توقفت وفوجئت بتصريحات للدكتور أحمد هنووزير الثقافة يؤكد فيها أنه شكل لجنة من خبراء الاستثمار والتسوق والاقتصاد للنظر وتقييم بيوت وقصور الثقافة فى الأقاليم وطبيعة هذه المواقع وتلك القصور ومدى إمكانياتها وجدواها والانتفاع الأمثل بها وما الذى يمكن أن نتنازل عنه منها، وأيهما من الضرورى الاحتفاظ به نظرًا لقدرته على التأثير فى محيطه سواء المدينة والمحافظة، وكثيرًا من المواقع نحتاج للبحث فعلا عن مدى جدواها.
التصريح الثانى: »هناك جهات متعددة تنشر داخل وزارة الثقافة ولا بد من توحيدها فهناك 5 جهات تنشر، ولذلك يجب النظر إلى هيئة قصور الثقافة لأن مهمتها الأصلية ليست نشر الكتب ولكن لها دور آخر«.
انتهت التصريحات ولأننى أعرف الكواليس التى تؤكد أن هناك من لا يريد خيرًا بقصور الثقافة التى تعد بمثابة وزارة الثقافة الحقيقية فى كل محافظة.. فالمواطن فى أى محافظة لا يعرف سوى قصر أو بيت الثقافة، فبدلاً من تكثيف الأنشطة وتنويعها والخروج بها من الجدران الضيقة إلى البيئة المحيطة والتجمعات الجماهيرية خاصة إذا كانت بعض بيوت الثقافة صغيرة.
نعم هناك بيوت للثقافة عبارة عن شقة صغيرة لا تتسع لموظفيها لكن هذه البيوت ليست المقصودة، لكنه الحق الذى يراد به باطل، وبالطبع لن تربح وزارة الثقافة كثيرا إذا باعت هذه الشقق، ولكن الهدف يكمن فى أنصار الظلامية من جهة وطمع البعض فى القصور التى أنفقت عليها الحكومة المليارات.
المهم ليكن هدفنا يا سيادة الوزير زيادة الأنشطة وتنويعها فى وقت تزداد فيها أهمية الوعى للمواطن كما يقول الرئيس السيسى فى لقاءات كثيرة، لأننا نواجه الآن أشد الحروب ضراوة وهى حرب الهوية.
ويأتى التصريح الآخر الذى لا يقل خطورة حول النشر فى قصور الثقافة، وأنه ليس من اختصاصات قصور الثقافة ولأننى أعرف كواليس هذه المعركة منذ فترة طويلة حين أرادت إحدى دور النشر الخاصة الكبرى إلغاء هذا المشروع لأنه يقدم أمهات الكتب التراثية والترجمة والإبداع بجنيهات قليلة وهى تقدمها بمئات الجنيهات، ولدرجة قيام بعض الباعة والناشرين بشراء الكتب من الأسواق وتغيير غلافها لإعادة بيعها مرة أخرى بأسعار فلكية، وهذا هو الهدف الحقيقى »الربح«، ولن يحدث ذلك فى ظل مشروع مثل النشر فى قصور الثقافة.
وإذا كنت أتفهم هذه الدوافع فلا أتفهم محاربة دار النشر الأم فى وزارة الثقافة لقصور الثقافة، وحتى أكون دقيقًا بعض قيادتها الذين لا يدركون دورهم الحقيقى فى وزارة الثقافة وينظرون من خلال منظور ضيق للمكان الذى يشغلونه، ومصلحتهم أن يكونوا بمفردهم فى وزارة المفترض أن تكون قيادتها من أصحاب الرؤى والأهداف العامة.
أى قيادة ثقافية حقيقية يكون همها الأساسى وعى المواطن وتنميته، وبعيدا عن ذلك تعالوا نناقش مشروع النشر الذى عاصرت مراحله المختلفة منذ أن كان مجرد مجلة وحيدة هى »الثقافة الجديدة« التى أسسها سعد الدين وهبة حتى جاء حسين مهران ليبدأ »مشروع النشر« فى التطور من خلال قيادات عديدة منهم محمد السيد عيد وعلى أبو شادى ومحمد كشيك وأحمد عبد الرازق أبو العلا وأحمد زرزور، وقائمة طويلة حتى وصلت الآن إلى 18 سلسلة تتنوع بين الإبداع والتراث والأدب الشعبى والترجمة والهوية وتاريخ المصريين.. إلخ…
وإذا كانت أسعار الكتاب أصبحت فى غير مقدرة المثقفين والشباب المادية فى دور النشر الخاصة، وحتى هيئة الكتـــــاب ومركز الترجمـــة التى وصـــلت إلى 150 جنيهًا وأكثر، فأغلى كتاب فـى منشورات قصور الثقافة لا يزيد على 25 جنيهًا وغالبية الإصدارات تتراوح من جنيه إلى 5 جنيهات، ومجلة قطر الندى للأطفال 3 جنيهات ومجلة الثقافـــــــة الجديـــــــدة 5 جنيهات.. فهل بعد ذلك يريدون إغلاق هذا المشروع التنويرى للمواطنين الغلابة؟!
وعلى فكرة عندما تبنى د. جابر عصفور فكرة نقل النشر من قصور الثقافة تسبب فى موت مجلة الخيال للفن التشكيلى عندما نقلها إلى قطاع الفنون التشكيلية ومجلة المسرح عندما نقلها إلى قطاع المسرح.
* سيادة الوزير أرجو أن تستمع لمن يفهمون طبيعة وظيفتهم وليس لأصحاب الرؤى الضيقة!!