تتسارع التطورات الميدانية فى قطاع غزة أمس حيث أعلن الجيشُ الإسرَائيلى توسيع نطاق عملياته وقواته العسكرية، فى ظل تفشى سوء التغذية ونقصِ الغذاء والدواء بالقطاع.
وأشار الجيش الإسرائيلى إلى دخول لواء المظليين القطاع خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية، لينضم إلى الهجوم على خان يونس تحت قيادة الفرقة 98.
وأكد الجيشُ الإسرَائيلى فى بيان أن جميع ألوية المشاة والمدرعات النظامية التابعة للجيش الإسرائيلى متمركزةٌ داخل قطاع غزة، ويشارك إلى جانبهِم عددٌ قليل من ألويةِ الاحتياط فى مناورة غزة.
وبالتزامن كشفت وسائل إعلام إسرائيلية أن مِروحِيات نقلت جنودا جرحى من غزة إلى مستشفيات إسرائيلية. جاء ذلك بعد ورود أنباء عن حدث أمنى طال الجنودَ الإسرَائيليين فى معارك فى مناطق شمال القطاع.
فى الوقت نفسه، أعلنت وزارة الصحة فى غزة استشهاد 22 فلسطينيا فى غارات إسرائيلية منذ فجر أمس، 15 منهم وسط وجنوبى القطاع.
وقال الدفاع المدنى فى غزة إنه تم انتشال جثامين 8 فلسطينيين استشهدوا نتيجةَ العمليات الإسرائيلية المتواصلة على مناطقَ شرقى خان يونس جنوبى القطاع، فيما ذكر مراسلون أن
5 فلسطينيين استشهدوا فى قصف إسرائيلى استهدف منزلا فى جباليا شمالى غزة.
وبذلك يرتفع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلى منذ 7 أكتوبر 2023 إلى 53 ألفا و939 شهيدا، بالإضافة إلى 122 ألفا و797 مصابا.
وعلى صعيد المساعدات الإنسانية افادت مصدر لحركة حماس أن 100 شاحنة مساعدات دخلت إلى غزة فقط، وهو ما يمثل 1 ٪ من الاحتياج الأساسى للسكان. وأفاد البيان أن أكثر من 57 حالة وفاة سُجلت بسبب سوء التغذية ونقصِ الغذاء والدواء.
وتستمر الأزمة المتعلقة بالغذاء فى مناطق قطاع غزة المختلفة، لاسيما شمالى القطاع الذى يواجه منعا إسرائيليا يتمثل بعدم وصول شاحنات المساعدات بالشكل الكافى حتى اللحظة، وعرقلة عمل مخابز القطاع، حيث قدرت المخابز العاملة والتابعة لبرنامج الغذاء العالمى بـ 4 من أصل 25 فقط حيث لا تكفى لسد حاجات المواطنين، علاوة على نفاد المواد الغذائية من الأسواق وارتفاع أسعارها بشكل كبير، ما يرفع من مخاطر توسع رقعة سوء التغذية والمجاعة التى تهدد حياة أكثر من 70 ألف طفل يواجهون شبح الموت نتيجة للجوع المستمر.
من جانبها، قالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» إن قطاع غزة يحتاج 500 إلى 600 شاحنة مساعدات كل يوم.
وقالت الأونروا، فى منشور على صفحتها بموقع فيسبوك، إن «تدفق المساعدات بشكل هادف وغير منقطع إلي غزة هو السبيل الوحيد لمنع الكارثة الحالية من التصاعد أكثر».
وأضافت أن «أقل حاجة هى 500 إلى 600 شاحنة كل يوم تدار من خلال الأمم المتحدة بما فى ذلك الأونروا». وأكدت أن «الشعب فى غزة لا يستطيع الانتظار أكثر من ذلك».
فى السياق، أكد المفوض العام للوكالة فيليب لازارينى أن مُخططَ الإمداد الإسرَائيلى المقترح فى غزة لن ينجح. وقال فى بيان إنه ليس من الممكن لمنظمةٍ إنسانية تحترم حقا المبادئ الإنسانية الأساسية أن تلتزم بمثل هذا المخطط فى إشارة الى المخطط الإسرائيلي، إذ تسعى إسرائيل إلى فرض آليةٍ بديلة لتوزيعِ المساعدات عبر مراكزَ تخضع لسيطرةِ الجيش الإسرائيلي، الأمرُ الذى من شأنِه إقصاءُ فئاتٍ واسعة من السكان، لا سيما ذوى الإعاقة وكبار السن، عن تلقى المساعدات الضرورية.
من ناحية أخرى نشرت صحيفة «هآرتس» تحقيقا كشفت فيه أن الشركة التى أعلن مؤخرا عن إنشائها لتوزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة ليست سوى نتاج جهد من فريق مقرب من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، عمل دون علم الأجهزة الأمنية لاختيار شركة غير معروفة ولا تملك خبرة لتنسيق العمليات الإنسانية. وأوضح التحقيق الذى نشر أمس الأحد أن المؤسسة – التى سجلت منظمة غير ربحية فى سويسرا تحت اسم «مؤسسة غزة الإنسانية» – قدمت نفسها على أنها أمريكية، إلا أن عناصر إسرائيلية تقف وراءها، وتثار الكثير من التساؤلات بشأنها.
ونقلت «هآرتس» عن منتسبين للمؤسسة الأمنية، حاليين وسابقين، أنهم تفاجؤوا باختيار الشركة «المجهولة»، وأكدوا أن الاختيار تم فى عملية سرية أشرف عليها اللواء رومان غوفمين السكرتير العسكرى لنتنياهو، من دون مناقصة أو المرور عبر القنوات المعتادة أو منسق أعمال الحكومة بالضفة وغزة، كما تم استبعاد الجيش ووزارة الدفاع بشكل كامل من عملية الاختيار.
وقالت «هآرتس» إنه فى ضوء علامات الاستفهام المتنامية، هناك شعور متزايد بين كثيرين فى المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بأن هناك مصالح شخصية واقتصادية فى هذه القضية، ويعزز ذلك الشعور استمرار الحرب، وتفاقم الأزمة الإنسانية فى قطاع غزة، والحاجة المتزايدة لكيان جديد يتولى مهمة تقديم المساعدات. ونقلت الصحيفة عن مصدر أن الأمم المتحدة رفضت التعاون مع الشركة المجهولة لتوزيع المساعدات بغزة وثمة شكوك بشأن قدرتها على العمل من أجل الفلسطينيين.
وكشفت «هآرتس» أن المسئولين عن المؤسسة الجديدة – وبينهم شخص يدعى فيل رايلي، وهو مسئول كبير سابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية – يقفون أيضا وراء شركة أخرى تدعى «أوربيس» التى عملت فى وقت سابق فى غزة، وأشرفت على تأمين محور نتساريم خلال فترة وقف إطلاق النار فى غزة بين يناير ومارس الماضيين.
وفى سياق متصل قالت الصحيفة العبرية إن استئناف الحرب فى غزة تسبب فى عجز مالى كبير يتراوح ما بين 15 و25 مليار شيكل.
وأشارت إلى أن العجز ناجم عن استدعاء الاحتياط وتمديد فترة الخدمة الالزامية وشراء الذخائر.