تحيز الرئيس الأمريكى دونالد ترامب العائد للبيت الابيض ليس جديدًا أو وليد اليوم ففى ولايته الأولى أظهر تحيزا للكيان الاسرائيلى حينما اتخذ قرار نقل السفارة الامريكية من تل أبيب المحتلة إلى مدينة القدس، ذلك القرار الذى لم يشأ أى من الرؤساء الامريكيين السابقين اتخاذه، معتقدًا انه يسير بذلك فى طريق المشيئة الالهية، مثله مثل الرئيس رونالد ريجان الذى كان يرغب بشدّة فى أن يكون الرئيس الذى سيشهد وقوع ملحمة هرمجدّون ــ ملحمة آخر الزمان ــ وبدء «الألفية السعيدة»، أو جورج بوش الابن الذى أدعى انه سمع صوت الرّب وهو يوحى له بغزو العراق عقاباً له على السبى البابلى لشعب يهوه منذ 2600 عاماً.
يحاول ترامب أن يرتدى مسوح القديسين وان تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بدورها المقدّس فى التعجيل بتنفيذ المخطط الإلهى نحو المنطقة والعالم ليعود الربّ بسرعة على سحاب المجد، ولا مانع فى سبيل تعجيل هذه اللحظة المقدّسة وقد حصل الكيان الاسرائيلى على ما لم تحصل عليه منذ وعد بلفور وهو دولة إسرائيلية يهودية خالصة على كامل أرض فلسطين واقتطاع أجزاء أخرى من سوريا والاردن ومصر وضمها لذلك الكيان، معتقدا أنه يستطيع بالضغوط الاقتصادية والعسكرية وإرهاب الشعوب أن يفرغ قطاع غزة من اهله ويسلمه للكيان الاسرائيلى ليستكمل خطته لإنشاء إسرائيل الكبرى.
الشعب الفلسطينى وفى القلب منه المقاومة الشرعية التى نفذت عملية عسكرية جريئة يوم السابع من أكتوبر وصمدت صمودا اسطوريا فى وجه العدوان الإسرائيلى الوحشى على قطاع غزة والذى استمر أكثر من خمسة عشر شهرا لن يترك أرضه أو يغادرها ولو فقد مئة الف شهيد جديد وسوف يقف بكل شجاعة فى وجه المعتدين حتى يحرر أرضه، وتستطيع المقاومة التى خرجت من وسط الركام ومن باطن الانفاق، متراصة وقوية ومنظمة أن تخوض حرب استنزاف طويلة الأمد ضد أى قوة عسكرية تحاول غزو غزة مهما كانت وتكبدها خسائر جسيمة بعدما استفادت بخبرات كبيرة وتكتيكات عسكرية خلال عملية طوفان الأقصى.
فى ظهر الشعب الفلسطينى ستظل مصر سند الأمة العربية وعمودها القوى الذى لا يلين مهما كانت الضغوط، رافضة اى محاولة لتصفية القضية الفلسطينية وتهجير الشعب الفلسطينى من قطاع غزة أو من الضفة الغربية أو اقتطاع أجزاء من أرضها لنقل الفلسطينيين إليها وستقف مصر كلها شعبا وقيادة حائطا منيعا ضد ترهات ترامب التى يطلقها بين الحين والآخر لتحويل غزة لمنتجع سياحى على الطريقة الغربية، وتمنيات النتنياهو بالتخلص من المقاومة ومن الشعب الفلسطينى.