استوقفنى هذا الجدل المثار حاليا.. حول إعادة وضع تمثال ديليسبس على قاعدته فى مدخل قناة السويس بمدينة بورسعيد.. وهو التمثال الذى تم إعادة صنعه من جديد بعد أن حطم شعب بورسعيد التمثال الأصلي.. خلال نضالهم الشجاع ضد العدوان الثلاثى على مدينتهم الباسلة فى عام ٦٥٩١.. وقد قررت هيئة قناة السويس وضع هذا التمثال فى مخازن الترسانة البحرية التابعة للهيئة فى بورسعيد.. ولأننى من أبناء الإسماعيلية.. عشت سنوات عمرى الأولى على ضفاف القناة.. أراقب مرور السفن بها.. وأسبح فى مياهها مع أهلى وأصدقائي.. أشعر برباط قوى بينى وبين القناة.. وانها جزء من حياتنا وتاريخنا.. وهو شعور لدى جميع أبناء القناة فى الإسماعيلية وبورسعيد والسويس.. وفى كل مرة أعود لبلدى الإسماعيلية.. خلال زيارتى الأسبوعية لها «كل خميس وجمعة» لابد من لقاء الاحبة سواء على شاطئ التعاون «أعرق شواطئ القناة».. أو شاطئ نادى الدنفاه الملاصق تماما لمجرى القناة.. حيث تمر أمامنا السفن العابرة للقناة.. على بعد أقل من 10 أمتار.. فالقناة بالنسبة لنا.. عشق يجرى فى دمائنا.. هذا بالاضافة إلى أن مياهها اختلطت بالدماء الذكية لشهدائنا الابطال فى جميع حروبنا.. وقد سألت المهندس محمد عزت عادل رئيس هيئة القناة الأسبق «الله يرحمه».. لماذا تضعون تمثال ديليسبس فى المخازن.. ولا تضعوه على قاعدته الأصلية.. قال المهندس عزت عادل.. إن ديليسبس نصاب كبير ومحتال ولا يستحق أن يوضع تمثاله فى القناة.. وأضاف المهندس عزت عادل.. أن المهندس النمساوى نيجرللى هو الذى قام بعمل الرسومات الهندسية التنفيذية للمشروع فى مسابقة دولية.. بعيدا عن ديليسبس.. يقول د. على مصطفى الحفناوي.. إن ابنة المهندس نيجريللى حصلت على حكم من المحاكم الفرنسية بالزام ديليسبس بمنح أسرة نيجرللى التعويض المناسب.. كما حصلت جماعة السيمونيين الفرنسية على حكم مماثل ضد ديليسبس لسرقته رسومات تنفيذ مشروع القناة.. وقد احتال ديليسبس على مصر.. وألزمها بتقديم عمال السخرة على نفقتها.. كما حصل على تعويضات مالية من مصر نتيجة إلغاء الخديو إسماعيل للسخرة وكذلك تعويضات مماثلة لسحب مصر ملكية ترعة الإسماعيلية من شركة القناة.. التى تم شقها خصيصا لتوصيل المياه الحلوة لمنطقة القناة.. أثناء الحفر وبعده.. وتفنن ديليسبس فى بيع نصيب مصر من أسهم القناة وتقدر بـ 15 % إلى إنجلترا.. وقد أدين ديليسبس فى قضية قناة بنما وحكم عليه بالسجن.. عين ديليسبس خلال فترة رئاسته للقناة نجله نائبا لرئيس مجلس إدارة شركة القناة التى يرأسها ديليسبس.. ويقول د. مصطفى الحفناوى «الأب».. فى الدراسة الرائعة عن قناة السويس التى أصدرها فى 4 أجزاء أن ديليسبس أراد القناة له ولفرنسا وأوروبا.. وأن تكون مصر عبدا.. يسخر لشق القناة ولخدمة اطماعهم الاستعمارية.. وقد نجح ديليسبس فى خداع مصر وعلى رأسها الزعيم عرابي.. ليسمح للانجليز بعبور القناة.. مخالفا وعده لعرابي.. ليقع الاحتلال لمصر فى يوليو 1882.. حتى 1956.. وبذلك خسرت مصر إيرادات القناة لمدة 27عاما كاملة.. لم تحصل خلالها على مليم واحد.. تعمدت أن اسرد هذا التاريخ لاضعه أمام كل من ينادون بإعادة وضع تمثال ديليسبس فى مدخل القناة.. ومن هنا أقول.. إننى أطالب بوضع تمثال للبطل العظيم عسران.. على مدخل القناة كرمز من رموز المقاومة الشعبية فى بورسعيد الباسلة.. فى مقاومتها للعدوان الثلاثى «إنجلترا ـ فرنسا ـ إسرائيل» .. البطل عسران قام بخطف الضابط مورهاوس ضابط المخابرات العسكرية الإنجليزية وهو يجوب بسيارته وحيدا شوارع بورسعيد.. فى زهو وفخر وكأنه فى نزهة نشوة الانتصار.. البطل عسران.. ثأر لكرامة بلده وقام هو ومجموعته باختطاف مورهاوس.. الذى اتضح أنه ابن عمة ملكة إنجلترا.. بحثت السلطات الإنجليزية عن هذا الضابط فى كل بورسعيد.. لم تجده.. فألقت القبض على البطل عسران.. ونقلته إلى قاعدتها الإنجليزية فى قبرص.. وخلعت عيناه.. مقابل ضابط المخابرات الإنجليزي.. وكان عسران يردد.. أن فقد بصره أغلى وسام فى حياته.. ألا يستحق هذا البطل أن يقام له تمثالا.. كرمز وطنى يعشق بلده.. ولا شك أن ديليسبس جزء من تاريخ القناة.. وغالبا ما يكون التاريخ مكانه داخل المتاحف.. فليوضع تمثال ديليسبس داخل متحف القناة الجديد بالإسماعيلية.. من هنا أقول.. نعم لعسران ولا لديليسبس.. أدعو معى لعسران فقد فارقنا منذ عدة سنوات.