أشعر بحالة اندهاش غير مسبوقة بما حققه العدو الصهيونى من اختراقات لحزب الله وتصفية معظم قياداته بعد التعرف على أماكن اختبائهم واجتماعاتهم.. وهى المعلومات التى عجزت أجهزة الاستخبارات الصهيونية والأمريكية فى الحصول عليها طوال عقود مضت .
نعم.. العدو المجرم لديه أجهزة استخبارات متعددة ومتنوعة.. لكن هذه الأجهزة التى ينبهر البعض بما حققته خلال الأسابيع الثلاث الماضية فشلت فى التنبؤ بطوفان الاقصى الذى ضرب الكيان المحتل فى مقتل وجعل أجهزته الاستخباراتية أضحوكة العالم فى السابع من أكتوبر الماضي، كما فشلت على مدى عام كامل ومعها أجهزة الاستخبارات الأمريكية والبريطانية والفرنسية فى التعرف على مكان الرهائن الصهاينة فى غزة ومعهم يحيى السنوار ومن يحرسهم من كتائب حماس رغم أن الصهاينة المجرمين يسيطرون على غزة كاملة براً وبحراً وجواً والأمر يختلف عن الوضع فى جنوب لبنان .. وهذا يؤكد أن أجهزة الاستخبارات الصهيونية وحدها لا تستطيع أن تحقق ما حدث فى لبنان ومن قبل ذلك ما حدث فى إيران من مقتل رئيس الجمهورية ومرافقيه فى حادث الطائرة.. ثم اغتيال اسماعيل هنية.
>>>
نعود لما حدث فى لبنان خلال الأيام الماضية وحالة الاختراق الأمنى لحزب الله لنلفت نظر المنبهرين الى أن العدو الصهيونى المجرم لا يعمل وحده فوق وداخل لبنان .. بل تعاونه كافة الأجهزة الأمنية فى أمريكا وبريطانيا وعدد من الدول الأوروبية، وبالتأكيد حصيلة ما يتم جمعه من معلومات عبر هذه الأجهزة وما يتم دفعه من أموال لعملاء لبنانيين أو إيرانيين تسال له اللعاب يحقق للعدو الصهيونى ما يصبو إليه بسهولة وهو ما تحقق على أرض الواقع خلال الأيام الماضية.
الهالة التى تضفيها بعض أجهزة الإعلام العربية على قدرات العدو الصهيونى الأمنية والعسكرية تؤدى الى كسر عزيمة العرب على مواجهة أحقر قوة احتلال فى التاريخ رغم ان الجميع يعلم أن هذا العدو الذى يمتلك ترسانة عسكرية جبارة بفعل الدعم العسكرى المتواصل من أمريكا وبعض الدول الأوروبية .. لم يحارب جيشا منظما يمتلك أسلحة متنوعة كالتى يمتلكها، بل حارب جماعات لا تمتلك سوى اسلحة تقليدية خفيفة لا تقوى على مواجهة سلاح طيران حديث كالذى تمتلكه أمريكا ومدعوم بقنابل مدمرة تأتى يوميا من أمريكا.
هالة إسرائيل العسكرية هى فى حقيقة الأمر «هالة إعلامية دعائية « تستهدف زرع حالة من الخوف والاستسلام فى نفوس العرب لكى لا تفكر دولة أو دول أو جماعات مقاومة فى التصدى لهذا العدو المجرم ووقف أطماعه الكثيرة فى المنطقة.
لذلك أرى أن الانبهار بالعدو الصهيونى جزء من الحرب النفسية التى تستهدف كسر عزيمة العرب واستسلامهم للاطماع الصهيونية واخماد روح المقاومة فى نفوسهم وهو هدف لا يحقق مصالح العدو الصهيونى وحده لكنه يحقق أهداف الراعى الرئيسى لاستنزاف ثروات العرب والسيطرة على مقدراتهم.
>>>
رغم ما يسيطر علينا من إحباط نتيجة ما ارتكبه العدو الصهيونى المجرم فى غزة ولبنان وسوريا واليمن والعراق خلال الشهور الماضية لا ينبغى أن نستسلم لهذا الواقع المر.. فالعدو الصهيونى جبان ولا يقوى على مواجهة من يمتلك نصف قدراته العسكرية لأن الجبن من سمات الصهاينة أكدت المواجهات معهم هذه الحقيقة.
وفيما يخصنا نحن فى مصر فنحن لا يرهبنا هذا العدو المجرم مهما حقق من نتائج على جبهات أخرى لأننا نثق جميعا فى قوة قواتنا المسلحة وقدراتها على ردع كل من تسول له نفسه العدوان على مصر أرضا وشعبا، ونؤمن بأن مصر محفوظة برجالها وأبطالها الى يوم الدين، وأن كل من تسول له نفسه المساس بسيادتها على أرضها سينال ما يستحق من ردع.
فى كل الظروف والأحوال يلتف الشعب المصرى حول وطنه يدافع عنه ويعبر عن حبه وولائه له وحرصه على التضحية بكل ما يملك من أجله، فقد زرع فينا ديننا حب الوطن، والعمل من أجل تعميره وبنائه وحمايته من كل الأشرار.
لذلك.. لا ينبغى أن نلتفت لما يردده أعداء الوطن عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فمعظم ما يرددونه يدخل فى باب الشائعات والأكاذيب والتى هى بضاعتهم الوحيدة لنشر اليأس والاحباط فى نفوس المصريين، فقد تعودنا منهم على ذلك طوال السنوات الماضية.
نعم.. نعانى من مشكلات اقتصادية مثل كثير من دول العالم، لكن.. لا يعنى هذا أن نستمع للمغرضين الذين يضخمون مشكلاتنا ويستهدفون بث اليأس فى نفوسنا من خلال أحاديث تفتقد الى الأمانة والموضوعية، فهم يسعون دائما من خلال التركيز على السلبيات ونشر الشائعات والأكاذيب.
وهنا نؤكد أن واجب علماء الدين وخطباء المساجد وقادة الرأى على مواقع التواصل الاجتماعى أن يردوا بالحجة والبرهان على دعاة اليأس والإحباط والإصلاح والنهضة التى ننشدها لجماهيرهم، وأن يواجهوا بالعقل وتوجيهات الدين كل من يحاول أن يبث فى نفوسنا مشاعر الإحباط واليأس .. والمنهج الصحيح فى مقاومة اليأس والاحباط هو الالتزام بتوجيهات الدين، والاهتداء بهديه، والتماس خطى المستقبل من منهجه فى الحياة.