رغم مرور قرابة 60 عامًا على انشائه يظل السد العالى مشروع القرن، بل ومشروع كل القرون لما قدمه لمصر من خيرات مادية ومعنوية، وانقاذ البلاد والعباد من أزمات كثيرة طوال هذه السنوات، لاسيما فيما يتعلق بتوفير المياه والحفاظ عليها خاصة فى أوقات الجفاف وندرة المطر التى قد تحدث فى دول منابع النيل، علاوة على منع إهدار المياه كما كان يحدث قبل إقامة السد خاصة بعد إنشاء بحيرة ناصر التى تحّولت مع مرور الزمن الى مخزن للخيرات سواء فيما يتعلق بالمياه أو الأسماك ولاتزال تحوى العديد والعديد من الكنوز التى يجب الاستفادة منها، وفى مقدمتها ملايين، وربما مليارات الاطنان من الطمى المشبعة بالمعادن النفيسة والذهب .
ووفقًا لأحدث الدراسات التى طالعتها مؤخرا فإن هناك ما يزيد على 4 مليارات طن «طمي» متراكم وفى تقدير أخر 140 مليون طن سنويا مشبعة بالمعادن النادرة والذهب محتجزة خلف السد العالي، تلك الكمية تكفى لاستصلاح الصحراء الغربية بأكملها كما يؤكد الخبراء وأساتذة مركز بحوث الصحراء وكليات الزراعة بجامعات مصر.
ولكن يبقى السؤال كيف نستفيد من هذه الكنوز المتراكمة خلف السد وفى بحيرة ناصر؟ والإجابة جاءت على لسان العديد من الخبراء و المتخصصين فى عدة نقاط، لعل فى مقدمتها إنشاء خط سكة حديد لنقل الطمى وتوزيعه على مدار طريقه الذى يبدأ من بحيرة ناصر وينتهى فى منخفض القطارة مع مد خط أنابيب بجوار خط السكة الحديد لنقل المياه من توشكى إلى منخفض القطارة، وإنشاء شركة وطنية للتكريك يكون عملها الأساسى إخراج الطمى من بحيرة ناصر للزراعة وكذلك يمكنها استخلاص الذهب والمعادن منه، خاصة وانه توجد بعض المؤشرات لوجود كميات كبيرة من «الذهب» خلف السد العالى مختلطة مع الطمى حسب ما ذكر بعض الخبراء.
ويرى الخبراء أن الطمى الذى يحمله القطار يتم توزيعه على مدار الطريق، على أن يقتصر استغلال تلك الكميات من الطمى على المستثمرين والشركات الوطنية مقابل دفع ثمن معقول تحدده الدولة وليتم به تحسين خصائص تربة الأراضى التى أشتروها حول خط القطار وأنبوب المياه.
وكشفت الدراسات أن العائد من هذا المشروع الطموح يتمثل فى زراعة ملايين الأفدنة بمحاصيل تحتاجها مصر وقابلة للتصدير باستخدام أحدث طرق الرى مثل التنقيط والزراعة فى صوب زراعية وبدون أسمدة كيمائية بما يعنى ان المزروعات تكون»Organic farming» وتلك عليها طلب كبير ومتنام فى أوروبا وأمريكا واليابان، بل وفى دول الخليج وبأسعار مرتفعة، إضافة إلى إعادة توطين الملايين من المصريين خارج وادى النيل الضيق مع تخفيف الأحمال الميكانيكية من على جسم السد العالى بسبب تراكم الطمى خلفه منذ أكثر من 50 سنة، الأمر الذى حرم وادى النيل من طمى الفيضان المغذى للتربة وأدى إلى تآكل شواطئ الدلتا.
كما يسهم المشروع فى زيادة الطاقة الاستعابية لبحيرة السد بسبب التعميق عن طريق التكريك، علاوة على خلق مجتمعات سكانية حول بحيرة السد تعمل فى صيد الأسماك يمكن نقلها بثلاجات فى القطار وكذلك صيد عشرات وربما مئات الآلاف من التماسيح التى تلتهم كمية كبيرة من الأسماك من البحيرة والاستفادة من جلودها الثمنية غالية الثمن، على أن يتم ملء منخفض القطارة تدريجيا بالمياه الزائدة عن الحاجة ليكون مستودع ماء عذب على المدى البعيد تستفيد منه مناطق الساحل الشمالى والعلمين ومطروح ومنطقة برج العرب الصناعية بالإضافة للمجتمعات السياحية والعمرانية والصناعية التى ستنشأ حول المنخفض نفسه، والأهم أنه سوف يؤدى بشكل كبير إلى انخفاض نسبة الملوحة فى تربة منحفض القطارة، وبالتالى إمكانية زراعتها بشتى أنواع المحاصيل .