لم تعد هناك حاجة للتوضيح والتفسير والشرح لما يحدث فى المنطقة وحولنا، فالأمور باتت مكشوفة، يدركها كل ذى عقل وعين، فما يجرى ليس صدفة أو اعتباطاً فهو مخطط ممنهج، وتمت هندسة الصراعات والأزمات، والإضعاف والإسقاط، وإشعال الفتن بين الدول وشعوبها، من خلال مؤامرة حيكت بأيادى الشيطان، وأدرك الجميع الآن أنه لا حل ولا سلاح أقوى من الاصطفاف الوطنى والالتفاف حول القيادة السياسية والجيش الوطني، والاحتشاد حول الدولة الوطنية ومؤسساتها، وأن نتحلى بالوعى الحقيقى والفهم الصحيح لما يجرى فقد دفعت شعوب الدول التى انهارت ثمناً فادحاً وباهظاً بسبب سقوطها فى مستنقع الخداع، والتضليل وغياب الوعى الحقيقى وأصبحت ضحية تنزف بغزارة بسبب نجاح الوقيعة والفتن بين أبناء الشعب الواحد.
ما يحدث من حولنا لم يكن صدفة، بل كان مرسوماً ومخططاً، فضرب العراق والإجهاز على جيشها الوطنى بعد عقود طويلة من أحداث الانقسام والفتن والوقيعة بين جميع أطياف الشعب العراقي، ولم يكن ذلك صدفة، بل لصالح الكيان الصهيوني.
ما حدث فى مؤامرة الربيع العربى فى 1102 لإسقاط بعض دول المنطقة وإشاعة الفوضى هو مخطط شيطانى إن لم يكن أسقط بشكل كامل بعض الدول فهو أضعفها ومهد الطريق أمام سقوطها لاحقاً بعد تعرضها للاستنزاف والتفكيك التدريجي، فقد سقطت الدولة الوطنية الليبية سريعاً، وبعدها اليمن، وسقطت سوريا بعد أكثر من 21 عاماً من بث الفتن والانقسام والاستنزاف، وتحوَّلت إلى ساحة للصراعات والاقتتال والإرهاب والتدخلات الأجنبية، واحتلال أراضيها، وتعدد الأعلام والرايات، ودعم الميليشيات المسلحة فى إطار حرب الوكالة نيابة عن دول تمثل محور قوى الشر والمؤامرة، حتى سقطت فى أقل من 21 يوماً على يد الفصائل المسلحة التى تحمل مسميات مخادعة جبهة تحرير الشام، وللأسف الشديد، لم يكن لدى نظام بشار الأسد الذى سقط فى أيام معدودة أى رؤية أو مقاربة تعيد لحمة الشعب السورى أو مصالحة وطنية مع أطياف الشعب والمعارضة الوطنية بعيداً عن الميليشيات والجماعات الإرهابية، ولكنه اكتفى بدعم ومساندة والاستقواء ببعض الدول، بطبيعة الحال «ما صك ظهرك مثل ظفرك» ولم يعد للدولة الوطنية السورية ومؤسساتها اعتبارها وقوتها وقدراتها، لذلك أصبح سقوط سوريا خطراً داهماً على المنطقة العربية ومكسباً وغنيمة للمشروع الصهيو ـ أمريكي، لكننى أسأل أين تبخر الجيش السورى فى لحظات، هل انتهى المشهد فى سوريا لصالح الميليشيات الإرهابية وداعميها أم أن هناك مقاومة وطنية ستظهر فى الأفق فى هجمات ارتدادية، هذه المقاومة أو القوى الوطنية يمكن أن تضم، عناصر وقيادات وضباط شباب من الجيش السورى النظامى الذى تعرَّض للتفكيك، وأيضاً شرفاء سوريا، لأنه ليس من الطبيعي، أن يتحدث الجولانى قائد الميليشيات الإرهابية عن تفكيك الجيش وحل مؤسساته وأسلحته، وتسليم أسلحته الاستراتيجية إلى منظمات دولية يعرف الجميع من هى ثم إلغاء التجنيد الإجباري، وقصر التجنيد على التطوع لتصبح سوريا بلا جيش، وبلا أنياب، مستسلمة مستأنسة، مستباحة من الكيان الصهيوني. يعيث فيها توغلاً واحتلالاً وطرداً لسكانها حتى بات على مشارف 52 كيلو من العاصمة دمشق، والسؤال لمصلحة من ومن المستفيد، وما علاقة هذه الميليشيات بالكيان الصهيونى حيث أعلن الجولانى أنه لن يدخل فى صراع مع إسرائيل، بذريعة أن سوريا منهكة، والسؤال ألم تكن سوريا منهكة لإعلان الحرب على الدولة الوطنية السورية وضرب مؤسساتها فى مقتل والإجهاز على جيشها ومؤسساتها الوطنية، وهل تبقى الجولان ومساحات أخرى شاسعة انضمت إلى الأراضى التى احتلتها إسرائيل قبل عقود فى يد إسرائيل إلى الأبد، وأين الخوف والغيرة على سوريا وشرف الوطنية، والكيان الصهيونى يحتل أراضى سوريا ويعيث فيها فساداً وتدميراً.
لم يكن صدفة، ما يحدث فى السودان من اقتتال أهلي، ودماء تنزف من أبناء الشعب السودانى الشقيق ودعم ميليشيات من الخارج من أجل تدمير السودان، وإسقاط الدولة الوطنية وعلينا أن نفهم لماذا السودان وليبيا، الدولتان الشقيقتان المجاورتان لمصر، وبحدود تصل إلى ما يزيد على ألفى كيلو متر، غرباً وجنوباً لذلك فالهدف يبقى مصر، ومحاصرتها وتهديد أمنها ومحاولات فرض أمر واقع عليها، والتآمر من أجل تصدير الفوضى والإرهاب لها ثم لماذا بناء السد الإثيوبى وتعنت أديس أبابا، رغم أن بناء السد لا يحمل أى أهداف اقتصادية أو تنموية. إلا محاولات ابتزاز وتركيع مصر، وهذا لم ولن يحدث، ثم السؤال ما علاقة طوفان الأقصى بما جرى فى المنطقة من خراب ودمار فى دول المنطقة فى لبنان وسوريا، وتدمير كامل لقطاع غزة واستشهاد أكثر من 54 ألف فلسطينى 07% منهم من الأطفال وأكثر من 001 ألف مصاب، وآلاف المفقودين ولم يتبق من القطاع أى ملامح للحياة، فى ظل حرب الإبادة الصهيونية على غزة، وما سر التصعيد الآن فى الضفة والسؤال ماذا حصدت وجنت فلسطين من طوفان الأقصى سوى الخراب والدمار، وتدمير لبنان وإسقاط سوريا وتسليمها إلى الميليشيات الإرهابية حتى حزب الله انتهى نظرياً بعد قطع الإمدادات عنه من سوريا، وفى الطريق الحوثيون، فى اليمن، لذلك فإنه مطلوب بحث ودراسة طوفان الأقصى وأسبابه وأهدافه، وتداعياته على المنطقة.. كل ما جرى فى العقود السابقة والسنوات السابقة اعتبره أشبه بالقتال التعطيلى أى تعطيل «المشروع الصهيو ـ أمريكي» أنه لن يتحقق سوى باستهداف مصر العظيمة، ومصر بقيادتها الحكيمة الوطنية الشريفة، وشعبها الواعى الذى ينتفض مثل المارد عندما يستشعر الخطر على وطنه وجيشها الوطنى العظيم القوى والقادر هذه المعادلة الثلاثية الاستثنائية المتلاحمة كالبنيان المرصوص وتظل مصر عصية، شديدة الصلابة والصخرة التى سيتحطم عليها مشروع الشيطان الصهيو ـ أمريكى فى شرق أوسط جديد تعاد صياغته، وتقسيم دولة.