العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة بلغ شهره التاسع، فبات أشبه بالحمل الكاذب، فلا جنين فى بطن الأم.. لكنها مجرد أوهام، وخيالات وأضغاث أحلام جيش الاحتلال.. وخطة الكيان الصهيونى لم ينجح أحد.. لم يتحقق أى هدف يذكر.. سواء المعلنة أو غير المعلنة.. فشل ذريع.. واستنزاف خطير.. وانعدام وغياب للرؤية وعدم وجود مخرج للنجاج من مستنقع الفشل.. يحفظ ماء وجه الصهاينة القبيح.. ضباط وجنود وآليات جيش الاحتلال تتساقط.. لا توجد سيطرة حقيقية على الأرض.. حتى المناطق التى دمرها جيش العار وقتل الأطفال مازالت المقاومة الفلسطينية تسدد الضربات المؤلمة والموجهة للصهاينة.. وتحولت الأطلال والدمار التى تسبب فيها القصف الصهيونى البربرى إلى أسلحة مضادة لقتل ضباط وجنود الاحتلال.. تفخيخ المنازل المدمرة لحصد أرواح ضباط وجنود جيش الاحتلال.. يتخفى المقاومون الفلسطينيون خلف هذه الأطلال لتنزل ضرباتهم مثل الصاعقة.. على جيش دولة الكيان.
مهما تحدثنا.. فلن نستطيع توصيف الفشل الإسرائيلى الذى دخل شهره التاسع.. فلم يقض على المقاومة.. ولم ينزع سلاحها ولم يقض على قادتها.. أو يضعف قدراتها.. فمازالت الضربات أكثر إيلاماً.. تفضح فشل جيش الاحتلال.. وآخرها عملية مركبة أمس الأول.. تدمير ناقلة الجنود «النمر» التى تبلغ تكلفتها ٣ ملايين دولار.. وزعمت إسرائيل أنها من الأساطير وإذا بها تتحول إلى مقبرة لجنودها وضباطها.. فقدت غايتها فى عملية موجعة لم تحدث منذ يناير الماضي.. وفى نفس اليوم تحصد المقاومة أرواح الصهاينة.. ولم تستطع إسرائيل إطلاق سراح أسراها ورهائنها المحتجزين لدى المقاومة.. بل تتسبب فى قتلهم.. ليشتعل الخلاف والانقسام داخل المجتمع الإسرائيلى سواء على المستوى الشعبى وأسر وعائلات الأسرى أو داخل حكومة أو مجلس الحرب بعد استقالة بينى جانتس وجاونى ايزتكوت.. ومازال نتنياهو يرزح أسيراً لأوهامه.
قادة الجيش الإسرائيلى يفضحون أنفسهم ويكشفون عمق الضعف فى جيش الدفاع.. يطلبون 15 كتيبة إضافية لسد العجز.. يبحثون عن ضباط وجنود ترتعد فرائصهم من الحرب.. والفتن والانقسامات تشتعل بعد إقرار قانون عدم تجنيد «الحريديم»، وعائلات الجنود وتطالبهم بإلقاء السلاح.. وآخرون ينتحرون خوفاً من هول ضربات المقاومة.. وما يرونه بأعينهم من مصير كارثى لزملائهم.. وهنا تغيب الرؤية والقرار العسكرى والسياسي.. تكشف حالة من التخبط والارتباك حول الإجابة عن سؤال الساعة فى إسرائيل.. ماذا عن اليوم التالى لانتهاء الحرب.. أو ما هى أهداف استمرار العدوان.. لا تجد إجابة أو تفسيرا سوى أن نتنياهو يعانى من هواجس الخوف على مستقبله السياسى ومصيره الأمنى أو الخوف من المحاكمات والتحقيقات.
فى ذات الوقت فإن حالة التطرف والجنون المصاب بها ايتمار بن غفير وزير الأمن الإسرائيلى ورفيقه سلبئيل سيموتريتس تزيد الطين بلة.. وتفاقم من أخطاء وارتباك نتنياهو فى ظل الخسائر الفادحة على كافة المستويات والأصعدة سواء العسكرية الميدانية، أو الأمنية، أو الاقتصادية أو السقوط الأخلاقي.. أو الافتضاح السياسى والإدانة الأممية والدولية.. أو قرارات محكمة العدل الدولية والجنائية الدولية.. أو حالة التصعيد ضد إسرائيل من الرأى العام العالمى وتبلغ ذروتها فى الدول الداعمة والمؤيدة للإجرام الإسرائيلى بما يعكس حالة الانفصام والانفصال بين أنظمة الغرب الحاكمة وشعوبها.
على مستوى الأهداف الشيطانية التى تتستر خلفها إسرائيل وعدوانها على قطاع غزة وهى تصفية القضية الفلسطينية. وتهجير سكان غزة، ودفعهم أو إجبارهم على النزوح إلى الأراضى والحدود المصرية من أجل تحقيق أوهام توطينهم فى سيناء.. وهو ما واجهته مصر بحسم قاطع وعبقرية وتحويل دفة هذه المؤامرة لترتد إلى صدور أصحابها خاصة المعسكر «الصهيو–أمريكي»، وبات العالم رافضاً تهجير الفلسطينيين والتأكيد على حقهم فى إقامة دولتهم المستقلة على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية ومصر أيضاً حذرت من استمرار العدوان والتصعيد الإسرائيلى بما يؤدى إلى اتساع رقعة الصراع وفتح جبهات جديدة، والأخطر أننا على بُعد خطوات أو ساعات من اشتعال المواجهة بين لبنان «حزب الله» وإسرائيل بعد الخروقات فى قواعد الاشتباك عقب استهداف قيادات حزب الله بمسيرات وطائرات دولة الاحتلال.. فالمنطقة الآن على شفا اشتعال جديد، وهى على فوهة بركان، قد ينذر أو يؤدى إلى حرب شاملة حذرت منها مصر كثيراً على مدار الـ 9 أشهر الماضية والمنطقة والعالم فى غنى عن تفجر صراعات جديدة.
كل ما سبق معروف ومعلوم لدى الجميع ومعلومات متاحة.. لكن السؤال فى ظل حالة السقوط والفشل الإسرائيلي، أو قل الهزيمة النكراء والخسائر والاستنزاف وما تتعرض له إسرائيل داخلياً من خسائر جسيمة، وخلاف وانقسام يتصاعد وانقسام داخل الجيش، وبين الجيش وحكومة نتنياهو، وحالة الهروب من إسرائيل والمتاهة التى دخل فيها جيش الاحتلال على كافة الأصعدة داخلياً وإقليمياً ودولياً.
سؤالى إلى كل من حرضوا على دخول مصر الحرب رغم أن أمنها القومى فى أعلى درجات الأمان، ولا توجد تهديدات مباشرة على أرض الواقع، هل كانت رؤيتهم صحيحة، هنا السؤال ليس للمتآمرين أو الحاقدين أو العملاء والخونة الذين يسعون بكافة الطرق لتوريط واستدراج مصر، ولكنهم لم يمتلكوا الرؤية والحسابات الدقيقة، وجندوا أنفسهم صُناع قرار وخبراء وهم يرون كيف تنزف إسرائيل وهى أقل وأضعف من الدعايات التى كانت تهول من قوتها وهى الآن تتهاوى ولم تفلح إلا فى قتل الأطفال والنساء والحصار والتجويع.. لكنها فشلت وخسرت كل شيء.
هناك مبدأ ترويجى أو تسويقى يقول «ليه تدفع أكتر.. لما تقدر تدفع أقل».. مصر انتصرت سياسياً ودبلوماسياً وردت المؤامرة «الصهيو–أمريكية» إلى صدور أصحابها.. وحفظت للفلسطينيين قضيتهم وحقوقهم.. والمقاومة تولت هزيمة جيش الاحتلال، وتوجيه ضربات مؤلمة وقاصمة وبات الجميع ينادون بعقد صفقة وقف العدوان الفاشل، وإعلان الهزيمة رسمياً.
قلت إن لدينا قيادة وطنية حكيمة وشريفة لديها رؤية وبُعد نظر وحسابات وتقديرات موقف دقيقة، تحية للرئيس عبدالفتاح السيسي.