شواهد ووقائع جرت فى المنطقة العربية عبر العقود السبعة الماضية اثبتت انه لا استقرار ولا سلام دائم فيها الا بزوال امرين يسببان التوتر وعدم الاستقرار والحروب والنزاعات والصراعات المستمرة والنزيف المستمر للخسائر البشرية والمالية وتعطيل التنمية واعاقة النمو الاقتصادى واستنزاف الموارد والثروات فى المواجهات المسلحة.
المنطقة العربية ومن حولها اقليم الشرق الاوسط يختلفان عن اى اقليم او منطقة فى العالم يشهدان منذ عقود طويلة صراعات وحروباً دامية بين بعض اطرافها وبين الكيان الصهيونى المزروع فى القلب منها للقيام بوظيفة واحدة هى اشاعة التوتر والنزاعات المسلحة على الدوام بهدف وحيد هو تعطيل اى تطور أو تقدم او تنمية فى الدول الفتية وافشال اى خطط أو محاولات لاقامة اى شكل من اشكال الوحدة أو الاتحاد.
العاملان الرئيسيان اللذان اذا تحققا سيكون هناك استتباب للامن وديمومة للاستقرار وشيوع للسلام اولا زوال الوجود الامريكى لأن وجوده يحمل بين طياته اسباب مهاجمته وما يترتب على ذلك من رد وتستمر الهجمات على قواعده وقواته ويستمر الرد ويستمر التوتر وعدم الاستقرار وتظهر تنظيمات ومجموعات خارج السلطات الشرعية لمقاومة وجوده بعضها لا توجد سيطرة عليها وبعضها يعمل لصالح اطراف من خارج المنطقة بل ان بعضها من انتاج اجهزة مخابرات غربية ترعاها وتمولها وتسلحها وتستخدمها فى مهام خاصة وفى اوقات معينة ومثل هذه المجموعات المدعومة من الغرب تعمل لمن يدفع اكثر.
والثانى هو لابد من اقامة دولة فلسطينية تستوعب كل الشعب الفلسطينى فى الشتات وتستطيع احتواء منظمات وحركات المقاومة ويصبح عند كل مواطن فلسطينى امل وهدف وتفاؤل بالعيش فى وطن مستقر يحيا فيه حياة طبيعية مثله مثل كل مواطن فى العالم تتوافر له كل مقومات الحياة من تعليم وصحة واستقرار وامن وتنمية واستثمار وتحقيق طموحاته وتطلعاته.
ألم يسأل المسئولون الامريكيون انفسهم سؤالا عن اسباب استهداف القواعد والقوات والمصالح الامريكية فى المنطقة او اية منطقة اخري؟ وهل يجدون صعوبة فى ايجاد الاجابة المنطقية والطبيعية على هذا السؤال؟! بطبيعة الحال سألوا انفسهم هذا السؤال كثيرا ويعرفون اجابته وربما يعرفون تفاصيل غير مرئية للاخرين لكنهم يجدون غضاضة فى التصريح أو حتى التلميح عن اسباب استهدافهم ولا يعرفون سوى شيء واحد وهو الرد بقسوة وبعنف على كل من يستهدف قواعدهم او يقتل جنودهم أو يأسرهم وكأنهم اصحاب حق واصحاب ارض وهم المعتدى عليهم وليسوا هم الدخلاء والمغتصبون والمعتدون وليسوا هم من فرضوا انفسهم بالقوة وبالبلطجة ليس على منطقتنا ولكن على مناطق ودول اخرى كثيرة.
المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا قالت فى تعليقها على الضربات الامريكية على سوريا والعراق: «الولايات المتحدة لا تبحث عن حلول للمشاكل فى المنطقة.. امريكا كانت دائما راضية عن تصاعد التوتر فى الشرق الأوسط».
تَقرن الولاياتُ المتحدة العملَ العسكرى بالدبلوماسية للحد من التوترات الاقليمية فى محاولة لإعادة تشكيل المنطقة على قاعدة «شرق أوسط جديد» فى حين ان الاكثر بديهية ان حل الصراع فى غزة وإقامة دولة فلسطينية بشكل كبير سيؤدى إلى الحد من التوترات الإقليمية مما يؤسس لمنطقة اكثر امانا وأكثر استقرارا وأمنا ويعيد تنظيم القوى الإقليمية وضبط نفوذ اى طرف لديه طموحات او تطلعات توسعية فضلا عن ان الخروج الآمن للوجود الامريكى سيكون سببا ومبررا لاختفاء الجماعات والمليشيات المسلحة واى وجود لها سيكون مرفوضا من كل الدول والقوى الاقليمية والدولية.
ليس خافيا على احد ان الارهاب وجماعاته مرتبطة بشكل او بآخر بالكيان الصهيونى وامريكا وهى ادوات واذرع لها وظائف ومهام معلنة واخرى سرية تقوم بها عند اللزوم او الحصول على الاشارة وابلغ مثال على ذلك تحركها جميعا عندما حصلت على الضوء الاخضر فى يناير 2011 ونجحت فى اشاعة الفوضى المطلوبة وسقوط دول وطنية وانهيار مؤسساتها وبخاصة اجهزتها الامنية وتخريب مرافقها واقتصادها واثارة النعرات المذهبية والطائفية والاثنية لتهيئة الاجواء لعملية التقسيم والتجزئة التى كانت خرائطها جاهزة لاقامة كيانات صغيرة فى كل دولة يسهل السيطرة عليها واحتواؤها ولكى تكون مبررا لاعلان الكيان الصهيونى دولة يهودية خالصة خالية من العرب والمسلمين والمسيحيين الذين سيكون لكل منهم كيان صغير هزيل وتكون الدولة الصهيونية هى الدولة المهيمنة والمسيطرة على كل تلك الكيانات.
ورغم فشل المؤامرة فى تنفيذ اهم اهدافها وهو التقسيم الا ان القوى الاستعمارية واداتها الصهيونية فى المنطقة لم ييأسوا ويواصلون الليل بالنهار من اجل تنفيذ هدفهم النهائى بتقسيم المنطقة بتكريس الوجود الامريكى وعدم حل القضية الفلسطينية حتى يظل عدم الاستقرار والتوترات والنزاعات والمواجهات والولايات المتحدة التى تواجه مشكلات وازمات داخلية معقدة تريد الهروب الى الامام بتكثيف نشاطها الخارجى للحيلولة دون حدوث انهيارات فى بنية مجتمعها الذى يدرك ان بلاده اكبر دولة عليها ديون تفوق ديون كل دول العالم وانها دولة تعيش بالبلطجة ومهددة بالانهيار والتفسخ وتعالى الاصوات الانفصالية ومنظماتها المطالبة بالاستقلال عن الفيدرالية المركزية والمثال الماثل امامنا فى الوقت الحاضر ولاية كاليفورنيا احدى اكبر الولايات الامريكية واظن ان هذه العوامل الداخلية ستجعل امريكا اكثر تركيزا وتكثيفا للعمل بالمنطقة باعتبارها اهم مناطق العالم من حيث موقعها وثرواتها وتحكمها فى طرق التجارة العالمية وستظل الداعم الاكبر للكيان الصهيونى لينفذ لها مخططاتها ومؤامراتها ضد دول المنطقة واى عمل لها بالمنطقة يحظى باهتمام الاعلام العالمى ويكون له دوى هائل لدى الرأى العام وهو ما يؤجل الى حد كبير الانهيارات المتوقعة هناك.