سألنى صديقي.. «لماذا أكتب دائما عن إسرائيل؟!».. كانت «إجابتي» أننى مؤمن بأن «إسرائيل» مثلما كانت فى الماضى هى أيضا فى الحاضر والمستقبل «التهديد الأخطر والأكبر» للأمن القومى العربي..كما أننى أرى فى «إسرائيل» الصورة المطورة والمعدلة والحديثة للموجات «الاستعمارية» المتراكمة والتى أخذت فى استهداف مصر والمنطقة بأكملها منذ آلاف السنين..»إسرائيل» فى القرن الواحد والعشرين هى «الوكيل المعتمد» للرغبة والروح الاستعمارية القديمة بعدما ثبتها وأيدها ودعمها «الورثة الجدد» من أجل تحقيق «الأهداف المشتركة» .
أخذنى «سؤال صديقي» وعاد بى إلى أحداث ومواقف و»ذكريات» ممتدة عبر عشرات السنين.. ففى مرحلة»طفولتي» عشت مشاعر «الحرب والنصر على إسرائيل» فى «ملحمة العبور».. العاشر من رمضان «السادس من أكتوبر» قبل خمسين عاماً..عشت هذه المشاعر مع أفراح أهل قريتى التى كانت شأنها شأن كل قرى «الصعيد» وكل قرى ومدن مصر فى ذلك الوقت تهلل وتكبر مع كل نبأ أو خبر يزفه «الراديو» إلى «مسامع المواطنين» عن تقدم قواتنا المسلحة على «الضفة الشرقية» لقناة السويس .. ولا أنسى «مشهد» مؤذن مسجد قريتنا والذى كان مع كل نبأ أو خبر من أخبار «النصر على إسرائيل» يصعد المؤذن أعلى مبنى المسجد ويؤذن «فى غير وقت الصلاة» فرحا وشكرا لله سبحانه وتعالى ودعاء أن يتم نصره .
مشاعر «الحرب والنصر على إسرائيل» عشتها أيضا فى وجوه بعض «زملائى فى المدرسة» والذين استشهد آباؤهم فى « ما حدث عام 1967» ..رأيت زملائى هؤلاء خلال أيام «حرب العاشر من رمضان».. السادس من أكتوبر «1973».. رأيتهم وهم ينشدون الأناشيد الوطنية فرحا بالنصر والثأر لآبائهم الشهداء..ومازال محفورا فى «عقلى وتكويني» صوتنا «نحن تلاميذ المدرسة» نهتف بصوت واحد للرئيس الراحل محمد أنور السادات «ياسادات ياسادات.. إحنا وراك بالدبابات».. عشت هذه «المشاعر» مع أسرتى عندما كنا نلتف حول «الراديو» لنتابع آخر تطورات الحرب.. وتحضرنى هنا صورة أمى وعمتى وهما يتوجهان بالدعاء لله سبحانه وتعالى بأن ينصر جيشنا ويهزم «جيش جولدامائير».. رئيسة وزراء إسرائيل وقت الحرب.. عشت كل هذه المشاعر وتلك الصور وكان لها ولغيرها من المشاعر والصور الأثر الكبير فى اهتمامى بعد ذلك بكل مايجرى ويحدث وتقوم به وتخطط له «إسرائيل» .
تعمق اهتمامى بالشأن الإسرائيلى بعد التحاقى بالعمل الصحفى خاصة أن طبيعة عملى منحتنى فرصة متابعة و»تغطية» العديد من قضايا «التجسس الإسرائيلي» التى كانت معروضة على القضاء فى أواخر عقد التسعينيات من القرن الماضى وبداية «الألفية الجديدة».. هذه القضايا كشفت لى كيف أن إسرائيل «رغم معاهدة السلام» مازالت تضع مصر فى مقدمة «أهدافها».. نعم كل يوم يمر خاصة بعد اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة تزداد قناعتى ثباتا ورسوخا وإيماناً أن «إسرائيل» بالفعل هى «الخطر الأكبر» على الأمن القومى العربي.. وأنها هى بالفعل أيضا «وكيل الاستعمار الجديد والقديم» الذى يتولى تنفيذ «جميع الأهداف» فى أى مكان «فى المنطقة» .
«إسرائيل» مازالت مغتصبة لأراضينا العربية.. مازالت تحتل فلسطين والمسجد الأقصى المبارك.. أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ومسرى حبيبنا محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم..»إسرائيل» لاتؤمن بحدود «دولة الاحتلال» الحالية وتسعى «سرا وعلانية» إلى إقامة «إسرائيل الكبري» عندما تحين «الفرصة».. قلت لصاحبى ألا يكفى كل هذا.. خاصة فى ظل الأحداث الجارية بسبب الحرب على غزة.. ألا يكفى كل ذلك لأن أضع فى مقدمة «واجبى الصحفى والوطني» متابعة مايجرى فى إسرائيل وتوعية «بنى وطني» بالتحديات «القادمة» ؟!.. إن التوعية صارت «اليوم» واحدة من أهم «ضرورات» الحفاظ على «الأمن القومي».
يوم السبت المقبل يقف الحجيج بعرفات..ويوم الأحد يحل علينا عيد الأصحى المبارك..كل عام وأنتم بخير..هذا هو «العيد الثاني» الذى يحل على «أهل غزة» وهم يتعرضون لأضخم «حرب إبادة» عرفها «البشر».. حرب تنقل «شاشات الفضائيات» تفاصيل مجازرها «ليل نهار» إلى كل أنحاء العالم..العالم «الصامت والمتواطيء».
من خرج فى طلب العلم كان فى سبيل الله حتى يرجع.. صدق حبيبنا محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.. اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم فى العالمين انك حميد مجيد..اللهم بارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم فى العالمين انك حميد مجيد.. وصلى الله على سيدنا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
فلسطين.. أرض الأقصى.. أرض المحشر.. أرض المسرى.. مسرى حبيبنا وسيدنا محمد رسول الرحمة والإنسانية.. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.