رغم معاناة لبنان لسنوات عدة من أزمات طاحنة متتالية، فمن أزمة اقتصادية عنيفة عصفت بالاقتصاد اللبناني، إلى فشل البرلمان فى انتخاب رئيس جديد للبلاد، ثم الحرب المستعرة بين حزب الله واسرائيل والتى دفع لبنان فاتورة باهظة الثمن لها، إلا أن هناك بارقة أمل وانفراجات ربما يحملها العام الجديد لبيروت، أهمها انتخاب رئيس للبلاد يملأ الفراغ الرئاسى ويوحد الانقسامات الطائفية من أجل ترميم الصدع وبناء ما هدمته الاخفاقات السابقة.
يعانى لبنان من حالة شغوررئاسى هى السادسة فى تاريخه الحديث ــ منذ قرابة عامين بعد انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون فى 31 من أكتوبر 2022، ومنذ هذا التاريخ فشل البرلمان اللبنانى فى انتخاب رئيس جديد 13 مرة متتالية حتى انقطع عن الاجتماع والاقتراع .
ولم تنجح المبادرات الداخلية فى إنهاء الشغور، كما لم تتوقف مساعى ممثلى الدول الخمس (الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر) لمحاولة تذليل العقبات التى تحول دون توافق القوى السياسية على التوصل إلى آلية تنهى معضلة الشغور.
ويتم اختيار من يشغل منصب الرئيس من خلال تصويت فى البرلمان اللبناني، الذى يتألف من 128 مقعداً. مع العلم انه ليس لدى أى تحالف سياسى بمفرده ما يكفى من المقاعد لفرض اختياره، ما يعنى ضرورة التوصل إلى تفاهم بين الكتل المتنافسة من أجل انتخاب مرشح.
وينص الدستور اللبنانى على ضرورة حضور نصاب من 86 نائباً من أجل التصويت للرئيس، على أن ينال 65 صوتاً ليُعتبر رابحاً من الدورة الأولي، وبالأكثرية المطلقة فى الدورة الثانية.
مؤخرا دعا رئيس مجلس النواب اللبنانى نبيه برى إلى عقد جلسة فى التاسع من يناير المقبل لانتخاب رئيس للجمهورية، وطالب كافة الطوائف بالاسهام والاسراع فى انجاز هذه المهمة.. ليكون هناك رمز للدولة يستطيع التخطيط والتفاوض على مستقبل الوضع فى لبنان فى هذه اللحظات الحرجة.
أما بالنسبة للمرشحين المحتملين فى الانتخابات الرئاسية اللبنانية فشهدت آخر جلسة فى البرلمان عقدت لاختيار رئيس تنافسا بين مرشح «الثنائى الشيعي» رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، ومرشح تقاطع قوى المعارضة و»التيار الوطنى الحر» الوزير السابق جهاد أزعور، فحاز الأول 51 صوتاً، والثانى 59 صوتاً، قبل أن يتعمد نواب «حزب الله» و»أمل» عدم اكتمال نصاب الدورة الثانية.
وبسبب التغيرات الجذرية التى حدثت فى سوريا وسقوط نظام بشار الأسد أصبح فرنجية اضعف المرشحين بسبب علاقته الوثيقة بالأسد، إلا ان الأمين العام الراحل لحزب الله حسن نصر الله كان من أبرز الداعمين له مما يعنى أن جميع أصوات حزب الله ستذهب له وفاءً لنصر الله .
كما ان رئيس مجلس النواب طرح اسم العميد جورج خورى إلى جانب أسماء أخري، مثل: العماد جوزيف عون قائد الجيش، والعميد جورج البيسرى قائد الأمن العام بالإنابة، إلا ان برى يدرك جيدًا أن هناك أطرافًا محلية ودولية ترفض كلاً من عون والبيسري، مما يجعل خيار خورى هو الأنسب كحل وسطى يرضى الجميع.
ويتمتع خورى بعلاقات جيدة على الصعيدين الداخلى والإقليمى والدولي، حيث شغل عدة مناصب مهمة فى الجيش اللبناني، وكان آخرها قائدًا لمخابرات الجيش قبل تعيينه سفيرًا لدى الفاتيكان.
أما بالنسبة لحزب الله فهو يعيش أياما قاسية لم يشهدها منذ نشأته منذ اربعة عقود تقريبا، حيث كبدته الحرب مع اسرائيل خسارات فادحة فى القادة والجند والعتاد، ربما لن يستطيع تعويضها خاصة مع نفور الشعب اللبنانى من الحزب وقراراته حيث جرهم إلى حرب هو فى غنى عنها.
استطاعت اسرائيل توجيه ضربات دقيقة إلى مخازن الأسلحة الخاصة بالحزب ، بالإضافة الى ضرب المستودعات والأنفاق مع فرضها حظراً غير معلن على المعابر الواصلة بين سوريا ولبنان، فى مسعى لقطع جميع طرق الإمداد.