يحتفل المسلمون فى يوم الخامس عشر من شهر شعبان بليلة النصف من شعبان وهى من الليالى التى اختصها الله – تبارك وتعالى – بالفضائل والتكريم حيث اختارها الله – سبحانه وتعالى – لتحويل قبلة المسلمين نحو المسجد الحرام إلى آخر الزمان.. وفى هذه المناسبة يجتمع الناس فى المساجد وترفع فى أرجاء المدينة المشاعل والفوانيس والشموع كما يفرشون البسط والسجادات داخل المساجد وعليها الأوانى والأباريق التى امتلأت بالمشروبات التى اعتاد الناس تناولها فى هذه المناسبة ويستمعون إلى مشاهير القراء يرتلون آيات القرآن الكريم.. هذه مظاهر الاحتفال بليلة النصف من شعبان.
والقبلة هى صدر المسجد الحرام وهى جداره المتجه نحو مكة فإذا صلى الناس تجاهها كانت وجوههم ناظرة إلى بيت الله فى ذلك البلد الحرام، وكانت قبلة مسجد الرسول الأولى ناحية « بيت المقدس» لمدة ستة عشر أو سبعة عشر شهراً ثم حولها الله – سبحانه وتعالى – تجاه الكعبة فتحولت فى مسجد الرسول من الشمال إلى الجنوب.
وعن أهمية مكة فإن مكة المكرمة تتوسط اليابسـة وأن ما يحيط بمكة هو العالم بأكمله كما أن لمكة مكانة فى غاية الأهمية ليس فقط بالنسبة للأرض بل للكون كله.. فالقرآن الكريم يقول : (يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان) ولقد توصل العلماء إلى إن قطر أى شكل هندسى هو الخط الواصل بين طرفيه مساراً بمركزه ولو جمعنا أقطار السماوات والأرض لتبين أن الأرض هى مركز الكون فلا يمكن أن تلتقى أقطار الأرض مع أقطار السماوات إلا إذا كانت الأرض هى مركز الكون.. فإذا كانت الكعبة المشرفة فى وسط الأرض وتحت البيت المعمور والأرض والسماوات لها أقطار واحدة فمعنى ذلك أن الكعبة هى مركز الكون وهذا المركز له عند الله من الكرامات والبركات ما أمرنا به أن يتعرض كل مؤمن ومؤمنة لكرامات وبركات هذا المكان ولو لمرة واحدة فى العمر ليؤدى الفريضة.
وعن تحويل القبلة يقول الله تعالــى : (قد نرى تقلب وجهك فى السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون). «الآية 144 من سورة البقرة»
وعن إحياء ليلة النصف من شعبان فإن أول احتفال يعود إلى العصر الفاطمي.. وكان الاستعداد يبدأ فى دار الفطرة حيث تعد كميات كبيرة من الحلوى يستخدم فى إعدادها كميات كبيرة من السكر وذلك لتوزيعها على رجال الدولة القائمين على الجوامع والمشاهد الشريفة.. أما الاحتفال الرسمى فيبدأ بعد صلاة الظهر بخروج قاضى القضاة فى موكب كبير إلى مكان جلوس الخليفة وتكون قد سدت ورشت بالرمل فى الوقت الذى يكون قد اصطف فيه جنود الوالى على جانبى الطريق وعاد الاهتمام بهذه المناسبة فى عصر المماليك، وذلك بالاحتفال به فى حوش القلعة الكبيرة وإقامة الزينات والولائم وتوزيع الصدقات على الفقراء.