فى أجواء عيد الاضحى تهب علينا قيمتان لهذا العيد المبارك.. القيمة الاولى هى قيمة الفداء والتضحية التى ضرب بها النبى الاعظم «إسماعيل» مثلا عظيما للإنسانية وليس للمسلمين فقط.. والقيمة الثانية هى قيمة الوحدة فى أسمى معانيها والتى ضرب الحج العظيم مثالا آخر لها ولدلالاتها التاريخية… سؤالنا اليوم وبعد الاجرام الصهيونى فى «طوفان الأقصي» والابادة الجماعية لغزة وأهلها وسط صمت العالم وليس العرب والمسلمين فحسب …ترى أين نحن من هاتين القيمتين العظيمتين :الفداء والوحدة؟
> لقد دأب الخطاب التكفيرى فى سنوات الربيع الزائف على نشر قيم الاختلاف وثقافة الكراهية بين أبناء الامة الاسلامية ونسيان القضية الفلسطينية تماما ، خدمة بالاساس لمشغليه من دوائر استخبارية غربية وإقليمية وليس خدمة لله أو للدين الاسلامى الحنيف، دوائر تأتى واشنطن وتل أبيب فى صدارتها واكتوت الأمة الواحدة من هكذا فكر ودفعت أثمانا باهظة من الشهداء والضحايا ومن نكوص النهضة وقيم التنمية والثورة الحقيقية فى كافة مناحى الحياة ورفض الفداء والوحدة ولعل فى زيارة ترامب الاخيرة للمنطقة بكل تفاصيلها وصفقاتها التى تجاوزت الـ 4 تريليونات ما يؤكد ذلك.
إن الفترة الممتدة من 2011 إلى اليوم شهدت مذابح مروعة وصراعات مميتة بين كافة الفرق الاسلامية فكل يدعى امتلاك الحقيقة وأن فرقته أو مذهبه هو المذهب الاسلامى الصحيح وأن فرقته هى الفرقة الناجية وما عداها باطل وخارج عن ملة الاسلام ومن ثم يستحق القتل.
اليوم فى أجواء عيد الاضحى المبارك نحتاج كل الفرق والتيارات الاسلامية المستنيرة عربيا إلى أن نزيح كل هذا الزيف عن طريقنا لانه أضحى عبئا على الاسلام ذاته وبات بمثابة ألغام متفجرة سرعان ما ستنفجر فى الجميع وليس فى أتباع مذهب بعينه.
إننا نحتاج اليوم مجددا الى رفع لواء الوحدة الاسلامية ودرء الفتن وتأكيد عروبة فلسطين وبقاء شعبها العظيم فى أرضه… فبدونها لن تكون هناك قيمة حقيقية لهذه الأمة فى عالمنا المعاصر وحول الوجوب الشرعى لذلك الفداء الذى تتمثل فيه غزة سيدنا النبى الاعظم اسماعيل عليه السلام ولتلك الوحدة الغائبة التى يرقص ترامب فرحا بضياعها بعد زيارته الاخيرة !! دعونا نؤكد على الآتى :
> يحدثنا التاريخ بداية عن ذلك التلازم الحيوى بين كل من الوحدة والجهاد وبين الصعود الحضارى للأمة الإسلامية وبسقوط أو ضياع إحدى هاتين القيمتين، يهبط المنحنى الحضارى للأمة الإسلامية، وتتخلف عن مستوى العمران والأخلاق وتصبح فريسة سهلة للاعتداءات الخارجية والمحركة لمؤامرات الداخل تماما كما جرى فى سنوات الربيع العربى الزائف الثمانى الماضية.
فالوحدة إذن عنصر أساسى من عناصر المشروع الحضارى الإسلامي، وهى أولاً فريضة شرعية، وهى ثانياً ضرورة للصعود الحضارى الإسلامى ولحماية الأمة من أعدائها وضرورة أيضاً لرقى الأخلاق والسلوك لدى أفراد هذه الأمة.
والأمة الإسلامية كلما كانت موحدة، كانت قوية قادرة على تحقيق رسالتها، وقادرة على حماية نفسها من الأعداء وقادرة على تحقيق العمران، وقادرة أيضاً على الرقى الأخلاقى والسلوكى والاجتماعي، وكلما كانت مفككة، كانت ضعيفة، غير قادرة على أداء رسالتها وغير قادرة على حماية نفسها من الأعداء، وغير قادرة على تقديم إنجاز عمرانى ذى شأن، ومنحطة أخلاقياً وسلوكياً واجتماعياً.
والنصوص الشرعية التى تؤكد فرضية الوحدة كثيرة ومتنوعة يقول الله تعالى فى كتابه الكريم:
«إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون» الأنبياء 92.
«وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون» المؤمنون 52.
«وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ومن يعتصم بالله فقد هدى إلى صراط مستقيم» آل عمران101.
«واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون» آل عمران 103.
ويقول النبى الاكرم «صلى الله عليه وسلم»«المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً» ويقول «يد الله مع الجماعة».
ولنلاحظ فى هذا الحديث الموجز، أن مدد الله يأتى مع الوحدة أو أن الوحدة شرط لنزول مدد الله تعالي، ومدد الله كان تاريخيا وسيظل هو السبب المباشر للنصر والسيادة والإنجاز الحضاري.