
عندما يولد العمل الفنى من رحم المعاناة فالنجاح حليفه اينما وجد. هذا ماحدث مع الفيلم الفلسطينى الاسرائيلى «لا أرض أخري» الذى فاز بجائزة اوسكارعن افضل فيلم وثائقى طويل بحفل توزيع جوائز الأوسكار بدورته الـ97 بمسرح «دولبي» فى لوس أنجلوس.
فالفيلم اثبت ان القوى الناعمة يمكن ان تكون درعًا للشعب الفلسطينى ضد حرب الابادة والتهجير القسرى الذى يفرضه الاحتلال الاسرائيلى على سكان غزة.
يحكى الفيلم قصة تحالف يتطور بين ناشط فلسطينى وصحفى إسرائيلى وسط صراع شعبيهما فى الضفة الغربية المحتلة.
وتسلم الجائزة فى مسرح دولبى بهوليوود الفلسطينى باسل عدرا، المولود عام 1996، والصحفى يوفال أبراهام المولود فى عام 1995ويظهر الفيلم عدرا وهو يقاوم التهجير القسرى لشعبه على يد الجيش الإسرائيلى فى منطقة مسافر يطا بالضفة الغربية، كما يظهر جنوداً إسرائيليين، وهم يهدمون المنازل، ويطردون السكان لإنشاء منطقة تدريب عسكرية.
وقال عدرا: «إن الفيلم يعكس الواقع القاسى الذى نعانى منه منذ عقود، ومازلنا نقاومه، وندعو العالم إلى اتخاذ إجراءات جدية لوقف الظلم ووقف التطهير العرقى للشعب الفلسطيني».
وقال أبراهام إنهم صنعوا الفيلم لأن صوتهما معاً أقوي، مضيفاً «نرى بعضنا بعضاً، والدمار الوحشى لغزة وشعبها والذى يجب أن ينتهي، والرهائن الإسرائيليين الذين اختُطفوا فى جريمة السابع من أكتوبر، ويجب إطلاق سراحهم».
وتابع: «عندما أنظر إلى باسل، أرى أخي، لكننا غير متساوين.. نعيش فى نظام حاكم حيث أنا حر بموجب القانون المدنى وباسل يخضع للقانون العسكرى الذى يدمر حياته، ولا يستطيع السيطرة عليها».
وعلى الرغم من فوز الفيلم بجوائز كبرى فى أوروبا والولايات المتحدة، قال أبراهام لموقع «ديدلاين» الشهر الماضى إنه لم يتم بعد التوصل إلى اتفاق بشأن توزيعه فى الولايات المتحدة.ورداً على سؤال عن سبب اعتقاده بأن الموزعين الأمريكيين يتجاهلون الفيلم، قال أبراهام لديدلاين «أرى أنه فيما يبدو لأسباب سياسية».
وعبر وزير الثقافة الإسرائيلى ميكى زوهار عن أسفه لفوز الفيلم، ووصفه بأنه «لحظة حزينة للسينما»، لأنه قدم رؤية مشوهة لإسرائيل،
وقال زوهار على إكس «حرية التعبير قيمة مهمة، لكن استخدام التشهير بإسرائيل كأداة ترويجية دولية يضر بدولة إسرائيل، من ناحية أخري، حقق الفيلم المستقل «أنورا» للمخرج شون بيكر مفاجأة مدوية بحصده خمس جوائز دفعة واحدة، ليصبح العمل الأكثر تتويجًا فى الحفل. شملت الجوائز «أفضل فيلم، أفضل مخرج، أفضل ممثلة لمايكى ماديسون، أفضل سيناريو أصلي، وأفضل مونتاج».
أنتج الفيلم بميزانية بلغت 6 ملايين دولار، وتدور أحداثه حول راقصة من نيويورك تتزوج من ابن ملياردير روسي، لكنها تواجه صراعات طبقية فى علاقتها مع عائلته.
وخطفت مايكى ماديسون الأضواء بفوزها بجائزة أفضل ممثلة عن دورها فى الفيلم، لتصبح أصغر ممثلة تفوز بالأوسكار، منذ جنيفر لورانس، عام 2013ووجهت ماديسون رسالة مؤثرة، قائلة: «هذا الفيلم يمنح صوتًا لمن لا يُسمع… أُهدى الجائزة لكل امرأة كافحت من أجل حقها فى أن تُرى وتُسمع».
أما الفيلم الفرنسى «إميليا بيريز» الذى دخل الحفل بـ13 ترشيحًا، فقد خرج بجائزتين فقط، هما أفضل ممثلة فى دور ثانوى لزوى سالدانيا، أفضل أغنية أصلية عن «إل مال» وأخفق «إميليا بيريز» فى نيل جائزة أفضل فيلم دولى التى حصدها الفيلم البرازيلى «آيم ستيل هير»، وهو عمل من نوع الميلودراما.
وبعد 21 عامًا، استعاد النجم أدريان برودى بريقه بفوزه بجائزة أفضل ممثل عن دوره فى فيلم «ذى بروتاليست»، الذى يجسد فيه شخصية مهندس معمارى يهودى ينجو من الهولوكوست ويهاجر إلى الولايات المتحدة.وقال برودى فى كلمته: «السينما ليست مجرد قصص.. إنها تذكير بإنسانيتنا المشتركة».
وعن الأفلام المتحركة، حصد الفيلم اللاتفى «فلو» جائزة أفضل فيلم، بعد تقديمه قصة رمزية عن التغير المناخي، من خلال رحلة قطة تبحث عن مأوى فى عالم غارق تحت مياه الفيضانات.
ورغم تصاعد الأزمات العالمية، بدت الدورة الحالية أكثر تحفظًا فى تناول القضايا السياسية، إذ تجنب مقدم الحفل كونان أوبراين التطرق بشكل مباشر للملفات الساخنة، إلا أن كلمات بعض الفائزين، مثل أدريان برودى وباسل عدرا، حملت دعوات إلى التعايش والسلام.