أمام المرأة والحركات والجمعيات النسائية أو النسوية فرصة ذهبية للانطلاق إلى آفاق جديدة أكثر إشراقاً وأقوى عقلانية واسهل قبولا وأمضى رشدا.. ذلك إن أردن ارتقاء بأوضاع المرأة وتفعيلاً لدورها فى المجتمع وأن تكون أكثر تجاوباً مع الحراك الاجتماعى العام وعلى مختلف المستويات.
آن الأوان لتصحيح المسار وإعادة ضبط المصنع لحركات المرأة العربية والإسلامية بعد أن وصلت المجتمعات شرقاً وغرباً على السواء إلى حالة من التدنى والانحدار الشديد تكاد تقترب من الهاوية اللاأخلاقية على وجه الخصوص..
إضاءات كثيرة ورسائل مهمة بعث بها المؤتمر الدولى الأول للواعظات بعنوان دور المرأة فى بناء الوعى والذى نظمه المجلس الأعلى للشئون الإسلامية برئاسة د.أسامة الأزهرى وزير الأوقاف على مدار يومين تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى بمشاركة مائة من العلماء والوزراء والمفتين والمهتمين بقضايا المرأة من 66 دولة..
أسباب كثيرة تعطى للمؤتمر أهميته وحيويته وتمنحه زخماً غير مسبوق فى مقدمتها الظرف التاريخى والتوقيت الحساس وما تشهده الساحة الداخلية والخارجية من تداعيات خطيرة وتحديات أشد خطورة فيما يتعلق بالوعى العام وما يحدث على صعيد الشباب خاصة وتسلل ثقافات غريبة وعجيبة وانتشارها بصورة مزعجة حتى بين الأطفال الصغار والفتيان والفتيات.
الأكثر إزعاجاً وقلقاً الدعوات الغربية المصحوبة بتوجهات وضغوطات من نوع ما لتمرير كل ما هو معاٍد للفطرة الإنسانية ويتعارض مع أبسط قواعد الدين والعرف والأخلاق.. مرة عن طريق الدراما واخواتها ومرات بإقامة فاعليات يشارك فيها أنصار التحلل من كل القيم الدينية وتشجع على التمرد والخروج على القيم والأعراف الاجتماعية السليمة.
الآن تعلو الأصوات بكل جدية وهى مستشعرة الخطر أن لا للتغريب لا لتغييب المرأة فى مجتمعاتنا الإسلامية.. كفى تبعية للغرب ودعاة التغريب والانسلاخ الحضاري.. يكفى ما حدث للمجتمعات المسلمة وما سببه التقليد الأعمى للغرب وما أفرزته الحركات النسوية المرتبطة بالجمعيات الغربية.
أسعدنى كثيراً وأنا أسمع ما تردد بصورة مباشرة وصريحة فى أروقة المؤتمر على لسان كبار العلماء مسئولين وغير مسئولين.. آن الأوان لنقدم للعالم الرؤية الإسلامية الصحيحة عن المرأة ودورها وقضاياها الحقيقية بعيداً عن أى زيف وخداع..
د.أسامة الأزهرى وزير الأوقاف لابد من الحذر من الشعارات المريبة التى يطرحها الغرب عن المرأة والصورة السلبية عن المسلمات التى تبناها الغربيون.. واعتبرها د.محمد عبدالرحمن الضوينى وكيل الأزهر كاشفة عن ضعف التواصل والتعارف الحضاري.
أيضاً التركيز على القواعد والأسس الواضحة التى أقرتها الشريعة بالنسبة للمرأة خاصة والأسرة عامة والنظر إلى القضايا بعين الصدق والتمحيص لما يطرأ ويستجد على الساحة.. وبعيداً عن الدوران فى حلقات مفرغة لا نهائية سفسطائية عن لباس المرأة وحجابها وميراثها وعداوتها للرجل والندية معه ليستمر الصدام وغير ذلك من قضايا مفتعلة وضعها المستشرقون فى المقام الأول لإثارة الشبهات حول الإسلام ومحاولة التشكيك والانتقاص من قدر المرأة المسلمة ومكانتها وغير ذلك من ترهات يقصدون منها فى المقام الأول إخراج المرأة من دينها واضعاف دورها وأبعادها عن مهمتها الأساسية قدر الإمكان ولم يكن من مهماتهم الدفاع عن المرأة أو منحها حقوقها التى يزعمون.
الأمر الجدير بالانتباه هو دخول الواعظات على خط العمل النسائى وهى قوة عظيمة تزداد كل يوم حيوية وتكتسب أرضا جديدة وأنصارا لأنها وجدت ساحة عطشى وقلوبا هاوية وفراغا فتمددت بأريحية ودون ازعاج من أحد أو لأحد حتى الآن وهذه نقطة بالغة الأهمية والحيوية.. فحركة الواعظات لم تسقط فى أى من الفخاخ التى أصابت الحركات النسوية الأخرى وضربتها فى مقتل وأول تلك القواعد تجنب الصدام مع الآخر أو افتعال معارك وهمية لإثبات الوجود أو لتأكيد القدرة على الفعل وبالتالى الحصول على الرضا السامى من أصحاب الأجندات إياها والداعمين مادياً ومعنوياً.
هذا الواقع يفرض على الحركة الوعظية النسائية تحديات كثيرة وربما يضعها فى مرمى نيران قوى خبيثة لا تزال تنشط بقوة للنيل من المرأة والعبث بكل ما له علاقة برسالة المرأة ودورها الحقيقى للنهوض بالمجتمع وتحقيق الأمن والاستقرار النفسى والاجتماعى والاقتصادى أيضاً.
والله المستعان.