لايزال الفتى المدلل.. غير مصدق لما يحدث له.. فاللعنات تلاحقه فى كل مكان والكوابيس تفزعه وتقض عليه مضاجعه وتوقظه من أحلى أحلامه بعدما كان يأمر فيطاع ويعربد كيفما يشاء.. فما الذى حدث لهذا الفتى أقصد الكيان الصهيوني.
الذى حدث هو صدور حكم من أعلى محكمة عالمياً وهى العدل الدولية قبل بضعة أيام.. أهم ما فى هذه الأحكام.. عدم شرعية الاحتلال لأرض فلسطين خاصة التى بعد 1967.. وأنه لابد من زوال الاحتلال ورفع الظلم عن الفلسطينيين وتعويضهم مادياً عن كل ضرر لحق بهم منذ 1948 وحتى الآن.. لذا نزل الحكم كالصاعقة على رأس الكيان الصهيونى الذى تعود أن يأخذ ولا يعطي.. يقتل ولا يحاسب.. يتوسع فى الاستيطان كيفما يريد.. وكأنه صاحب الأرض الفلسطينية.. مدعياً أنه كان يوماً يعيش فى الأرض المقدسة وأن له الحق فى ميراث الأجداد.. ناسياً أنه اختار الشتات طواعية.
لقد أصاب القضاة الـ 15 بمطرقة العدالة الكيان فى مقتل لأنه كان صادماً ومفاجئاً للعالم أجمع الذى لم يعتد على صدور مثل هذه الأحكام بحق دولة تعيث فى الأرض فساداً.. وتطيح بكافة القوانين والمواثيق الدولية دون مبالاة وكأنها فوق القانون.. فلا أحكام سابقة من المحكمة الجنائية الدولية قبل بضعة أشهر ردعتها.. ولا جلسات فى الأمم المتحدة أوقفتها.. فهى أولاً وقبل كل شيء.. وكل طلباتها مجابة.. دون اعتبار للطرف الآخر المجنى عليه وهو فلسطين صاحبة الحق التى بح صوتها فى الأروقة الأممية لرفع الظلم عن شعبها الأعزل.. ومازالت تحاول متمنية الموافقة على حل الدولتين أو حتى البقاء فى الكانتونات التى وضعه فيها الكيان كراهية وإلا.
صراحة.. الحكم.. كان بمثابة البلسم على جراح الشعب المغلوب على أمره فهو يريد بصيصاً من الأمل فى غد يضمن فيه حياة كريمة كبقية شعوب العالم.. فهو الشعب الوحيد المحتل فى العالم.. فلم يعد هناك احتلال دولة لدولة كما كان فى الماضى الاستعمارى قبل تأسيس عصبة الأمم المتحدة أو الأمم المتحدة كهيئة فيما بعد.. الحكم التاريخى الذى يصدر لأول مرة فى تاريخه جاء شافياً كافياً مراعياً لظروف شعب قهره الاحتلال.. حكم جاء منصفاً حتى ولو لم يتم تطبيقه لأنه استشارى غير ملزم للأسف.. ولكنه فاتحة خير وبادرة أمل.. حكم صدر من كيان قضائي.
اتفق العالم على الخضوع لأحكامه عندما تجتمع لديه الخصوم من كافة الدول.. وفق المواثيق والعهود الدولية المتمثلة فى الأمم المتحدة المظلة التى يستظل تحتها العالم حتى لا يشبه غابة يأكل فيها القوى الضعيف.
الحكم.. استقبله أصحاب الشأن وهم الفلسطينيون برحابة صدر لأنه ينتشلهم من مستنقع الوحل ويدرأ عنهم الظلم والقهر الذى مورس عليهم من سلطات الاحتلال طوال عقود وليس هذا فقط وإنما بهدف إلغاء فلسطين من الوجود والدليل ما يجرى الآن فى غزة.. وفى المقابل علا صراع الكيان.. وبدأ فى تحشيد جيوشه وحلفائه للتصدى لهذا الحكم والتقليل من شأنه واعتباره كأنه حبر على ورق أو كأنه لم يكن لعدم الاعتراف بالمحكمة الدولية ولا بالجنائية شكلاً وموضوعاً ووجوداً.. ولكن لايزال مضطرباً متخوفاً خاصة أن الحكم الذى يعد استشارياً سيحال إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة لتقرر كيفية الرد عليه بما فى ذلك إصدار قرار قد يشكل دافعاً للمفاوضات أو يرسى معايير قانونية للتسوية التفاوضية مستقبلاً كأبسط إجراء أممي.. وإن كان من المفترض أن إلزام جميع الهيئات والدول بالامتناع عن مساعدة الكيان أو دعم الوضع الحالى المزري.
صراحة.. لا أريد الاستغراق فى التفاؤل.. ولكن بشكل عام الحكم عنوان الحقيقة.. وبصيص أمل.. وتحريك للماء الراكد أسفل الجسر.. وأهم ما فيه هو تبصير العالم خاصة الأجيال الصغيرة التى لم تكن تعرف شيئاً إلا ما ندر.. عن حقيقة الصراع الفلسطينى الإسرائيلي.. وعن أن الكيان اغتصب الأرض من أصحابها الأصليين وهم الفلسطينيون.. ولم يتم الاكتفاء بذلك وإنما أرادت ابتلاع آخر ما تبقى من أراض بعد 1967 وهى القدس الشرقية وأريحا وغزة.. أى حوالى 15 ٪ من الأرض الفلسطينية فقط. كما كشف للجيل الحالى أطماع الاحتلال ليس فى فلسطين وإنما من النيل إلى الفرات.. كما أن الحكم سيجعل أبناء الجيل الحالى يتجه إلى قراءة التاريخ والتمعن فيه!! وعموماً أشكر وأرفع القبعة لقضاة محكمة العدل الدولية الذين راعوا ضمائرهم ولم يلتفتوا إلى تهديدات الكيان وواشنطن والحلفاء من الغرب.
>> وأخيراً:
> هل يوقظ حكم العدل الدولية.. ضمير العالم.. ويضع الجميع أمام المسئولية.. أتمني!
> الكرة الآن فى ملعب الأمم المتحدة.. التى ينبغى عليها ألا تمر هذه الأحكام مر الكرام.
> الفيفا.. يؤجل نظر إيقاف إسرائيل دولياً فى كرة القدم.. الأزمات تتوالى على الكيان..!
> الداخلية.. تواصل تفعيل إجراءات تيسير استخراج جواز السفر لكبار السن.
> إنتاج 200 مليون قدم مكعب غاز يومياً من بئرين بالبحر المتوسط.. فاتحة خير.