تحتفل مصر الاثنين القادم بعيد النصر الموافق الثالث والعشرين من ديسمبر كل عام وهو ذكرى انتصار الشعب المصرى لإرادته الوطنية على قوات العدوان الثلاثى البريطاني، والفرنسى والإسرائيلى عام 1956، واندحار قوات هذه الدول على أرض مدينة بورسعيد. وأصبح يوم عيدها القومى حيث يتردد صدى اسمها فى ربوع الدنيا بكل فخر باعتبارها المدينة الباسلة الصامدة المكافحة المنتصرة على تحالف قوى العدوان.. حدث تاريخى يمثل عظة لا تنسى لقيم وطنية ثمينة تمثل حصناً منيعاً للأوطان
حدث يجب أن نستعيد تفاصيله لنجدد قناعتنا أن المؤامرة لازالت مستمرة لا جدال.. النكبات التى أسقطت أوطان العرب من حولنا وآخرها سوريا العربية ما هى إلا فصول سيناريو للقوى الطامعة.. الامبريالية والصهيونية تعبيرات قديمة سئمنا منها ربما ولكنها حقيقة لم تتقادم ولم يسأم أصحابها من المضى قدماً فى تنفيذ مخططاتهم وها هى النتائج ماثلة على أرض الواقع تصرخ بالحذر وتحث الهمم الوطنية ألا نتفرق لكى لا يسود حكم الشر الناهب للموارد الساعى للإفقار وإهدار الكرامة فى طريقه لرسم خريطة جديدة للشرق الأوسط قلب العالم المبتلى بموقعه وثرواته.
مصر بمشيئة الله سوف تظل عصية منيعة على تحالفات الشر مهما عظمت لأن إرادة شعبها المنسجم والمتماسك والمتحد لا تقبل التحدي.. وتنتصر دوماً بالسمو فوق كل خلاف إذا ما كان الوطن فى خطر.. ولتغدو المنافسة بين من يكون الفدائى أولاً.. وكل مصرى فدائى إذا ما كان المفتدى مصر.. طالعوا مجدداً دروس النصر ببطولات الأطفال والنساء قبل الرجال فى بورسعيد عام 1956 وكيف كان الحدث ملهما ومحفزاً لأحرار العالم على الصمود والاستبسال فى التصدى للأعداء والفداء بالروح لترتقى الكرامة والكبرياء الوطنى فوق كل غالٍ فى الحياة.. إن القيادة الوطنية لمصر واعية وخبيرة وقارئة جيدة للتاريخ والمؤسسة العسكرية درع جدير بالفخر والثقة وشعبنا بطل بوحدته وانسجامه بثقافته وقيمه وعاداته وتقاليده وعشقه لأرضه.. وهى عناصر من صنع الله الذى قدر فهدي.. لذلك فإن مشاعر الثقة والأمان فى مصر الوطن مهما كانت الصعوبات هى مشاعر لا تقبل الجدل ويتحتم دوماً تعزيزها والعمل بكفاءة على توريثها للأجيال المتعاقبة مدعومة بأسباب انتصاراتنا التاريخية لتحمل تلك الأجيال الراية بكفاءة لمواجهة قدر بلادنا منذ فجر التاريخ فى كونها مطمعاً للقاصى والدانى لموقعها وقدراتها ومكانتها وعمق تأثيرها فى محيطها الإقليمى والعالمي.. يجب إحياء التاريخ بكل وسيلة ليس فى مناسبات الذكرى فقط ولكن دائماً لكى لا ننسى هويتنا وأبطالنا الذين جادوا بحياتهم رخيصة لإهلاك الأعداء لنحيا أعزاء على أرضنا.
إسقاط الأوطان الآن لم يعد بالجيوش بل بات بهدم دعائمها الداخلية بتمزيق الانسجام الشعبى بالفتن والشائعات وتلويث الثقافة وخلط المفاهيم والترويج للتمرد باعتباره حرية.. هذا ما كان فى كل الأوطان التى سقطت ولازالت تسقط.
عيد بورسعيد القومى عيد نصر لكل مصر ودرس عابر للأجيال فى كيفية الحفاظ على الأوطان.