يرتبط الشعب المصرى بعلاقة أخوية خاصة مع الشعب السورى .. فنحن رفاق كفاح ضد العدو الصهيونى المجرم، وهناك العديد من السمات الشخصية التى تجمع بين الشعبين الشقيقين، وظروفنا الاجتماعية متشابهة الى حد كبير، والكفاح من أجل لقمة العيش، والحياة الكريمة، والسعى الجاد لتحسين الأحوال المعيشية قاسم مشترك بين الشعبين المصرى والسوري.
فى كل الأحوال يعبر المصريون والسوريون عن مشاعرهما المشتركة، ولذلك عندما تأزم الوضع الأمنى والسياسى والمعيشى فى سوريا وهب السوريون بحثا عن مخرج آمن، وهاجروا الى بلاد العالم كان لمصر نصيب كبير من هجرة السوريين، لأنهم يدركون أن فى نفوس المصريين رصيدا من الحب والمشاعر الأخوية تجاههم؛ فجاءوا الى وطنهم الثانى مصر، وتاجروا كل منهم فى حرفته، وانشأوا مشروعات مربحة، أثرت الى حد كبير على مشروعات المصريين الشبيهة لها، ومع ذلك لم تنطلق دعوات بترحيلهم أو التضييق عليهم كما حدث فى دول أخرى فى الشرق أو الغرب.. فدائما الإخوة السوريون محل ترحيب فى مصر حتى لو حدثت تجاوزات سلوكية من بعضهم.
>>>
عندما بدأت حركة تحرير سوريا من نظام حكم بشار الأسد عملياتها منذ اسبوعين امتزجت مشاعر الفرحة بالخوف على سوريا فى نفوس المصريين.. فنحن ندعم ونساند الشعب السورى فى استرداد حريته التى يبحث عنها، وفى التخلص من مظاهر الظلم والقهر التى يشكو منها.. كما أننا لسنا أوصياء عليهم لنوجه مشاعرهم وفقما نريد، فهم أصحاب الوطن، ومن حقهم أن يعبروا عن مشاعرهم وأن يختاروا مصيرهم دون تدخل منا أو من غيرنا.
لكن لأن المصريين يتمنون الأفضل لأشقائهم السوريين؛ امتزجت مشاعر الفرحة فى نفوسهم بمشاعر الخوف على مستقبل سوريا، وهو خوف له ما يبرره فمرجعية من قاموا بالاطاحة بنظام الأسد مخيفة، فهم فى الأصل ينتمون الى جماعات جهادية- وبلغة البعض إرهابية- كما أن هذه الجماعات بينها خلافات كثيرة فى الأفكار والرؤى والأهداف، وأى نزاع بينها يعنى تحويل سوريا الى مسرح كبير للقتال والنزاع المسلح.. وبالتأكيد عواقب ذلك ستكون وخيمة ويعرفها الجميع .. وما حدث ويحدث فى السودان من تقاتل دام بين الإخوة السودانيين ليس ببعيد عنا ويدمى قلوبنا جميعا.
لسنا اوصياء على الشعب السورى لكى نحدد له من يحكمه ولا شكل نظام الحكم الذى ينبغى عليه أن يختاره.. لكننا نخاف على سوريا كما نخاف على مصر، ومشاعر خوف المصريين على مستقبل سوريا لها ما يبررها، فنحن شركاء كفاح ضد أحقر قوة احتلال فى التاريخ، وسوريا جبهة صمود وحائط صد قوى ضد أهداف العصابة الصهيونية فى تل أبيب.. وينبغى أن تكون قوية وشوكة فى ظهر هذا العدو المجرم حتى يعود الى صوابه وتتوقف أطماعه فى بلادنا العربية والإسلامية.
ما يضاعف من خوفنا على سوريا ما قام ويقوم به جيش العدو الصهيونى المجرم منذ سقوط نظام بشار حيث احتل مساحات شاسعة من الأراضى السورية وأعلن مجرم الحرب الصهيونى الذى يحكم العصابة الصهيونية الآن إلغاء معاهدة فك الاشتباك الموقعة بين سوريا وإسرائيل عام 1974 كما شن أكثر من 500 هجوم على مواقع القوات ومخازن الأسلحة السورية وقضى عليها تماما وسط صمت عالمى مريب ليصفر سوريا من أسلحة الدفاع عن نفسها ضد أى عدوان خارجي.. وهذه الأسلحة بمليارات الدولارات دفعها الشعب السورى اقتطاعا من قوت يومه على مدى سنوات طوال ولم تكن الأسلحة ملكية خاصة لبشار لكى يدمرها الصهاينة بعد هروبه.
كما دمر العدو الصهيونى مراكز الأبحاث فى سوريا فى خطوة تكشف عن نواياه الحقيقة فى تحويل سوريا الى مجرد أرض محروقة لا خوف منها ولا أمل فيها لكى تنهض من جديد.
>>>
للأسف.. بعض الإخوة المتعاطفين مع أى حركات ثورية ترفع شعارات دينية يتجاهلون حقيقة مهمة وهى أن التجارب السابقة لكل الحركات ذات الميول الدينية لم تكن جيدة وارتكبت أخطاء فادحة عندما أصبحت فى سدة الحكم.. لذلك عجلت بنهايتها.. حتى ولو احيكت حولها المؤامرات كما يردد البعض.. فالحقيقية الدامغة أن هذه الحركات والتيارات الدينية لم تقدم نموذجا مثاليا للحكم مما جعل الشعوب تثور عليها وتتخلص منها سريعا.