هل من الممكن أن تنسى ملامح بيتك والشارع الذى يقع فيه، والحي، وبيوت عائلتك وإخوتك،؟ الكلمات ركضت امامى وانا أتابع قناة (القاهرة الاخبارية) صباحا وهى تقدم تغطية عما يحدث فى قطاع غزة على هذا النحو وبكلمات مقدمة النشرة (قطاع غزة يتحول الى ذكريات فى عقول سكانه بعد الدمار الذى أحدثته فيه آلة الحرب الإسرائيلية) أى أن القطاع، بما يحتويه من مدن ومخيمات تغيرت معالمه بعد أن قضى الاحتلال على مدن بأكملها وبالتالى تغيرت كل المعالم امام سكانه، وكأنه على الشعب الفلسطينى أن يوافق على التهجير، أو خطة الإبادة، أو التجويع بعد ان سجلت مؤسسسات الأمم المتحدة تصريحات لبعض قادة الاحتلال برفضهم دخول المساعدات لأهل غزة، والسؤال، أو الاسئلة الآن هو هل يحاول الصهاينة اغتيال ذاكرة ابناء فلسطين أيضا بهدم مدنهم وأحيائهم وبيوتهم؟ وهل من الممكن اغتيال الذاكرة العامة، او الجماعية. لشعب بكامله؟ وهل ينسى الرجال والنساء وحتى الاطفال ملامح ملامح بيوتهم وشوارعهم وأهاليهم، ومدارسهم، وجيرانهم؟.. ان ما نراه يوميا على كل الشاشات وليس شاشاتنا فقط يؤكد لنا أننا كشعوب عربية لسنا بعيدين عن خطة كبرى لمحونا من خريطة ارضنا وبيوتنا بعد ان تنتهى دولة الاحتلال من الحرب على غزة المستمرة للعام التالي، ومن الحرب على لبنان الآن، اسرائيل هنا هى مخلب امريكا صاحبة المشروع الأصلي، فبايدن اعترف علنا بأنه (إذا لم تتواجد اسرائيل لاوجدناها ) وارسل أساطيله لتحميها من اى قوة عربية تواجهها، ومنذ عقدين من الزمان احتلت أمريكا العراق بحجة وجود أسلحة نووية لديها، وما زالت قواتها هناك، ولديها فى سوريا قوات، وقواعد عسكرية فى اغلب العالم العربي،، إلا مصر.. فهل من الصعب تخيل اننا كمنطقة وأوطان تحت المنظار الأمريكى والتخطيط الذى تنفذه اسرائيل الآن ؟
الحرب على الأطفال
لعلها المرة الأولى فى تاريخ الحروب والنزاعات التى يصبح الأطفال فيها اعداء يجب مطاردتهم وقتلهم، وهو ما حدث يوم الاحد الماضى حين أعتقل الإسرائيليون مجموعة فلسطينية كان من بينها أطفال وأسرى تم الإفراج عنها مؤخرا، أما الحرب الأكبر فهى حرب اغلاق المدارس فى غزة، وإيقاف المساعدات لجعل الأطفال يقفون فى الشوارع يلتمسون أى مساعدات مما ترسل لهم ويمنعها مجرمون الحرب ونرى نحن على الشاشات العشرات يتزاحمون على (حلة) أو أناء كبير وبه سائل ينتظر كل منهم شيئا منه ليعود به إلى أسرته! هذه الاهانة الكبيرة للإنسانية لماذا توافق عليها الام أمريكا التى تضحك على العالم يوميا بلسان وزير خارجيتها بلينكن بأنها توصى اسرائيل بالحفاظ على المدنيين، فأى مدنيين تقصد بعدما هدمت كل ما له علاقة بالحياة المدنية لأهل غزة؟، وأى مدنيين تقصد بعد ان دخل الجيش الاسرائيلى بيروت عاصمة لبنان ليحولها الى مدينة رعب، ويصدر بياناته لاهلها بترك بيوتهم وأحيائهم وقراهم، وليؤكد لنا وللعالم ان صراعه لم يكن مع حزب الله (الذى قتل قياداته بفضل القنابل الامريكية الثقيلة التى أرسلت له) وانما صراع مع كل العرب، فاللبنانيون أيضا عرب وأيضا السوريون واليمنيون والعراقيون، وحلم اسرائيل هو ان تصبح حدودها من النيل للفرات، أى ان تصبح النكبة نكبتين، والمصيبة مصيبتين، وهو ما لن يحدث مهما حدث، ومهما استولت على دعم امريكا، لان مصر لن تسمح، ولان شعب مصر لن يسمح، ولان جيش مصر مستعد، وقوي، ومعه اكثر من مائة مليون مواطن مقاتل.