أدى أكثر من 2 مليون حاج مناسك الحج هذا العام، وهو رقم مماثل للعدد المسجّل العام الماضي، ووفد 1.6 مليون من هؤلاء من خارج المملكة العربية السعودية، تلك هى الأرقام الرسمية لمن قاموا بأداء الفريضة وفقا للقواعد المنظمة، التى وضعتها السلطات السعودية.
أما من دخلوا المملكة بطرق أخري، وهى متعددة، فلا يوجد حصر دقيق ومعلن لأعدادهم، ويقال إنهم 400 ألف آخرين، حاولوا القيام بالرحلة المقدسة دون الوثائق المطلوبة، من كافة أنحاء العالم.
وهو ما يعنى أن ما يقرب من واحد من كل خمسة حجاج هذا العام تجاوزوا الضوابط التى تفرضها المملكة.
قطعا الجميع بذل كل ما يستطيع ليؤدى الفريضة، ولكن البعض تعرض لما لا تحمد عقباه، فحسب مسئولى المملكة، ارتفعت حالات الوفاة بموسم الحج هذا العام إلى 1301، وربما يكون العدد أكبر!
ظروف جوية صعبة ودرجة حرارة قاسية للغاية، ربما لم يدرك أغلبهم مدى قساوتها، فالحج – أحد أركان الإسلام الخمسة، يتأثر بشكل متزايد بالتغير المناخى بحسب دراسة سعودية أفادت بأن الحرارة فى المنطقة ترتفع 0.4 درجة مئوية فى كل عقد. اضطر هؤلاء للسير كيلو مترات، تجاوزت الـ 20 كيلو متراً تحت أشعة الشمس الحارقة، فانهارت القوى بسبب الإرهاق، وتلاشت وعود السماسرة البراقة، بتيسيرات غير قابلة للتنفيذ، منها السكن الملائم والطعام والشراب المتوفر، ووسائل النقل الآدمية، وغيرها من المستحيلات، فتحولت الشعيرة إلى رحلة موت!
أوهم السماسرة ممن يدعون امتلاكهم لشركات سياحية، وبأنهم بيدهم مفاتيح الخير بل ومفاتيح الجنة ذاتها، ويستطيعون إدخال من يشاؤون لأداء الفريضة وإعادتهم لبيوتهم سالمين غانمين دون أن يمسهم سوء، فاحتشد راغبو الثواب، لاهثين خلف الإعلانات المنتشرة بشوارع القاهرة وصفط اللبن بالجيزة والإسكندرية والبصارطة بدمياط، ومحافظات عديدة، وفى كافة وسائل التواصل الاجتماعي، وببعض القنوات الفضائية.
وللأسف، وقع الحجيج فى الفخاخ المخادعة التى نصبها لهم السماسرة، من معدومى الضمير، ووجب الآن حسابهم، على ما أزهقوه من أرواح.
كعادتها استجابت القيادة السياسية، للأنين المكتوم للأسر المكلومة، وتم تشكيل خلية أزمة برئاسة رئيس مجلس الوزراء، لمتابعة وإدارة الوضع الخاص بالوفيات، وانتفض العديد من نواب الشعب والعديد من الأحزاب مطالبين بتقصى الحقائق، وبمحاسبة علنية لكل من تسبب فى تلك الأزمة وفى مقدمتهم السماسرة، خالقو الحدث الجلل.
ولعلنا بحاجة ماسة لمنظومة خاصة بالحج تضم وزارات السياحة والداخلية وغرفة شركات السياحة ولجان السياحة بالغرفة التجارية وجمعيات رجال الأعمال وكل الجهات المعنية، للخروج بنظام قانونى شامل يطبق على الكافة، موضح فيه شروط التقدم ووسائل النقل والأسعار، حتى تطبق الاشتراطات على الجميع، وتغلق الثغرات، بما لا يمكن اختراقه، ويكون بتنسيق مشترك مع الجانب السعودي، فلا تتكرر الأسعار المغالى فيها، ولا تترك الفرصة للسماسرة والشركات الوهمية، لتتربح من إزهاق أرواح من لا يستطيعون للحج سبيلا.