العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة الذى استمر أكثر من 15 شهراً حدد أهدافاً كبري، شيطانية، غير معلنة، وهى تصفية القضية الفلسطينية، وهذا لن يتحقق إلا بأمرين، تهجير سكان القطاع، وإجبارهم على ذلك من خلال حرب إبادة شاملة قصفاً وتفجيراً، ومن ثم قتلاً، وحصاراً وتجويعاً وتدميراً لجميع مقومات الحياة، وبالتالى دفعهم إلى الحدود المصرية، لتتحقق أهم أهدافه فى توطين الفلسطينيين فى سيناء على حساب الأرض المصرية، وتهديداً لأمنها القومي، وتصدير المشاكل والأزمات لها، من هنا يتضح سبب صناعة الإرهاب فى سيناء، ونقل أباطرته إليها، وارتكاب جرائم استهدفت الجيش والشرطة وأهالينا فى سيناء، ومحاولات مستمرة لإضعاف السيطرة المصرية عليها وحاولت الجماعات الإرهابية أن تضع يدها على مجرد قطعة من أرض سيناء لترفع عليها راية هذه الميليشيات التكفيرية، لكن هذه قطعت تبددت ولم تفلح فى كل المحاولات حتى القضاء الكامل على الإرهاب فى سيناء، بفضل بطولات وتضحيات رجال شرفاء من الجيش المصرى العظيم والشرطة الوطنية ومواقف المصريين الشجاعة والشريفة فى سيناء.
لم تفلح إسرائيل، ومن يقفون وراءها بالدعم والسلاح والمال، والبوارج والأساطيل والمقاتلات الحديثة والصواريخ المتطورة، كل ذلك تهاوى وتحطم على صلابة الموقف المصري، الذى أعلنه الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ الوهلة الأولى لاندلاع العدوان الصهيونى على قطاع غزة وفى كشف كامل لنوايا وخطط وأهداف إسرائيل، قال لا تصفية للقضية الفلسطينية، ولا تهجير لسكان قطاع غزة ولا توطين لهم فى سيناء، واعتبر هذا الأمر قضية أمن قومى لا تهاون أمامها وهى خط أحمر، ورفض كامل لفكرة التهجير، لأى مكان، وبشكل خاص على حساب الأراضى المصرية وأن هذا لن يحدث.
بعض المأجورين والأبواق الإخوانية المعادية شنت حملات ضارية ضد مصر لتشويه دورها وموقفها، والتشكيك فى نواياها، بل والغريب أنهم طالبوا بفتح الحدود المصرية أمام الفلسطينيين من قطاع غزة.. وزايدوا على مصر.. وقالوا لماذا لا تعامل سكان قطاع غزة مثل السودانيين والسوريين واليمنيين الذين استقبلتهم، إجابة الرئيس السيسى كانت ومازالت تاريخية ودرساً فى الشرف، والإخلاص الوطني، وللقضية الفلسطينية، قال إن السودانيين والسوريين واليمنيين جاءوا إلى مصر باحثين عن الأمن والأمان من اقتتال داخلى داخل دولهم، أى أن القتال أو الاقتتال بين أبناء الشعب الواحد، «سودانيين فى سودانيين»، و«سوريين فى سوريين»، ويمنيين فى يمنيين، وعندما يتوقف هذا الاقتتال الداخلى أو الأهلى ويعود الأمن والاستقرار يمكنهم العودة لأوطانهم دون أى مشكلة ودون تهديد لوحدة وسلامة أراضيهم لكن فى حالة سكان قطاع غزة إذا تركوها ودخلوا إلى مصر فلن يعودوا إليها مرة أخري، وبالتالى ماتت القضية الفلسطينية، وضاعت الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى وتمكنت إسرائيل من تحقيق أهدافها فى تصفية القضية الفلسطينية وحولت أراضى غزة إلى أراض صهيونية.
وبعد التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار فى غزة بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، واحتفاظهم بأراضيهم وعودتهم إلى ديارهم حتى لو كانت مهدمة وانسحاب إسرائيلى تدريجى من القطاع وبالتالى حفظت مصر للقضية الفلسطينية توهجها، والحقوق المشروعة للفلسطينيين ببقائها.. والسؤال هنا، من الذى أحبط المخطط الإسرائيلى فى غزة؟ رغم الخسائر والدمار وأعداد الشهداء والمصابين، إنها مصر فلو فرضنا أن مصر لا قدر الله وافقت على توطين الفلسطينيين، هل كانت إسرائيل ستجد مشكلة فى فرض إرادتها وتحقيق نصر صهيوني، لكن الحقيقة أن إسرائيل أدركت بدون تحقيق أهداف التهجير والتوطين كمن يحرث فى الماء بدون فائدة أو عائد، فإسرائيل تتكبد خسائر فادحة فى العتاد والأرواح والاقتصاد وإقليمياً ودولياً وتوقفت الحياة فيها وارتفعت وتيرة الانشقاقات والاحتجاجات، وبالتالى فإن استمرار العدوان وحرب الإبادة بدون أن يتحقق التهجير والتوطين سيكون بلا فائدة، لأن هناك جيلاً شامخاً رفض وبقوة مهما كانت الضغوط، والإغراءات، والحصار الاقتصادي، وصناعة الأزمات وتوتير البر والبحر، وتنامى حملات مسعورة بالأكاذيب والشائعات والتشويه والتشكيك والتحريض ضد مصر، لكن مصر ـ السيسى لم ولن ترضخ، ولم ولن تركع.
ألم يئن لهؤلاء الخونة والأدوات والمرتزقة الذين تحركهم إسرائيل مثل الدمى أن يتوقفوا عن الكذب وأحاديث الإفك والتشكيك والتشويه، لقد كشفت الأحداث بما لا يدع مجالاً من الشك أنهم مازالوا مجرد أدوات ووسائل رخيصة لخدمة المخطط والمؤامرة فكانت أبواقهم ومنابرهم العميلة لا تتوقف عن اتهام مصر زوراً وبهتاناً أنها ترفض فتح حدودها أمام الفلسطينيين بحجة إنقاذهم، وهو نفس المنهج الصهيوني، والأمريكى والغربى الداعم لمخطط إسرائيل، والسؤال الآن لهؤلاء العملاء والمرتزقة ماذا لو فتحت مصر حدودها أمام الفلسطينيين هل كنا سنصل إلى هذا الاتفاق الذى حافظ على القضية الفلسطينية وأرض غزة وحقوق الفلسطينيين؟ الغريب والعجيب أنهم مازالوا يشككون فى دور مصر فى الوصول إلى الاتفاق، فالإخوان المجرمون لا دين لهم، ولا أخلاق عندهم فالعالم يشهد ويقر وعلى رأسه الرئيس الأمريكى السابق جو بايدن، ووسائل الإعلام العالمي، ومقالات لكبار الكتاب فى الصحف العالمية، تقول إنه لولا مصر ما كان هناك اتفاق أو وقف لإطلاق النار أو عودة للفلسطينيين إلى ديارهم.
15 شهراً من العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، ولم تتوقف جهود مصر على مدار الساعة من أجل إنقاذ الفلسطينيين وقضيتهم وأرواحهم ودمائهم، وإجهاض المخطط الصهيونى وتقديم كافة أنواع الدعم السياسى والدبلوماسى والتفاوض والوسيط والإنسانى غير المسبوق، فمصر قدمت أكثر من 70 ٪ من المساعدات الدولية للأشقاء الفلسطينيين، ومع الساعات الأولى لسريان اتفاق وقف إطلاق النار، مئات الشاحنات المصرية المحملة بكافة أنواع المساعدات تدخل من سيناء إلى غزة لإنقاذ الفلسطينيين فى القطاع بعد هذه الكارثة الإنسانية، وهناك تجهيزات واستعدادات مصرية شاملة طبياً، ولوجيستياً، على أعلى مستوى لتقديم المساعدات والعلاج للأشقاء الفلسطينيين فى المستشفيات المصرية، لذلك فهى مصر الكبيرة العظيمة الشريفة وتذكــر جيـــداً مقولة القــائد العظيــم الرئيس السيسى «لو تركوها ما عادوا إليها».