فى مهرجان الإسماعيلية الدولى للسينما التسجيلية والقصيرة فى دورته الأخيرة، شكلت أفلام فلسطين «أيقونة المهرجان»، حيث تم عرض عدد من الأفلام الفلسطينية التى قدمت الكثير عن فلسطين والفلسطينيين بعد النكبة وأثناء الاحتلال، ومنه إبادة الاحتلال للعائلات الفلسطينية تحديدًا ومنذ النكبة ومن بين الأعمال فيلم «درب السموني»، حيث تتوافق العائلة على طلب الخال بالانتقال الى مكان جديد فى القرية، اكثر رحابة وأماناً، بعد وعد المسئولين عن الامن تخصيص مكان لهم، ويتجمع الأعمام والاخوال ويذهبون الى المكان الجديد لتكون المفاجأة الكبري، فالرصاص ينهال عليهم من كل مكان، ومن الذين أعطوهم وعدا بالأمان، واتضح انه وعد بالإبادة، ويموت الآباء والامهات والأعمام، ويتبقى من عائلة «السموني» ثلاثة افراد، فتاة وشابان يقضون ما تبقى من الحياة فى الخوف من القادم، وفى البحث عن أوراق العائلة وتعليق صور أفرادها على الأشجار التى تبقت من أرض استحوذ عليها ايضا أمن دولة الاحتلال.
وحسب الفيلم فالاحتلال لا يريد روابط تزيد الفلسطينيين قوة وتماسكاً فى الدفاع عن انفسهم وارضهم، ومن هنا جاءت فكرة الانتقال والقصد منها القتل كما جاء فى الفيلم على لسان مخرجه الإيطالى «ستيفانى سافونا» الذى أدار معه الناقد عصام زكريا حوارا مهما حول الفيلم وقتها فقال انه استمر عشر سنوات كاملة فى تصويره بدأت عام 2009 مع العدوان الاسرائيلى على غزة وقتها،فتعطل ثم عاد، وتوقف مع عدوان ثان، وثالث، حتى انتهى تصوير الفيلم عام 2018، وفى كل هذا الوقت كان يرى ويعرف المزيد عن إجراءات قوات الاحتلال مع ابناء الارض ومحاولات تهجيرهم بتعقيد كل شيء فى الحياة، والاستيلاء على ارضهم، وبيوتهم، باختصار كان «درب السموني» واحداً من الافلام المهمة جدا فى مسيرة هذه القضية برغم عشرات الافلام الاخرى المهمة التى رأيناها على مدى سنوات طويلة، وبينها افلام اخرى جديدة قدمها المهرجان نفسه «والذى عقد فى مارس من هذا العام».
أيوب والمفتاح
فى فيلم بعنوان «ايوب» للمخرج أجود عبد جرادات تعيش عائلة فلسطينية هى وعائلات القرية حياة صعبة بعد ان هدمت السلطات الإسرائيلية كل المؤسسات فيها حتى لا تزعج سكان المستوطنة التى اقيمت بجوارها، ويكتشف الاباء والامهات أن عليهم حل مشكلة تعليم ابنائهم بعد هدم المدرسة الوحيدة بالقرية، ويصبح الحل الوحيد لاحد الآباء هو إركاب أبنائه الثلاثة على ظهر حمار يمضى بهم فى رحلة طويلة ومخيفة الى مدرسة القرية البعيدة، اما فيلم «المفتاح» للمخرج ركان مباس فيقدم قصة من تاريخ المقاومة بعد النكبة، واحتفاظ العائلات المطرودة بمفتاح البيت وحلم العودة، وفى الفيلم تقيم أسرة إسرائيلية فى بيت، وحين يأتى المساء يبدأ أفرادها فى سماع صوت مفتاح يحاول فتح الباب، دائما .. وفى فيلم «الحياة حلوة» يطرح المخرج محمد الجبالى قصة مهاجر فلسطينى الى النرويج يحاول ان يعيش الحياة مثل الآخرين، لكنه يشعر بأنه ليس كذلك.
أين ذهبت أمي
أما فيلم «مار ماما» للمخرج مجدى العمرى فإن القضية تتجاوز الكبار الى الطفلة حنان التى رأت وعاشت هجمات القوات الإسرائيلية المتكررة على مدينتها، وكيف ماتت والدتها فى واحدة من هذه الهجمات، يحاول الاب إلهاءها عن تذكر هذا لكنه يفشل، ويقوم بتصوير فيلم بتقنية إيقاف الحركة ليشغلها، لكن الواقع يفسد محاولاته، وتستسلم الابنة للخيال لتهرب مما تراه فى الحقيقة، وفى فيلم «رجل يغرق» يأخذنا خيال المخرج مهدى فليفل الى رحلة طفل تاه بعيدا عن مدينته ومنزله ليجد نفسه فى مدينة غريبة مليئة بالحيوانات المفترسة التى تهدده بالموت فيحاول تقديم تنازلات للبقاء على قيد الحياة وحتى يستطيع الافلات منها، ومن الجدير بالذكر ان مهدى فليفل كان احد المكرمين فى المهرجان وحيث عرض ايضا فيلمه «عالم ليس لنا» احد اهم الافلام عن القضية الفلسطينية، والذى يقدم صورة شديدة الاهمية لثلاثة اجيال من الفلسطينيين الذين ذهبوا للحياة فى مخيم «عين الحلوة» بلبنان بعد النكبة، وفى الفيلم «92 دقيقة» يطرح المخرج قصصاً ومسارات كثيرة اتخذها ابطال فيلمه وفقا لأفكارهم وانتماءاتهم وقضاياهم فى مكان تحول الى وطن لكثيرين من ابناء فلسطين الذين ولدوا وعاشوا به بعد نكبة 1948.
احكى يا عصفور
لعلنا نتذكر قصة المناضلة «ليلى خالد» التى تعتبر اول امرأة تقوم بعملية خطف طائرة فى اغسطس عام 1969 بخطف طائرة ركاب أمريكية وتحويل مسارها الى سوريا بهدف اطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين من قبل دولة الاحتلال ولفت أنظار العالم للقضية الفلسطينية، أن قصةحياتها تضمنها فيلم «احكى يا عصفور» للمخرجة عرب لطفى استاذة السينما بالجامعة الأمريكية والتى جمعت فى هذا الفيلم بطولات اخرى لمناضلات فلسطينيات قدمن الكثير لدعم القضية الفلسطينية مثل تيريز خلسة ووداد قمرى وغيرهن، وهو فيلم نادر لاهمية ما قدمه من معلومات وأدوار قامت بها المرأة فى فلسطين، وغير هذا قدم مخرجون ومخرجات فلسطينيون غيرهم اعمالاً كبيرة ومهمة بعضها حصل على جوائز دولية وتقدير عالمي، اسماء مثل مى المصري، ونجوى نجار، وآن مارى جاسر، ومثل ميشيل خليفى وغالب شعث وهانى ابو أسعد، وايليا سليمان ورشيد مشهراوى وغيرهم.
وغير هذه الافلام فإن للسينما الفلسطينية تاريخاً طويلاً بدأ منذ ما بعد النكبة.بمؤسسة فى بيروت أسسها المخرج مصطفى أبو علي، وحتى الآن.