ماذا بعد لبنان؟، أو قل من بعد لبنان؟ مرحلة جديدة من التصعيد فى المنطقة، وصلت إلى محطة الجبهة اللبنانية، قد تنذر بحرب شاملة، خاصة بعد سقوط ثوابت كان من المفترض الالتزام بها وهى قواعد الاشتباك لكن إسرائيل، أعلنت بعد سلسلة هجماتها السيبرانية والإليكترونية والتكنولوجية، واختراقاتها لقلب وعقل حزب الله، وشن هجمات وغارات أودت بحياة قيادات عسكرية من حزب الله، لتصل إلى التخلص من قيادات الجيل الأول بعد صالح العرورى وفؤاد شكر وإبراهيم عقيل فى الفترة الأخيرة أو أسماء أخرى على مدار السنوات الماضية، مثل عماد مغنية.
ما يحدث ليس أمراً عادياً، ولن يتوقف عند قطاع غزة، فالأمور تجرى بإيقاع سريع ودائماً لا أفترض حسن النوايا لدى تل أبيب وواشنطن وأجدنى أذهب بعيداً بأن وراء ما يجرى أهدافاً شيطانية أخرى تفسرها المواقف الأمريكية ليست الداعمة بشكل مطلق للعدوان الإسرائيلى فحسب، ولكن الخطاب الأمريكى المتناقض الذى لا ينطلى على عقل طفل، وأبرزها أنها لم تخطر بالهجمات الإسرائيلية سواء على لبنان أو فى مواقع ومجازر كثيرة بقطاع غزة، يخرج الرئيس الأمريكى جو بايدن ينفى إخطار إسرائيل لواشنطن بالهجمات والغارات وفى ذات الوقت يدافع عن حقها فى إعادة المستوطنين إلى مستعمرات الشمال المحتلة وهو ذات الخطاب الذى يعلنه لويد أوستن وزير الدفاع الأمريكي، وهو نفس الخطاب الذى اتبعته واشنطن فى الهجوم والعدوان الإسرائيلى على رفح، وحذرت إسرائيل من ذلك واعتبرته «خطاً أحمر» ثم ضربت إسرائيل عرض الحائط بتصريحات الأمريكان وتحولت واشنطن إلى الدفاع عن العدوان الإسرائيلى على رفح، ولعل دعوتها لعقد اتفاق ووقف إطلاق النار، وإنهاء العدوان تتناقض مع مواقفها السياسية والدبلوماسية فى الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، ولعل موقفها فى التصويت الأخير ورفضها إنهاء الاحتلال الصهيونى للأراضى الفلسطينية المحتلة، يؤكد أن واشنطن تتلاعب بالجميع، وأنها شريك فاعل ورئيسى وليس مجرد داعم لما يحدث من عربدة إسرائيلية فى المنطقة.
ما يشير إلى تورط أمريكي، وأن ما يجرى فى المنطقة هو مشروعها وأن إسرائيل تلعب دور الوكيل المدعوم بالكامل تعكسه سياسات نتنياهو، وإطالة زمن الحرب، وحرب الإبادة التى يقودها ضد الفلسطينيين، وقتله أكثر من 14 ألف فلسطينى بدم بارد، وإسقاط أكثر من 001 ألف جريح، وتشريد أكثر من مليونى فلسطينى فى قطاع غزة، وتدمير القطاع بالكامل وحصار وتجويع سكانه.
فى ظنى أن ما يحدث هو حلقة جديدة لاستكمال المخطط الشيطاني، الذى بدأ بتدمير العراق ثم ثورات الخراب العربى فى 1102، ولذلك ما هو تفسير ما جرى فى سوريا واليمن وليبيا، ومصر التى نجت بفضل الله، وجيشها الوطنى الشريف وشعبها العظيم وقائدها الوطنى المخلص، وما تفسير ما يجرى فى السودان، والقرن الأفريقي، والهجمات الإرهابية، التى بدأت وتيرتها تتصاعد ووصلت ذروتها بوصول جماعة الإخوان الإرهابية إلى الحكم ثم عزلها من قبل الشعب المصرى العظيم، وما تفسير حملات الأكاذيب والشائعات والتشكيك الذى يستهدف الدولة المصرية، وما تفسير محاولات تطويق مصر بحرائق مشتعلة وتأجيج الصراعات من حولها، بالإضافة إلى محاولات ابتزازها والضغط عليها، وتركيعها بمواردها الوجودية، والحصار الاقتصادى لذلك ما يجرى هو محاولات خلق ذرائع على غرار أحداث سبتمبر فى 1102 لمزيد من التقدم للأمام لصالح تنفيذ المؤامرة وتحقيق أهداف الكيان الصهيونى فى التوسع وصولاً إلى إسرائيل الكبرى ثم تحقيق المصالح والنفوذ والهيمنة الأمريكية لما يعنى أن المنطقة يراد رسمها جغرافياً بشكل مختلف، طبقاً لخطة الشيطان، والهدف الأساسى هو المنطقة العربية، لذلك أقول ماذا بعد لبنان ومن بعد لبنان، وبالتالى لا يجب أن ننخدع وألا ينطلى علينا الخطاب الأمريكى ويجب أن نتعامل معه بمنطق أننا نتعامل مع الأفعى التى يجب أن نحترس خشية أن تصيبنا لدغاتها القاتلة، فأمريكا ليس لها أصدقاء أو حلفاء سوى إسرائيل، حتى أوروبا دفعت بها إلى أتون المواجهة مع روسيا فى الحرب «الروسية ـ الأوكرانية» رغم أنها لا ناقة ولا جمل لأوروبا، سوى أن واشنطن سعت لاستنزاف القارة العجوز، وضرب اقتصادها، وتقدم اليورو على الدولار لذلك فإن أمريكا لا تحب أحداً، وهنا يجب أن نلتف جميعاً كعرب أن نسارع إلى تعظيم الوحدة والتقارب والتكامل ولعل العلاقات المصرية ـ مع الأشقاء العرب خاصة دول الخليج ـ هى نموذج للعلاقات العربية، وبالتالى الوطن العربى فى أشد الحاجة، إلى السعى إلى إنهاء الأزمات فى بعض الدول العربية واحتوائها، مثل اليمن وليبيا والسودان، ودعم لبنان.
الاتحاد قوة، وهو ما يجسد أهمية اللحمة والوحدة العربية، فى هذا التوقيت، فربما ليس على سبيل الظنون والتوقعات فما يحدث فى المنطقة، والعربدة الإسرائيلية، وتجاوزها لجميع الخطوط الحمراء، وإصرارها على التصعيد وما تحدث عنه نتنياهو أمس الأول بتغيير الشرق الأوسط، وبات الكيان الصهيونى يتصرف كما قال رئيس الوزراء اللبنانى نجيب ميقاتي، دون أن تقيد أى وزن لاعتبارات قانونية أو إنسانية أو أخلاقية، ولعل سر قوة وجرأة نتنياهو وضربه لكل الاعتبارات والخطوط الحمراء، يكمن فى الموقف الأمريكي، وواشنطن هى التى تخوض هذه الحرب بواجهة إسرائيلية.
المواجهة باتت مفتوحة، لا خطوط حمراء فيها، ولا قواعد اشتباك والجميع سينتظر ردة فعل حزب الله، الذى تعرض إلى ضربات موجعة، كشفت عن حالة الضعف والعوار فى جهازه الأمنى المرصود إسرائيلياً على مدار سنوات ووجود شبكات جواسيس واختراقات بمعلومات وتحركات عن قاعدة الحزب وماذا سيكون موقف إيران خاصة أن حزب الله هو أقوى أذرعها، ولم ترد طهران حتى الآن أو بشأن اغتيال إسماعيل هنية الذى حل ضيفاً على أرضها وفى حوذة أقوى كياناتها العسكرية، لكن الثابت أن اختراق إسرائيل الأمنى والمعلوماتى ونفاذها داخل العقل الإيرانى وفى حزب الله، يؤكد أن الأمور خطيرة على صعيد المواجهة مع إسرائيل وإيران وحزب الله، وعلى صعيد المنطقة لأمريكا التى تحاول غسل يديها أو على الأقل ترفعها عما يحدث تعرف تماماً ماذا تفعل، لذلك تلعب سياسة تقسيم الأدوار، ونتنياهو مطمئن، ليس بسبب الانتخابات الرئاسية الأمريكية أو كونه ينتظر نجاح ترامب ولكن لأن ما يجرى متفق عليه بين الإدارة الأمريكية الحالية، ونتنياهو.. وإلا ماذا يعنى الدعم العسكرى الأخير الذى تقدمه واشنطن لنتنياهو بعد ضربات لبنان، أيضاً فإن الحرب لن تعيد مواطنى إسرائيل إلى الشمال.. إذن ماذا يجرى وما هى الأهداف، وهل لبنان فى خطر، وأن الانتقال إليه، يؤكد أن هناك مخططاً يجرى تنفيذه وصولاً إلى البحر المتوسط، خاصة شرق المتوسط وبالتالى ينضم إلى البحر الأحمر شديد الاضطراب، والسؤال من هو المستهدف بذلك؟ الإجابة ولجميع المصريين الذين يحبون أن ينشغلوا بالتحديات الوجودية لوطنهم، ومزيد من الالتفاف حول قيادتهم الوطنية الشريفة، لذلك ظنى أن قوى الشر أنهت مراحل المؤامرات بالوكالة إلى مرحلة المواجهة المباشرة وبالقوة، وقد تتطور الأمور بحضور واضح وصريح وظاهر للجميع للأمريكان وليس من وراء الستار.
لذلك علينا جميعاً كشعب، ألا نفترض حسن النوايا لأمريكا ونطرح تساؤلات مثل من يتحكم فى من أمريكا أم إسرائيل، الحقيقة أنها شراكة وعقود اتفاق ومصالح بين واشنطن وتل أبيب، لذلك علينا أن ننتظر مزيداً من الاشتعال فى المنطقة، أو الحرب الشاملة على شفا الاندلاع.