعة «النمر» بالإضافة إلى تهجير مئات الآلاف وهجرة عشرات آلاف الإسرائيليين خارج دولة الاحتلال إلى دول أخرى ومن الصعب عودتهم فى دولة لا يشعرون فيها بالأمان أو المستقبل، وهناك خسارة فادحة فى صورة إسرائيل التى بلغت درجة عالية من القبح وعدم الاخلاقية.
السؤال المهم أيضا هل استفادت القضية الفلسطينية من طوفان الأقصي.. نظريًا نعم، فقد باتت هى قضية العالم وبات حل الدولتين هو الطريق الوحيد لأمن واستقرار المنطقة وعدم تجدد الصراع لكن السؤال أيضا هل العالم أو المجتمع الدولى أو المنظومة الأممية لديها الإرادة السياسية أن تحول ذلك إلى واقع المرشح الجمهورى دونالد ترامب هو مرشح للفوز بقوة يقول إن إسرائيل فى حاجة أن تتوسع كونها صغيرة، لذلك أرى أن هذا الحل أو الهدف بعيد المنال.
إسرائيل خسرت كثيرًا، وجنت الفشل، وأيضا أكثر من 150 ألف شهيد وجريح وأن القطاع يحتاج عشرات المليارات ليعود إلى سيرته الأولي، لذلك أقول إن نتنياهو لن يتوقف، وسيواصل المذابح والمجازر وحرب الإبادة ويعيش فى حالة من الأوهام وغطرسة القوة بعد سلسلة الاغتيالات التى طالت قادة حزب الله وحماس وبالتالى نحن أمام اغراء القوة والأوهام وسوف يواصل نتنياهو عدوانه على غزة ولبنان.
فى ظنى أيضا أن المقاومة فى ظل عطرسة نتنياهو وغلق جميع الأبواب أمامها، وباتت تمتلك خيارين الانتحار والاستسلام أو مواصلة القتال والمقاومة، المقاومة الإسلامية أعلنت التصعيد، واعتقد أنها ستواصل القتال أمام غرور وغطرسة نتنياهو لأنها لن تقبل الاستسلام والمصير الأسود، وأيضا فإن أطماع نتنياهو وأوهامه والواقع المغرى الذى يعيشه سيدفعه إلى الاستمرار وهو ما أعلنه بالفعل.. تحيا مصر.
تحيا مصر