«جزى الله الشدائد عنا خيراً، فإنها تكشف العدو من الحبيب » ،حكمة أو قول مأثور أراه ينطبق تماماً على ما يمر به الوطن حالياً من ظروف وتحديات، ولن أبالغ إذا قلت مؤامرات تحتاج إلى دعم ومساندة المخلصين من أبناء هذا الشعب، الذين لديهم وعى لما يحاك ضد بلدهم فى الداخل قبل الخارج ولا ينساقون وراء الشائعات والأكاذيب التى تستهدف زعزعة استقرار البلد وإحداث الوقيعة بين أبنائه.
نعم، أصبح المحب لوطنه والمساند له فى ذلك الوقت والظروف الصعبة التى تضرب العالم من حولنا كالقابض على الجمر، وهنا يظهر المعدن النفيس من « الفالصو» لكل منا ومن يبحث عن مصلحته الشخصية دون النظر إلى مصلحة الوطن و عبوره تلك الأزمة الاقتصادية العالمية التى ألقت بظلالها على جميع الدول، وفى القلب منها مصر بكل تأكيد.
ولهؤلاء المغرضين والمتربصين ذوى المعادن «الفالصو» أقول: لن تفلحوا فى زعزعزة استقرار هذا البلد و الوقيعة بين أبنائه الذين يعلمون جيدا ما كان يحاك ضد بلدهم قبل عشر سنوات وتحديدا منذ اندلاع أحداث 25 يناير 2011 وما تلاها من مؤامرات كادت أن تعصف بالبلاد والعباد لولا عناية الله الذى سخر لمصر شعبا وفيا وجيشا قوياً وشرطة أبية وقائدا مخلصاً التفوا جميعا حول وطنهم رافضين سقوطه أو طمس هويته، واليوم أصبحوا أكثر دراية ووعيا بما كان يخطط لهذا البلد ولذلك لن تفلحوا فى مخططاتكم الشيطانية وأهدافكم الخبيثة .
وإذا نظرنا إلى ما يدور حولنا من أحداث وصراعات بعمق وأكثر تحليلا نتيقن أن الحرب الاقتصادية وارتفاع الدولار حرب معد لها من قبل لتأجيج الأوضاع وتسخين الأرض كما يقال ، وكذلك الحال فيما يتعلق بمخطط اجتياح رفح من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلى والذى يعد كارثة بكل المقاييس فى ظل تكدس المنطقة بأكثر من مليون ونصف المليون نازح وفى حالة إجتياح رفح لن يكون هناك أى مهرب لهم إلا معبر رفح ودخول الحدود المصـــرية، الأمر الذى دعا مصــــر إلى إبلاغ إسرائيل رسمياً أنه فى حال بدء موجات التهجير سوف يتم سحب السفير المصــــرى وقطع العلاقات بما فيها معاهدة السلام.
المؤكد أنه بفضل الله لدينا من القدرات والإمكانيات ما يمكننا من إنفاذ إرادتنا وحماية أرضنا، ولكن تبقى الجبهة الداخلية هى الاهم فى ظل الحصار الأقتصادى مكتمل الأركان او ما يمكن أن نطلق عليه «كماشة اقتصادية» لضرب كل موارد الدولة الدولارية، لعل فى مقدمتها تفجير جنوب البحر الأحمر الذى أدى إلى تراجع كبير فى إيرادات قناة السويس التى تمثل أهم مصدر للدولار اضافة الى عزل مصــــر عن آسيا تجارياً بمعنى ارتفاع فاتورة الواردات من آسيا خصوصاً الصين أو الهند وكل دول آسيا عموماً بسبب أرتفاع تكلفة الشحن لأضعاف كثيرة مما يمثل ضغطاً أضافيا على الدولار .
واستمرارا لهذا الحصار صدرت توجيهات لمؤسسات المال الدولية التى تهيمن عليها أمريكا بإصدار تقارير سلبية عن الاقتصاد المصـــرى لتخويف المستثمرين من الاستثمار فى مصر ، علاوة على سحب الأموال الساخنة أو السائلة من السوق المصــــرى بالأمر المباشر وهى الأموال التى كان يتم استثمارها فى أذون الخزانة المصرية وكذلك استمرار رفع الفائدة فى الفيدرالى الامريكى الذى أثر بشكل مباشر على الاستثمار فى مصر بسبب تفضيل المستثمرين وضع أموالهم بالفائدة العالية التى وصلت إلى 5.5٪ فى البنوك الأمريكية دون أى مخاطر بدلا من أن يستثمروا فى مصر .
أخيرا وليس آخرا هؤلاء المغرضون فى الداخل والخارج رهانهم على أمرين لا ثالث لهما من وراء هذا الحصار الاقتصادى على مصر أولهما عدم تحمل الشعب وعدم صموده واستسلامه أمام المؤامرة حتى يتم قبول التهجير مقابل نزول الأسعار .
ثانيا: عدم إدراك البعض لما يحاك ضد وطنهم فالحرب ليست على الجيش أو القيادة السياسية ولكنها حرب على الشعب ونجاتنا مرهونة بصمودنا أنا وأنت وتحملنا ووعينا بحجم المؤامرة وأبعادها .
فالحرب اليوم ليست كحروب الماضى بالجيوش والأسلحة التقليدية، ولكنها باتت حرب اقتصاد وحربا نفسية ومعنويات وشائعات، وهو ما يعرف بحروب الجيلين الرابع والخامس، لذا يجب علينا جميعاً حكومة وشعبا أن نكون أكثر وعيا وتماسكا حتى ننتصر على هؤلاء مهما كانت الظروف والتحديات ونقول لهم بصوت عال « لن تفلحوا « .