ونحن نقترب من توديع شهر رمضان المبارك فإننا نفخر ونزهو ونعتز ونباهى الأمم بكل هذا الخير الذى تجلى واتضحت معالمه فى نوع من التكافل والمؤازرة والسلام الاجتماعى الذى لا مثيل له فى شعب مصر العظيم الطيب النبيل الذى يتجلى وينجلى معدنه النفيس فى التراحم والمحبة واقتسام لقمة العيش.
فطوال الشهر الفضيل وفى حديث لم يكن ينقطع من قبل عن أزمة اقتصادية وعن ارتفاع فى الأسعار وعن غلاء لم يكن معهودا فإننا لم نشعر فى الشهر الفضيل ان هناك أزمة أو ان هناك من سيعانى من تدبير النفقات، فقد كان هناك تنافس على فعل الخير، كانت الموائد الرمضانية فى كل مكان بشكل يفوق الأعوام الماضية وكانت هناك جمعيات خيرية أهلية تعلن على مواقعها توقفها عن قبول المساعدات الرمضانية لأن ما لديها من مخزون يكفى لأشهر عديدة بعد رمضان أيضاً ولا تملك طاقة وقدرة التخزين لكل هذه المساعدات الغذائية.. وكان هناك عشرات، مئات الآلاف من القادرين الذين استبدلوا المساعدات الغذائية بتوزيع المساعدات النقدية المالية كل يوم وكل ساعة وكل دقيقة.. كان هناك شعور دائم يجمعنا جميعا بأن هناك من يهتم وهناك الضمائر الحية التى تسعد بتقديم الخير وهناك القلوب الرحيمة التى تحرص على أن ترسم الابتسامة على وجوه الآخرين.
وأقول لكم.. هذا البلد العظيم سيظل قوياً متماسكاً لأن الخير جواه والنيل رواه والبركة كل البركة معاه.
>>>
ولكننى لا أوافق ولا أقر مبدأ التركيز على جمع التبرعات لتقديم وجبات غذائية على المحتاجين سواء كان ذلك من خلال بنوك للطعام أو جمعيات خيرية أو أفراد.. فاليوم سوف يسعد الناس بتلقى وجبة غذائية مجانية ولكن ماذا عن الغد؟ وهل ستأتى الوجبات يومياً وبصفة منتظمة؟!
ان المثل الصينى يقول «لا تعطنى سمكة.. ولكن علمنى كيف أصطاد السمك» وهذا المثل كان مفتاح التطور والنهضة التى شهدتها الصين وأذهلت بها العالم لأن المجتمع كله تحول إلى كتلة جماعية منتجة.. فقد علموا الناس كيف تعمل وكيف تكسب وكيف تبدع فى أى عمل لا يحتاج إلا إلى قدر قليل من التعلم والتدريب ولهذا انطلق الناس فى أعمال جماعية تتناسب مع قدراتهم وثقافتهم وتعليمهم فحققوا المعجزة.
ونحن لدينا كل الامكانيات ونملك كل المقومات والجمعيات الانسانية التى تقدم المساعدات عليها أن تعمل وفق رؤية ومنظومة تعلم البسطاء والمحتاجين كيف يمكن أن يعملوا وكيف يمكن أن يحققوا دخلا.. وكيف يمكن أن يعودوا إلى الاهتمام بالصناعات البيئية واليدوية.. وكيف يمكن أن يحققوا فائضا للتجارة والربح.. المساعدات وحدها لن تغير من واقع المجتمع.. ولكن المشاركة الجماعية فى العمل والانتاج هى الأبقى والأنفع.
>>>
وتناقض أحيانا مستنفر ومثير للألم والغضب معا.. فالإعلانات تتوالى عن الحث لتبرعات لبناء مستشفيات ولإطعام فقراء ولرعاية أيتام ومحتاجين بينما الاعلانات فى أعقابها تدعو وتحث وتجذب الناس للشراء فى «الكومبوندات» السكنية الفاخرة التى تباع وحداتها بملايين الملايين.. وناس داخل هذه التجمعات السكنية «هايصة» وترقص وتغنى وتعيش الحياة أحلى حياة مع المشاهير والنجوم فى البحيرات والشلالات والمطاعم والترفيه الذى وصل إلى حدود بيتك..! أنتم لا تدركون خطورة هذه الاعلانات التى تخلق احباطا أو تطلعات لا تنتهى لفئات كثيرة تحاول وتحلم أن يكونوا من أصحاب الحظ والسعد وليس مهما كيف سيحققون ذلك!!
>>>
وأكتب عن واقعة انسانية خارج الحدود.. والانسانية هى جزء لا يتجزأ من ضمير العالم الحر.. أكتب عن ممرضات فى تايوان ضربن أروع الأمثلة فى أداء الواجب حتى لو كلفهن ذلك التضحية بحياتهن.. فقد وقع زلزال مدمر زادت قوته عن سبع درجات على مقياس ريختر وآخر شريط فيديو مصور المستشفى وهو يتراقص ويتمايل معرضا للسقوط بينما سارعت الممرضات إلى البقاء إلى جوار أكثر من خمسة عشر طفلا فى «حضانات» ما بعد الولادة.. قررن حماية الأسرة من التحرك.. وقفن بأجسادهن يقدمن الحماية للأطفال.. ولم يسارعن بالهرب.. فضلن الموت مع الرضع عن النجاة بالحياة.. كانت مشاهدهن فى مواجهة الزلازل درسا فى الثبات وأداء الواجب.. كن ملائكة الرحمة بالثوب الأبيض.. ثوب مهنة التمريض الذى يستحق كل الاحترام والتقدير الممرضات اللاتى هن أساس المنظومة الطبية واللاتى يؤدين عملهن فى صمت وبابتسامة ولا يقل دورهن عن الأطباء إن لم يكن وجودهن فى كثير من الأحيان الأكثر ضرورة وأهمية.
>>>
وأعود إلى مؤلف «الكبير قوي» لم يجد ما يقدمه فى حلقات هذا العام إلا الاستعانة بغوريللا وبالعفاريت..!! لم يجد موضوعا أو قضية مع ان «الكبير قوي» كان أفضل فرصة لنقل مشاكل وحوارات أهلنا فى الصعيد إلى الشاشة بأسلوب مرح وكوميدى يقدم ويشرح عادات وحياة الأسر البسيطة هناك.. ودور الكبار والتقاليد والعادات بدلاً من الاستظراف و»الهبل» الذى أتحفونا به هذا العام..!
>>>
أما رامز.. فمن يذهب إليه بقدميه يستحق ما يجرى له.. ناس عاوزة «تتبهدل» والمهم أن تقبض الدولارات.. أو تدفع الدولارات لكى تكون «تريند» التريقة.. والتريقة بداية الشهرة والفلوس أيضاً.. دنيا مقلوبة..!
>>>
واللهم اشف من شكا ألما وخفف على من بكى وجعا وحزنا، ربى أرح ثم هون ثم اشف كل نفس لا يعلم بوجعها إلا أنت، اللهم احفظ لنا النعم وادفع عنا النقم وارزقنا حلو الحياة وخير العطاء وحسن الخاتمة.. اللهم نورا منك يضيء أيامنا.. آمين.. آمين.
>>>
>> وأخيراً:
هناك من يبحث عن السعادة..
وهناك من يصنعها.
>>>
والمطر.. والقهوة.. والقراءة.. أشياء تخبرنا
بأن السعادة ليست بحاجة إلى البشر.
>>>
ويوجد الكثير الأشقى منك.. فابتسم.
>>>
والابتسامة كلمة طيبة بغير حروف.