مازالت ردود الأفعال تتوالى على تصريحات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بعد مطالبته بمرور السفن التجارية والحربية الأمريكية عبر قناة السويس دون دفع رسوم عبور، والتى تعتبر مخالفة للاتفاقيات الدولية وتعدياً على السيادة المصرية، إذ تعتبر مصدراً مهماً للدخل المصرى رغم انخفاض إيراداتها فى العام المالى الماضى إلى 7.2 مليارات دولار، مقارنة بـ9.4 مليارات دولار فى العام الذى سبقه، ولذا اعتبرت مصر هذا الطلب مرفوضاً وغير قابل للتفاوض لأن هذه القناة حفرت بدماء المصريين ولا يمكن التفريط فى مقدراتها خصوصاً أنها تسهم فى حركة التجارة البحرية العالمية بنسبة تراوح بين 12٪ إلى 15٪.
يسجل التاريخ إنشاء قناة السويس التى تعتبرأكبر ممر مائى يبلغ طوله نحو 193.3 كيلو متراً وتصل بين البحرين المتوسط والأحمر، وهى أسرع ممر بحرى بين قارتى أوروبا واَسيا وتوفر نحو 15 يوماً من الإبحار منذ انطلاق الرحلة بدلاً من المرور من طريق رأس الرجاء الصالح، وأن فكرة إنشاء القناة انطلقت عام 1798 مع قدوم الحملة الفرنسية على مصر، ففكر نابليون فى شق القناة إلا أن تلك الخطوة لم تكلل بالنجاح، فيما أصدرت الولايات المتحدة إعلان الاستقلال الأمريكى فى الرابع من يوليو 1776 أى قبل البدء فى التفكيرفى حفر قناة السويس بـ22عاماً فقط وعدد هذه الولايات 13 فقط وكانت مجرد مستعمرات أمريكية حاربت بريطانيا العظمى لتصبح ولايات مستقلة، غير تابعة للإمبراطورية البريطانية، بعد مرور أكثرمن عام على اندلاع حرب الاستقلال الأمريكية، فيما واصلت مصر محاولات حفر القناة فى عام 1854 حتى استطاع ديلسبس إقناع محمد سعيد باشا بالمشروع وحصل على موافقة الباب العالى العثماني، فقام بموجبه بمنح الشركة الفرنسية برئاسة ديلسبس امتياز حفر وتشغيل القناة لمدة 99 عاماً فيما استغرق بناء القناة 10 سنوات من 1859 حتى 1869 وشارك فى عملية الحفر ما يقرب من مليون عامل مصري، استشهد منهم ما يزيد على 120 ألف عامل من الأجداد والاَباء أثناء الحفر نتيجة الجوع والعطش والمرض.
افتتحت مصرالقناة عام 1869 فى عهد الخديو إسماعيل فى حفل عالمى مهيب وفى عام 1905 حاولت الشركة الفرنسية تمديد حق الامتياز 50 عاماً إضافية إلا أن تلك المحاولة لم تنجح وفى يوليو عام 1956 أعلن الرئيس جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس، والذى تسبب فى إعلان بريطانيا وفرنسا بمشاركة إسرائيل الحرب على مصر ما عرف بالعدوان الثلاثى، وتسببت حرب 1967 فى إغلاق قناة السويس لأكثر من 8 سنوات، حتى أعاد الرئيس أنورالسادات افتتاحها فى يونيو 1975 بعد وقف الحرب بين مصر وإسرائيل عقب حرب أكتوبر والتى استشهد خلالها الآلاف من شباب مصر.