فى قبة الغورى الملاصقة للجامع الأزهر كنا على موعد مع المنشد على الهلباوى نجل شيخ المبتهلين الشيخ محمد الهلباوى وقبل أن نجرى معه الحوار أخذنا بصوته الشجى إلى عالم احسسناه بروحنا ولم ندرك مداه بأبصارنا.. حلق الهلباوى الابن بجمهوره عندما بدأ أمسيته الرمضانية بالانشاد ثم عرج بهم مادحاً النبى صلى الله عليه وسلم وانهى فقرته بـ «مرسال لحبيبى مغرم يرتل ترنيم عشق لتتعالى آهات الحضور المثقف والذى ضم الملحن الكبير صلاح الشرنوبى وعدد من قيادات وزارة الثقافة والشباب والأسر التى جاءت من كل حدب وصوب لتحجز تذكرة وتستمتع بالفن الراقى بدأنا الحوار مع الفنان الشامل باسئلة عن مشوار والده الراحل عليه سحائب الرحمات وعلاقته به وكيف سار على طريقه لكن بطريقته محافظاً على شخصيته المتصوفة الزاهدة التى جعلته لا يسعى للشهرة رغم اجماع النقاد والجمهور على موهبته المنفردة واتقانه للشغلانه على أصولها.
على الهلباوى يصلح أن نطلق عليه لقب «مزازنجي» يختار كلماته التى يغنيها بعناية وبشرط أن يحسها وهذا ما ورثه عن والده الذى تأثر به وشكل وجدانه فكان والده يعتبره وش الخير لانه انضم للإذاعة فور ولادته وكان يصطحبه فى مجالس الانشاد والحضرات وعندما شب صار صديقاً له ومديراً لأعماله ومرجعية فى تعلم المقامات.
< ما هى نوع العلاقة التى تربطك بوالدك بمعنى آخر هل تأثرت به وشكل وجدانك الفني؟
<< كانت تربطنى بوالدى الشيخ محمد الهلباوى شيخ المبتهلين علاقة خاصة فمنذ ولادتى عام 1977 اعتبرنى والدى بانى وش السعد حيث اجتاز اختبارات الاذاعة وتم اعتماده بها وفى سن السادسة من عمرى بدأت ارافق ابى فى الذهاب والإياب فكنت اذهب معه إلى المسجد للصلاة واحضر معه الحضرات الصوفية فى مسجد الحامدية الشاذلية وكنت أشعر فى هذه الحضرات رغم صغر سنى بالراحة والاطمئنان وكنت اتمايل على الذكر والقصائد التى تمدح سيدنا النبى صلى الله عليه وسلم وعندما صرت شاباً نشأت صداقة بينى وبين والدى واصبحت مديراً لاعماله لا افارقه طوال اليوم.
< متى تم اكتشاف موهبة جمال الصوت لديك؟
<< فى سن السادسة كنت فى الصف الأول الابتدائى اختارونى فى الاذاعة المدرسية ان استهل الاذاعة بتلاوة ما تيسر من آيات الذكر الحكيم وعندما بدأت فى القراءة هابنى الموقف وتركت الميكروفون بعد قراءة آية واحدة لكن ادارة المدرسة شجعتنى وازالت الرهبة واشادت بى واثنت على صوتى وصرت نجم الاذاعة المدرسية وفى أول حفل للمدرسة أنشدت صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم وعندما عدت من المدرسة وحكيت لجدى قبلنى وشجعنى واهدانى ريالا لـ20 قرشا وكان وقتها مبلغا جيدا لطفل مصروفه اليومى 5 قروش.
< معروف عنك بين زملائك المنشدين والمطربين أنك تتقن المقامات كيف أتقنتها؟
<< بصراحة أنا استفدت من والدى جداً بس مش بشكل مباشر اقصد دون تلقين أو جلسات خاصة أو دروس فوالدى رحمة الله عليه كان موهوبا جداً فى المقامات وكتب بحث فى علم النغم والمقامات بعنوان «التصوير النغمى للنص واستضافه الموسيقار الراحل عمار الشريعى فى برنامجه الاذاعى الشهير غواص فى بحر النغم وكنت شغوفا بتعلم المقامات فكنت أسمع المقام واراجع والدى لتعلمه والتفريق بينه وبين بقية المقامات فضلاً عن الثقافة السمعية فأنا اتابع كل المطربين العرب والأجانب ومكتبة والدى كان لها دور فى تثقيفى والحمد لله استطعت أن أتقن «الشغلانة كلها مش بس المقامات».
< رغم اجماع النقاد والجمهور المتابع لك أنك موهوب وتملك صوتا شجيا لكن لم تحظ بالشهرة الكافية التى تناسب حجم موهبتك؟
<< أنا فنان مزازنجى وجمهورى شبهى مش غاوى شهرة وبشتغل عشان اشبع موهبتى وأمتع جمهوري.. واحكى لك موقفا حصل لى كان فيه عدد من الفنانين يحضرون فى احدى حفلاتى ومن بينهم الفنان حجاج عبدالعظيم وأنا فى عز سلطنتى قام صرخ وقال الله عليك ياهلباوى عليا الطلاق أنت حالة واستحالة تتكرر أنت لازم تأخذ نصيبك من الشهرة وتنتشر أكثر من كده.
< لماذا تركت معهد الموسيقى ولم تكمل فيه دراستك؟
<< فى نهاية السنة الأولى فى المعهد تعرفت على الدكتور على الجميل الذى كان يدرس لى وعندما سمع صوتى قالى سيبك من المعهد أنت موهبتك مكتملة تعالى اشتغل معايا فى الفرقة وبالفعل عملت معه وكان زملائى فى الفرقة د.أنعام لبيب ود.صلاح عبدالستار، وعملت مع الاستاذ سليم سحاب وطفت العالم مع والدى وكنت عضواً فى فرقته ومديراً لأعماله وغنيت معه فى الأوبرا وبيت السحيمى وساقية الصاوى حتى الكنيسة وكان والدى يمزج بين الانشاد والترانيم مع المعلم إبراهيم عياد مرنم الكنيسة الارثوذكسية وكررت تجربة والدى وعملت مع المرنم ماهر فايز وطفنا كل المحافظات وقت أحداث يناير و30 يونيو.
< هل كان الشيخ الهلباوى ينشد لكم فى المنزل فى جلساته الخاصة؟
<< كان والدى رحمة الله عليه يغنى لنا أنا وأشقائى ماهر ووفاء والاحفاد فى كل عيد ميلاد للعائلة وكان يخلق جواً من المتعة والسعادة فى أرجاء المنزل.
< اتعلمت من شيوخ غير والدك الشيخ الهلباوي؟
<< طبعاً الشيخ محمد عمران والشيخ محمود محمد رمضان وأحب الاستماع لمحمد قنديل صوت مصر الحقيقى ومن جيل الوسط ايمان البحر درويش ومن الشباب أحمد سعد ومصطفى حجاج صديقى الموهوب.
< هل ورث أحد ابنائك موهبتك؟
<< لى 3 بنات كلهن ورثن جمال الصوت سميحة فى ثانوية عامة وحبيبه اعدادية وإيمان آخر العنقود.
< انتماءك الكروي.. بتشجع الأهلى أم الزمالك؟
<< أنا أهلاوى وطقوسى فى التشجيع مختلفة دائما ما اتابع مباريات النادى الأهلى وحدى بالمنزل.
< لماذا لم تعش فى زى والدك الأزهرى هل تمرد أم أنت ابن عصرك ترفض أن تتعمم؟
<< لن اعيش فى جلباب أبى وأنا شبه جمهورى فالزى الأزهرى سوف يفرض على قيودا فى نوعية الكلمات التى اطرحها لجمهورى فانا اغنى وانشد وامدح.
< تابعنا لك بعض الادوار فى السينما والمسرح هل ستحترف الفن؟
<< أنا بالفعل قدمت بعض الاعمال الفنية وقمت ببطولة مسرحية وأديت دور «الشيخ» سلامح حجازى وبالعمامة وكانت عمامة ابى وملابسه وفيلم الليلة الكبيرة غنيت فيه نسيم الوصل وكنت أرتدى عمامة أبى ايضا.
< ما هى نصيحتك لمن يرغب فى الانشاد أو الغناء بصفة عامة؟
<< على كل من يرغب الانشاد لازم يتوقف فى سن البلوغ حتى لا يهدر صوته لان هذه المرحلة العمرية يتم استنزاف الموهبة والنماذج كثيرة التى فرطت فى موهبتها عندما بدأت تغنى وتنشد فى الصبا وواصلت عند البلوغ.
< ما هى امنياتك التى تسعى لتحقيقها؟
<< استر البنات بعدما اعلمهت أحسن علام وازور بيت الله الحرام وأحج وكده رضا.
أما امنياتى على المستوى العام أن يوفق الرئيس عبدالفتاح السيسى فى تحقيق تطلعات الشعب المصرى وان يعين الشعب فى السعى والكد ليؤدى كل رب اسرة رسالته على اكمل وجه وكل عام ومصر قيادة وشعباً بألف خير ورمضان كريم.