مصر تواجه تحديات وتهديدات ومؤامرات غير مسبوقة.. تستهدفها بشكل مباشر.. فما يجرى من حولنا يشير إلى عملية تطويق وحصار وخنق.. سواء بإشاعة الاضطرابات والفوضى فى جوارنا على كافة الاتجاهات الإستراتيجية.. أو حتى فى البر والبحر.. مثل ما يحدث جنوب البحر الأحمر.. فى باب المندب ويستهدف قناة السويس.. وهو ما يشكل حلقة من حلقات التضييق والخنق والحصار الاقتصادى.. القضية الآن ليست فى أسعار أو أكل أو غيره.. كله متوفر.. لكن الأمر حرب ضد مصر.. ومعركة البطل فيها المصريون.. بوعيهم.. واستدعاء إرادة التحدى.. وباصطفافهم خلف قيادة وطنية شريفة واستثنائية.. بما لديها من حكمة وشموخ ورؤية وشرف.
الرهان الحقيقى لمصر على وعى المواطن.. هو صمام الأمان والأكثر فهماً لما يجرى من أحداث وصراعات وتوترات وتصعيد فى المنطقة.. وما يدور فى فلك العالم من تطاحن وصدامات للقوى الكبرى سواء للحفاظ على مكتسبات ونتائج ونفوذ وهيمنة النظام العالمى القائم.. أو سعياً لتغييره بنظام عالمى جديد متعدد الأقطاب يرسخ التوازن.. والعدل.. ويقضى على ازدواجية المعايير ويدعم الأمن والسلام والاستقرار.. وبطبيعة الحال هذا الصراع القائم له تداعياته ونتائجه الكارثية على دول العالم خاصة النامية.. أو تلك التى تتأهب لأخذ مكانها فى المقدمة سواء فى شكل صعوبات وتحديات اقتصادية قاسية.. أو ضغوط شديدة وصولاً إلى مؤامرات ومخططات وأطماع خاصة من قوى النظام العالمى القائم التى تسعى إلى تثبيت ركائز هذا النظام والحفاظ عليه دون تغيير.. بل وتسعى إلى مد وتوسيع مناطق النفوذ وفق صياغات جغرافية جديدة.. سواء لتنفيذ مخططات قديمة.. أو تحقيق مصالح اقتصادية فى السطو على مقدرات وثروات الدول أو تفكيك الدول وإسقاط مؤسساتها.. وتحويلها إلى فوضى.. بما يسهل عملية سلب هذه المقدرات من طاقة.. ومعادن ومناطق نفوذ إستراتيجية.
الحقيقة أن الأزمة الاقتصادية التى تعيشها مصر لم تكن صدفة على الإطلاق.. لكنها فى الأساس نتيجة تطاحن القوى الكبرى وصراعاتها على ماهية النظام العالمى القادم.. هل هو القائم بقوة وحسم أكثر وضوحاً أم جديد ينهى حالة البؤس الإنسانى فى العالم.. وما يتعرض له من ويلات غياب العدالة؟
الجانب الآخر والأكثر وضوحاً أن الأزمة الاقتصادية فى مصر.. وإن كانت محصلة أزمات عالمية.. لكن الجانب الأكثر بروزاً أنها ممنهجة ومتعمدة ومقصودة ومخططة.. ولم تأت صدفة أو اعتباطاً لأسباب كثيرة.. أولها محاصرة المشروع الوطنى المصرى لتحقيق التقدم لضربه أو تعطيله.. لأنه حقق نجاحات مدوية على طريق البناء والتنمية والطموح المتعاظم وغير المحدود للدولة المصرية بقيادة رئيس عظيم واستثنائى يتمتع بأعلى درجات الرؤية والحكمة والشموخ.. وقوى الشر ترى أن فى تقدم مصر وقوتها وقدرتها وتعدد مجالات هذه القوة.. يمثل حائلاً دون تحقيق الأهداف الشيطانية والتوسعية التى تخطط لها قوى الشر.. والدليل على ذلك المخطط الذى يحاولون تنفيذه فى قطاع غزة بتصفية القضية الفلسطينية وتهجير سكان القطاع خارج أراضيهم ودفعهم جبراً إلى الحدود المصرية بهدف تنفيذ مخطط توطينهم فى سيناء.. وهو ما رفضته مصر بشكل قاطع وحاسم.. بل وحذرت وهددت فى حال الإقدام على ذلك بأنه قد يجر مصر إلى الحرب.. وأكد الرئيس السيسى أنه لن يحدث «ومحدش يقدر».. وقالها من قبل أيضاً بشموخ وشرف «يا سيناء تبقى مصرية.. يا نموت على أرضها».
انطلاقاً من رفض مصر القاطع والحاسم لمخططات تصفية القضية الفلسطينية وتوطين الفلسطينيين فى سيناء على حساب الأراضى المصرية والأمن القومى المصري.. وأيضاً وبسبب قدسية القرار الوطنى المستقل والشريف.. والسيادة الحازمة على كل شبر من أراضيها.. ورفضها التنازل أو التفريط فى حبة رمل واحدة وأيضاً بسبب نجاحات وإنجازات وطموحات لا محدودة للمشروع الوطنى المصرى.. والذى يستند على رؤية رئاسية تحقق آمالاً وتطلعات إلى واقع وبلا حدود.. جاء الاستهداف المنظور والمشهود لمصر.. ومحاصرتها بالصراعات والحرائق والنزاعات من كافة حدودها على جميع الاتجاهات الإستراتيجية وأيضاً محاولات الحصار والخنق والتضييق الاقتصادى عليها والتى أرى أن صناعة صراع بين «روسيا – وأوكرانيا» جزء من هذا الحصار لما له من تداعيات اقتصادية خطيرة نجم عنها اختلال فى سلاسل الإمداد والتوريد وزيادة غير مسبوقة فى أسعار السلع الأساسية والإستراتيجية وأسعار الطاقة.. وأيضاً رفع الفيدرالى الأمريكى لمستويات الفائدة.. وتطفيش الأموال الساخنة من مصر.. جزء أساسى من هذا الحصار.. ولا يغرنا بُعد المسافات.. فقوى الشر تعرف ماذا تريد وكيف تخطط لشرورها ومؤامراتها وتسعى لخلق أزمات اقتصادية قاسية لاستعادة سيناريوهات الربيع العربى المشئوم بتحريك الشعوب من الداخل تحت وطأة الأزمة الاقتصادية التى فرضت عليها.. ولكن المفاجأة المدوية هى الوعى الحقيقى والفهم والإدراك العظيم لدى المصريين لما يحاك لوطنهم.. وأيضاً صدق القيادة السياسية وحجم النجاحات وما تحقق من أمن واستقرار.. ودروس الماضى بالإضافة إلى خصوصية الشخصية المصرية فى اصطفافها خلف القيادة والوطن عندما تستشعر الخطر على الوطن وتدرك أن هناك مؤامرة تستهدف وجوده وأمنه واستقراره.
لذلك لم تأت الأحداث الإقليمية والدولية فى البر والبحر صدفة أو اعتباطاً.. فعلى مدار التاريخ المصرى الضارب فى الجذور لم يسبق لمصر أن تواجه هذه التحديات والتهديدات من كافة الاتجاهات الاستراتيجية.. من حرائق وصراعات وسقوط الدولة الوطنية ومؤسساتها واقتتال أهلي.. ومؤامرات تحاك لإشاعة الفوضي.. أو محاولات السيطرة على البحر الأحمر.. وخلق صراع محتدم فى جنوبه.. وترسيخ مبدأ عدم الأمن فى باب المندب وهو بشكل مباشر يلحق الضرر بمصر.. خاصة قناة السويس أهم ممر ملاحى فى العالم.. تتعاظم قدراته وإيراداته سنوياً حتى وصل إلى ٠١ مليارات دولار.. لذلك قوى الشر فى إطار حصارها الاقتصادى على مصر تسعى إلى حرمان مصر من هذا الإيراد الدولارى الذى كان من المفترض يتجاوز هذا العام الـ٠١ مليارات دولار سنوياً.
اسأل المواطن المصري.. هل رأيت من قبل مثل هذه التحديات والتهديدات والضغوط التى تواجه مصر.. وماذا عن موقفك من هذه الضغوط والإغراءات للتنازل أو التفريط فى قدس الأقداس هو تراب مصر وأنت صاحب الحضارة والشرف والتاريخ العريق.. هل تنكسر وتستسلم.. أم تقاوم وتتحمل وتتحدى وتنتصر؟.. تاريخك وأمجادك يقولان إنك قادر على التحدي.. وإرادتك لم ولن تنكسر يوماً.. إذن هى معركة غير مسبوقة فى حجم تحدياتها وتهديداتها.. وضغوطها وحصارها الخانق.. لابد أن تخوضها وتنتصر مثل ما فعل الأجداد والأحفاد الذين ضحوا بأرواحهم ودمائهم وبالغالى والنفيس وتحملوا عن رضا صعاباً قاسية.. من أجل أن يسلموا لك الوطن دون نقصان أو تفريط.. وسلموا لك الراية عالية خفاقة.. والهامة مرفوعة فى عنان السماء.. لذلك إياك أن تنزلق أو تستجيب لطوفان الأكاذيب والشائعات والتشكيك والتشويه.. فهم يريدون أن يفقدوك أعظم ما لديك.. هى إرادتك وقوتك وقدرتك على التحدى التى لطالما صنعت الأمجاد والانتصارات والأمن والاستقرار.. يكفيك أن وطنك يغيث المستغيثين.. والفارين من ويلات المؤامرات التى نجحت فى بلدان أخري.. وجحيم الفوضى والاقتتال والإرهاب والسقوط.. فالبلدان التى تسقط ربما يستحيل عودتها من جديد.. يقيناً أنت لها.. فأنت الهدف بالنسبة لقوى الشر.. يريدون إحباطك وكسر إرادتك حتى تستسلم.. لكن لن يحدث فأنت لديك ثقة بلا حدود.. فى قيادة سياسية وطنية استثنائية نفخر جميعاً بشموخها.. وحكمتها وإرادتها وشرفها الوطنى.
لذلك.. أدعو المواطن المصرى لتأمل المشهد الإقليمى.. ثم محيط وجوار مصر.. ثم ما يجرى فى البر والبحر من حولها.. ثم الصراعات فى العالم.. ثم الأطماع والمخططات والأوهام التوسعية القديمة.. ثم محاولات رسم صياغة جغرافية وسياسية جديدة للمنطقة بحيث تسهل عملية تنفيذ المخططات فيها ومحاولات التخلص من القوى الإقليمية الكبرى أو تحييدها أو إضعافها من أجل أهداف قوى الشر.. لذلك ليس صدفة ما يحدث فى الجنوب حيث السودان.. وإشعال الحرائق فيه.. وتسخين الداخل السوداني.. باقتتال أهلى.. وهو أمر شديد الارتباط بالأمن القومى المصري.. وتجمعنا حدود تصل إلى ٠٨٢١ كيلو متراً.. بالإضافة إلى حجم الثروات المختلفة فى السودان.. ومحاولة إخراجها من المعادلة.. والعمل على إسقاطها لتسهيل ابتلاع ثروات السودان لصالح ومصالح قوى الشر.. وليست ليبيا عنا ببعيد.. فهى فى الاتجاه الغربى تجمعنا بها حدود تصل إلى ٠٠٢١ كيلو متر.. ومازالت تعانى من الانقسام والتدخلات الأجنبية.. ووجود حكومتين فى البلد الشقيق.. وتسعى مصر إلى جمع الأشقاء على طاولة واحدة.. حفاظاً على وحدة وسلامة الأراضى الليبية.. وتوحيد صفوفهم.. والتوافق بينهم والتعجيل بإجراء الانتخابات.. ورفض محاولات التدخل الخارجى فى الشأن الليبى.. وهناك أيضاً فى الشرق.. والشمال الشرقى.. تهديد هو الأخطر بسبب التصعيد العسكرى الصهيونى لمحاولة القضاء على مقومات الحياة فى قطاع غزة وتدمير الحجر والبشر.. حتى وصل عدد الشهداء إلى أكثر من ٦٢ ألف شهيد ويعانون من مأساة إنسانية حقيقية.. فلم يعد فى غزة أى شيء.. ضربوا المستشفيات والمخابز ومحطات المياه والكهرباء.. ومنعوا دخول المساعدات الإنسانية.. يتضورون جوعاً وفزعاً ورعباً.. ويواجهون آلة القتل الصهيونية.. فى محاولة لإجبارهم على النزوح إلى الأراضى المصرية فى مواجهة موقف شريف وحاسم وقاطع.. يرفض بحزم تصفية القضية أو التهجير.. أو التوطين.. ويبذل جهوداً على مدار الساعة لإنقاذهم.. بإنفاذ المساعدات المناسبة والكافية والمتسقة مع حجم الكارثة الإنسانية للأشقاء.. فى ظل عالم تسود فيه قوى الشر.. عالم بلا قلب.. حتى منظمة «الأونروا» للأعمال الإغاثية قطعوا عنها الدعم فى مؤامرة كاملة لإبادة الشعب الفلسطينى وتجويعه وحصاره.. فإما يموت بالقصف والقتل.. أو يموت جوعاً وحصاراً.. ويتحدثون عن الإنسانية وحقوق الإنسان والحرية والديمقراطية وما هم إلا شياطين.. لا يعرفون الرحمة أو العدل وهو ما يلقى تحديات جساماً على مصر التى تقف كالجبل الشامخ.. تدافع عن سيادتها.. وحقوق أشقائها المشروعة وسط حملات من الأكاذيب والتشويه من قوى الشر وأدواتها من الإخوان المجرمين.. هؤلاء العملاء والمرتزقة والخونة.
ليس هذا فحسب.. فلم يكن صدفة ما يحدث فى جنوب البحر واستهداف الملاحة فى باب المندب حتى يلحق الضرر بالملاحة فى قناة السويس.. وخفض إيراداتها التى وصلت إلى ٥٣٪ انخفاضاً بسبب صناعة التوتر والصراع فى البحر الأحمر.. وليس صدفة ما يحدث فى الصومال من توقيع إثيوبيا مع الحركة الانفصالية غير الشرعية وغير المعترف بها مذكرة تفاهم.. تحوذ أديس أبابا على مساحة ٠٢ كيلومتراً على البحر الأحمر بالإضافة إلى قاعدة عسكرية وهو ما يشكل تهديداً إقليمياً جديداً.. وصفت مصر هذه الخطوة بأن إثيوبيا تشعل الاضطرابات فى المنطقة وتهدد أمنها واستقرارها.. وهل صدفة سباق التصنيفات الاقتصادية الدولية والتابعة لمصر فى هذا التوقيت.. وهو ما يشوش على راغبى الاستثمار فى مصر.. وهو من أفضل وأنجح الاستثمارات فى العالم بسبب ما تتمتع به مصر من مناخ ومزايا ومقومات توفر له سبل النجاح.. ومحفزات وتيسيرات وبنية تحتية وتشريعية وموقع إستراتيجى فريد وتوافر مصادر الطاقة.. ومناخ سياسى فى أعلى درجات الأمن والاستقرار.
هل ما تتعرض له مصر من ابتزاز ومساومات صدفة.. هل وضع مصر بين خيارين إما التفريط والتنازل والموافقة على مخططات الشيطان على حساب أرضنا المقدسة أو حصار وتضييق.. وشدة اقتصادية مع سبق الإصرار والترصد؟.. مصر لم ولن تقبل محاولات التركيع أو الخضوع أو الإجبار على التنازل والموافقة.. «مصر – السيسى» قررت التحدي.. واعتبرت أنها معركة تخوضها مثل معارك كثيرة خضناها وانتصرنا فيها.. وسوف نحسم هذه المعركة بالنصر لا محالة طالما أننا على وعى.. وعلى قلب رجل واحد.. شعارنا وعقيدتنا «كله يهون إلا بلدنا أغلى ما لدينا».
عزيزى المواطن المصرى الصلد والصلب.. أنت الهدف.. لذلك هل محاولات خنق وتطويق مصر صدفة.. ما يحدث فى غزة هدفه مصر.. وما يحدث فى السودان هدفه مصر.. وما يحدث فى جنوب البحر الأحمر.. هدفه مصر.. وما يحدث فى الصومال هدفه مصر.. وما يحدث من أزمات اقتصادية عالمية هدفه مصر.. وتطويقها.. والقضاء على مقومات قوتها.. وموقعها الإستراتيجى.. قناة السويس.. نهر النيل.. فمن كان يتوقع أو يحلم أن تتحول دول الجوار الشقيقة إلى تهديد مباشر للأمن القومى المصرى.. كل ذلك يجرى ويستهدف مصر.. هل تدرى لماذا؟.. ببساطة.. لأن مصر هى الشوكة التى تقف فى حلق المؤامرة.. وتتعامل بشرف وشموخ.. وترفض أن تركع أو تتنازل أو تفرط.. وأيضاً لأن مصر تقوى وتتقدم وتحقق الإنجازات والنجاحات المدوية.. وتصل بثبات وثقة إلى أهدافها وترفض الاستقطاب.. لذلك يريدون إضعافها وحصارها وتركيعها.. فكل ما يجرى مخطط ومقصود وممنهج وليس صدفة.. ولم يأت اعتباطاً.. لأن مصر ترفض بشموخ وكبرياء التنازل عن ثوابتها ومبادئها ومواقفها الشريفة.. فالمؤامرة مازالت مستمرة.. والبطل الحقيقى فى دحرها وإجهاضها أنت عزيزى المواطن المصرى البطل.. قادر على التحدى وتحقيق النصر.. المسألة ليست أسعاراً أو معاناة فى التوقيت الحالى.. إنها معركة مقدسة.. معركة وجود وبقاء ومصير.. إما أن تكون أو لا تكون.. إما تبقى أو لا تبقى.. لذلك.. وعيك وصبرك.. واصطفافك أهم أسلحة النصر… وتذكر أن الأجداد والآباء صانوا العهد والأمانة.. وسلموا مصر لك حرة أبية.. وضحوا بأرواحهم من أجل ترابها.. لذلك قف إلى جوار قيادة وطنية مخلصة وشريفة واستثنائية.. قادرة بالتفافك ووعيك على عبور التحديات والتهديدات غير المسبوقة.. شعارنا يا مصر الجبل ما يهزك ريح.