شاركت المرأة فى الدعوة إلى دين الله والنصح للمسلمين منذ اللحظات الأولى للدعوة، فالمرأة هو أول من استقبل رسول الله «صلى الله عليه وسلم» وهدّأ من روعه وقدم له حيثيات الاطمئنان بعد عودته من أول لقاء بأمين الوحى سيدنا جبريل فى غار حراء.
فالسيدة خديجة هى من أقسمت لرسول الله «صلى الله عليه وسلم» أن الله لن يخزيه أبداً، وكانت حيثياتها فى ذلك: أنه يصل الرحم ويقرى الضيف ويحمل الكل ويكسب المعدوم ويعين على نوائب الدهر.
المرأة هى التى أنقذت المسلمين بعد صلح الحديبية من إثم عصيان الرسول صلوات الله وسلامه عليه وقد أمرهم الله بطاعته، فاقترحت السيدة أم سلمة على رسول الله أن يخرج إليهم ولا يحدثهم ويذبح هديه ويحلق رأسه ويركب ناقته ويمضى فلما رأوه يفعل فعلوا مثلما فعل.
المرأة هى من جادلت رسول الله «صلى الله عليه وسلم» فيما تراه صوابا فنزل فيها قرآن يحل للمسلمين إلى يوم يبعثون أزمة يوقع الغضب فيها الكثيرين ألا وهى الظهار.
المرأة هى من واجهت سيدنا عمر بن الخطاب وهو ذاهب ليبطش بها وبزوجها فآمن بما آمنت به، وهى التى وقفت فى وجهه تذكره بالصواب وهو يقرر تحديد المهور للسيدات وقد حذر الله سبحانه وتعالى من ذلك.
المرأة هى التى حملت حديث رسول الله «صلى الله عليه وسلم» لينقله عنها الصحابة والتابعين وتابعو التابعين حتى يومنا هذا ،وهى التى تجيب من يسألها وتفتى من يستفتيها وأم المؤمنين السيدة عائشة النموذج الأكبر فى ذلك.
وقد حفظ لنا التاريخ والعلم أسماء كثيرة من المحدثات والفقيهات اللاتى أخذ عنها العلماء الأفذاذ.
إذن كان الوجود النسائى فى موكب الدعوة قويًا وفاعلاًً وذا أثر واضح وظل هذا الأمر قائمًا حتى سقط العالم الإسلامى فى وهدة التراجع، وسيطرت قاعدة «سد الذرائع» على عقول الكثيرين فحرموا الحلال وضيقوا على الناس حياتهم لأنهم تصوروا – لقلة فى العلم– أن الدين قائم على التضييق وليس السعة فصار صوت المرأة عورة وهى قال لها الله «وقلن قولا معروفاً» وصار خروجها للتعلم حراماً ومشاركتها فى الحياة العامة فتنة.
وقد كافح المصلحون على مدى تاريخ التراجع الحضارى ضد هذه الأفكار التى ليست من الإسلام فى شيء.
من هنا فإن مؤتمر الواعظات الأول الذى أقامته الأوقاف هو تدشين لمرحلة جديدة من دخول المرأة إلى مجال تحتاج الساحة الفكرية إليه بشدة ،ليس لأن المرأة كواعظة أمر جديد، ولكنه أمر جاء على علم مؤسسى يعد الواعظة الإعداد الجيد ويستبعد أولئك الذين يتحدثون بغير علم أو الذين يتلقون العلم بعشوائية تضر أكثر مما تنفع، أو أولئك الذين ساروا على أن التشدد والتضييق على الناس تقوى أو أولئك الذين أخذوا علوم الدين ولا معرفة لهم بالواقع المعاش ولم ينالوا من العلوم التى لا غنى للعالم عنها بالإضافة إلى علوم الدين.
هذا المؤتمر ثمرة جهد دءوب قام به المفكر الدكتور محمد مختار جمعة منذ 2017م فى حربه للتشدد ها هى التجربة يصل صداها للعالم أجمع.