ما حدث فى الرياضة المصرية فى أولمبياد باريس 2024، لم يخص لعبة بعينها، ولكنه يشمل كافة الألعاب الفردية والجماعية. كان من المتوقع أن تعود البعثة الأوليمبية بما يتراوح بين 6 و 10 ميداليات على الأقل حسب توقعات مسئولى الرياضة فى مصر، وعلى هذا الأساس شاركت مصر بأكبر بعثة أوليمبية فى تاريخها، ما يقارب 164 لاعباً فى 22 لعبة.
ومن خلال تحليل بيانات لآخر دورات أولمبية سابقة، من حيث الميزانيات المرصودة، وعدد المشاركين وعدد الميداليات، نجد لأول مرة فى تاريخ البعثات الأوليمبية فى مصر تتجاوز الميزانية المرصودة للأولمبياد المليار والربع مليار جنيه، وهو ما تجاوز نفقات إعداد البعثة فى الدورة الأوليمبية السابقة طوكيو 2020، بنسبة 240٪ أى نحو ضعفين ونصف، إذ بلغت بعثة مصر فى أوليمبياد طوكيو حوالى 320 مليون جنيه فقط. فى أوليمبياد طوكيو تضاعفت أيضاً ميزانية الأولمبياد مقارنة بميزانية أولمبياد ريو دى جانيرو 2016، وتضاعفت معها عدد الميداليات، إذ حصدت مصر فى أولمبياد طوكيو 6 ميداليات مقابل 3 ميداليات فى أولمبياد رى دى جانيرو 2016، وهو ما حدث عكس تماماً فى الدورة الأولمبية الأخيرة، ففى مقابل تضاعف الميزانية 240٪، انخفض عدد الميداليات التى تم حصدها مقابل الدورة السابقة بثلاث ميداليات، أى بنسبة 50٪.
بينما شملت البعثة الأولمبية المصرية فى أولمبياد باريس هذا العام 164 لاعباً ولاعبة، استطاع 3 منهم فقط حصد الميداليات، أى بنسبة أقل من 2 % من المشاركين، وهى النسبة الأقل مقارنة بالـ 4 دورات الأولمبية الأخيرة، إذ حققت مصر 4 ميداليات فى أولمبياد لندن 2012، بنسبة 4 % من اللاعبين، فى بعثة قوامها 113 لاعباً، وحققت مصر 3 ميداليات فى أولمبياد ريو دى جانيرو 2016، بنسبة 3 % من اللاعبين فى بعثة قوامها 120 لاعباً، وحققت مصر 6 ميداليات فى أولمبياد طوكيو 2020، بنسبة 4 % من اللاعبين، من بعثة قوامها 164 لاعباً.
ويجب أن نتذكر الثلاث دورات الأولمبية المتتالية التى حصلت فيها مصر على ميداليتين ذهبيتين، وكان لمصر فيها اكبر إنجاز فى تاريخ مشاركتها فى الدورات الأولمبية وهم:
دورة أمستردام 1928، 32 لاعباً فى 5 لعبات فقط، حققت مصر 4 ميداليات (2 ذهب، 1 فضة، 1 برونزية)، بنسبة 12.5٪ من اللاعبين. دورة برلين 1936، 53 لاعباً فى 10 لعبات فقط، حققت مصر 5 ميداليات (2 ذهب، 1 فضة، 2 برونزية)، بنسبة حوالى 10٪ من اللاعبين. دورة لندن 1948، 85 لاعب فى 12 لعبة فقط، حققت مصر 5 ميداليات (2 ذهب، 2 فضة، 1 برونزية)، بنسبة حوالى 6 % من اللاعبين.
وهنا يجب أن نسأل:-
1- ما الاعداد الذى تم، لتأهيل الفرق وأصحاب الألعاب الفردية لدورة باريس.
-2 ما الضوابط والمعايير، التى تضعها الاتحادات المختلفة لاختيار المشاركين فى أى دورة أوليمبية.
-3 ما أوجه الانفاق للموازنة، التى تم رصدها لتأهيل الفرق والأفراد المشاركين فى هذه الدورة.
-4 هل سيتم إجراء تحقيق موسع يبدأ من قيادات وزارة الشباب والرياضة، ويشمل جميع المسئولين باللجنة الأولمبية المصرية، وجميع الاتحادات الرياضية المشاركة فى هذه الدورة، لمعرفة أسباب تدهور المستوى التدريبى والفنى والبدنى
وأخيرا، الرياضة فى العالم أصبحت من أهم جوانب التميز، كما أنها تمثل مورداً اقتصاديا، والدول تنفق عليها أموالا طائلة، وليس مطلوبا أن نخسر بسببها، ثم لا نحقق فيها ما ينبغي، ولذلك يجب ألا تمر أحداث باريس ببساطة، هناك أخطاء فى الاختيارات ومستوى التدريب والسلوك، وكان ينبغى أن تكون هناك مراجعة دقيقة قبل سفر البعثة، ويجب أن يحاسب كل مسئول قصر فى أداء المسئولية. فضلا عن أن الرياضة فى مصر تحتاج إلى تغيير جوهرى فى قوانينها ولوائحها، فكيف نحاسب اللجنة الأولمبية وهى الجهة التى تحكم، والأعضاء هم قيادات الاتحادات، فيجب أن يكون مجلس إدارة اللجنة الأولمبية بكامله من خارج الاتحادات.