اتفاق الهدنة خطوة مهمة لحقن الدماء الفلسطينية والبدء فى مراحل الهدوء وهو ما يستحق الدعم والشكر للوسطاء وفى مقدمتهم مصر.
لكن هذا الأمر على أهمية لا يمكن ان ينسينا الاستمرار فى حملة فضح الكيان الإسرائيلى واستمرار حملات الملاحقة الدولية ضد قياداته وجنوده فى كل المحافل العالمية والحيلولة دون التطبيع معه أو تذويب هذا الكيان وسط الشعوب العربية والإسلامية وهو دور مهم لا بد للجمعيات الحقوقية والقانونية أن تستمر فيه وألا تتوقف حتى يُحاكم هؤلاء القتلة على الجرائم التى صنفتها محكمة العدل الدولية بأنها إبادة جماعية.
فما ستكشف عنه الأيام القادمة سيكون مروعًا بعد حصر الخسائر الفلسطينية فى الأرواح والمفقودين والجرحى والمصابين فضلاً عن الآثار الناتجة عن إلقاء آلاف الاطنان من القنابل المصنعة فى الغرب والمحرمة دوليًا التى ألقيت على غزة على مدار أكثر من عام ونصف العام والتى سيكون لها تبعات خطيرة خلال العقود القادمة كتلك التى أصابت الشعب اليابانى بعد إلقاء القنابل الذرية على هيروشيما وناجازاكي.
بحسابات الانتصار والهزيمة، لا بد من الاعتراف بانتصار الشعب الفلسطينى بمقاومته وصموده واصراره على البقاء والتمسك بأرضه رغم كل ما حدث له من تمزيق وترويع وقتل وابادة جماعية ومحاولات تهجير إلى خارج قطاع غزة، بعد النجاح فى تنفيذ واحدة من أشرس العمليات العسكرية ضد واحد من أكثر الجيوش العالمية تسليحًا بعد خمسين عامًا من حرب السادس من أكتوبر وتمكنها من كسر غرور وغطرسة القوة وقتل أكثر من 1000 جندى وإصابة أكثر من عشرة آلاف آخرين بإصابات قاتلة وأسر ما يقارب من 250 آخرين وتدمير آلاف الآلات العسكرية بقذائف مصنعة محليًا، فأفشلت خطط وأهداف الحكومة المتطرفة من تصفية القضية الفلسطينية وإنهاء ما يسمى حل الدولتين والقضاء على المقاومة سواء فى قطاع غزة أو فى الضفة الغربية التى يعتبرها المتطرفون جزءًا من مشروع إسرائيل الكبري.
فصائل المقاومة رغم الضغط العسكرى الكبير من جيش الاحتلال الإسرائيلى المدرب والمجهز جيدًا اكتسبت شرعية دولية مع المزيد من القدرات والتدريبات والخبرات العسكرية ما سيمكنها أن تلعب دورًا كبيرًا فى المستقبل، وسوف تعتبر أن ما حدث منذ السابع من أكتوبر وحتى توقف الحرب جولة من عدة جولات ستتكرر طالما ظل الاحتلال جاثما على صدر الشعب الفلسطينى ولم يحصل على حقوقه المشروعة فى دولة مستقلة ذات سيادة.