من الواضح أن هناك من يعانون من «آفة النسيان»، وهو أمر لو تعلمون خطير، يصيب الإنسان بالارتباك وعدم القدرة على فهم الأمور بشكل يستند إلى المنطق والواقعية، وافتقاد القدرة فى الربط بين الماضى والحاضر، لذلك من نتائج هذه الآفة هذه الترهات والخزعبلات والأكاذيب المنتشرة فى الفلك الإلكترونى و»السوشيال ميديا»، ناس لديها «ذاكرة السمك»، واختلال فى التفكير والأولويات، ليس لديهم القدرة على التفرقة بين الصواب والخطأ، يهيمون فى كل واد مع الهائمين.. دون عقل أو منطق.
النعمة أحياناً تنسينا أو تنسى البعض ما كان من نقم ومحن وشدائد، وأزمات، وإحباط ويأس، وفوضي، ولك أن تتخيل أنه كان جل أهداف وآمال المصريين أن يعيشوا فى أمن واستقرار بعد أن تمكنت الفوضى وانتشرت فى ربوع البلاد، وساد الخوف والذعر، وكنا نستيقظ يومياً على جريمة «مفجعة»، أو عملية إرهابية خسيسة، تودى بحياة الأبرياء، وتدمر مقدرات هذا الوطن.. كان الحلم ليس فى طعام أو شراب أو غذاء أو صحة أو تعليم ولكن كان الحلم مجرد استعادة الأمن والأمان والاستقرار، فى وطن تعرض لزلزال فوضوى تأمرى عنيف.
استعادة كامل الأمن والأمان والاستقرار كانت معركة وملحمة شديدة الخصوصية، واستثنائية التحدي، بذلت فيها الدولة الوطنية المصرية الغالى والنفيس من أجل أن ينعم هذا الشعب بالأمن والاستقرار سواء فى أرواح سقطت فى عداد الشهداء، أو جرحى ومصابين فقدوا أجزاء من الجسد، أو ميزانيات طائلة أنفقت على هذا الهدف العظيم، لذلك من المهم بالنسبة للعابثين وأصحاب ذاكرة الأسماك، إن يعيدوا على أذهانهم وآذانهم، مشاهد القتل والفوضى والخراب والدمار والإرهاب، وغياب القانون حتى بات المواطن فى هذه الفترة أسيراً للبلطجية وتجار الدين والإرهابيين، توقفت حياته وأصيب بالإحباط، وعاش حياة بلا طعم أو لون أو معني، لذلك من المهم أن أقول لهم «إن كنت ناسى أفكرك» بالمشاهد والصوت والصورة، ولعل قول المولى عز وجل يجسد هذا المعني، «وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين»، استعادة الأمن والأمان والاستقرار هى أعظم نعمة وإنجاز، لدرجة أن مصر تحولت إلى أكثر دول العالم أمناً واستقراراً، يلجأ إليها الباحثون عن الأمان، ويلوذ بها الفارون من ويلات الاقتتال الأهلي، والصراعات الدامية والإرهاب الأسود، فقد باتت تستضيف ٩ ملايين لاجئ تعتبرهم ضيوفاً، أليست هذه نعمة عظيمة لا تقدر بمال.
مثال آخر.. لعلنا نتذكر ما تعرضت له الاراضى الزراعية فى مصر من تبوير وتجريف واستنزاف وهى من أجود الأراضى وأكثرها خصوبة فى العالم، مجهزة، تجرى بجوارها المياه، وتتوفر لها المرافق، حيث فقدت مصر فى العقود الأخيرة أكثر من نصف مليون فدان فى ظل نمو سكانى مؤلم ومرعب كان يزيد على 2.5 مليون نسمة سنوياً.. ولا أحد يتحرك، الإرادة والرؤية غائبتان.. وتعرض الأمن الغذائى فى مصر للخطر، وكان شعار حكومات ما قبل يناير 2011 ليه نزرع وليه نصنع طالما نقدر نستورد فما بالنا لو لم يحقق الرئيس السيسى هذه الملحمة الوطنية غير المسبوقة من إصلاح وبناء وتنمية ومشروعات وإنجازات فى وقت هبت فيه عواصف الأزمات العالمية بقسوة من جائحة «كورونا» حتى الحرب الروسية ــ الأوكرانية ثم الاضطرابات الجيوسياسية فى الشرق الأوسط.
ما حدث فى قطاع الزراعة، أقرب إلى المعجزة، من الانهيار إلى الإنجاز الفريد.. وهنا أذكر بعض الحقائق المهمة فى هذا الإطار كالتالي:
أولاً: زيادة الرقعة الزراعية المصرية بنحو 4.5 مليون فدان حتى عام 2027 فى عهد السيسى هى بمثابة إنجاز ومعجزة حقيقية، يبنى عليها فى الكثير من الأمور الاقتصادية، وتحقيق الأمن الغذائى المصري.
ثانياً: عملية التوسع الزراعي، وزيادة الرقعة ليست عملاً بسيطاً، ولكن يجرى وفق رؤية متكاملة وشاملة فالمشروعات الزراعية العملاقة الفريدة مثل «مستقبل مصر» أو الدلتا الجديدة أو غيرها لا يجب أن تنظر فقط إلى مجرد أرض تحمل فى طياتها الخير والمحاصيل ولكن انظر إلى حجم التكلفة من شق ترع، وطرق داخل المشروع، وطرق عصرية متسعة فى جواره لسرعة نقل المنتجات العملاقة ومحطات الكهرباء، والمصانع التى تقوم على التصنيع الزراعى ثم الأسواق العصرية فى الجوار وآخرها السوق بجوار مستقبل مصر على مساحة 500 فدان ثم المشروع القومى لصوامع الغلال والحبوب لتقليل الهدر والفقد بنسب كبيرة تصنع الفارق، والسؤال لكل المتطرفين فى السوشيال ميديا، هل كنت تعلم هذه الحقائق، هل اهتممت وبحثت عنها.. هل اطلعت على حال الزراعة المصرية قبل السيسي، هل تعلم تكلفة مثل هذه المشروعات بل تكلفة الفدان الواحد، هل تعلم كم من آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة.
ثالثاً: هل يعلم هؤلاء كيف يحقق التوسع الزراعى وزيادة الرقعة الزراعية أهدافاً إستراتيجية مثل تخفيض فاتورة استيراد السلع الإستراتيجية مثل القمح، والمحاصيل الزيتية، فهذا التوسع يمنحنا الفرصة لزيادة المساحة المنزرعة بالقمح والذرة الصفراء، وفول الصويا وعباد الشمس والبنجر.. وبالتالى تخفيض استيراد القمح، والزيوت والسكر وما يخفف الضغط على العملات الصعبة خاصة الدولار، إضافة إلى زيادة التصدير، فهناك طفرة غير مسبوقة فى حجم التصدير للحاصلات الزراعية، الطازجة والمصنعة بلغت ما يقرب من ٩ مليارات دولار، إضافة إلى التصدير لـ 160 دولة وتصدير 400 سلعة، تخيل أن هذه الأرقام قابلة للتغيير والزيادة مع زيادة الرقعة الزراعية.. وبالتالى نحن أمام حلول وأفكار خلاقة لحل مشكلة وإشكالية محدودية الموارد وترسيخ الاعتماد على أنفسنا بشكل غير مسبوق.. لذلك على الجميع أن ينظر إلى الأمور بفهم ووعى وموضوعية، ويقرأ، ما حدث فى زيادة الرقعة الزراعية بـ 4.5 مليون فدان وما حدث فى سيناء من 456 ألف فدان والدلتا الجديدة 2.2 مليون فدان، والوادى والصعيد 650 ألف فدان، ناهيك عن وجود أنواع مختلفة من المياه سواء بنسب ملوحة عالية تصلح لزراعات محددة، ويمكن تخصيص المياه الأقل ملوحة للزراعات الأخري، وهناك التوزيع الرشيد لأنواع المياه طبقاً للمحاصيل، نحن أمام معزوفة وملحمة ومعجزة زراعية وصناعة للفارق، لذلك لعلهم يفهمون.
تحيا مصر