مناهج متطورة خالية من التأويلات المتطرفة
إنشاء 30 كلية ومعهد لتقريب المسافة وتسهيل العملية التعليمية لأبناء الصعيد

أكد د.محمد عبدالمالك نائب رئيس جامعة الأزهر للفرع القبلى أن كليات الجامعة أصبحت تملك كوادر متميزة لديها القدرة على الابتكار والإبداع فى العلوم الشرعية والتجريبية .. مشيرا إلى أن فرع الوجه القبلى أعاد الحياة لطالبات الصعيد بعدما كان الآباء يرفضون استكمال بناتهم التعليم لابتعاد المسافة بين القاهرة والصعيد.. موضحا فى حواره مع «الجمهورية» تطوير مناهج الأزهر وتنقيتها من التأويلات الباطلة الفاسدة التى كانت تيارات العنف والتشدد تستخدمها فى استباحة القتل والعنف.. كما تطرق الحوار إلى العديد من النقاط المختلفة.
>> هل يمكننا القول إن جامعة الأزهر استطاعت تطوير مناهجها الشرعية؟
> جامعة الأزهر ليست مجرد كيان تعليمى فقط بل تعتبر جزءا من الهوية الدينية للعالم الإسلامي، وقد لاحظنا مع موجة ظهور التيارات المتشددة انهم يستعينون ببعض النصوص التى كانت لها مناسبات معينة فى الفقه الإسلامي، ويقومون بتعميم تلك النصوص على حوادث مختلفة، حتى رأينا الدواعش يستندون إلى تأويلات باطلة تبيح لهم القتل والذبح والإحراق بالنار، ولذلك قرر فضيلة الإمام الأكبر د.أحمد الطيب شيخ الأزهر بتشكيل لجنة على أعلى مستوى من الخبراء فى العلوم الشرعية والفقهية قاموا بغربلة جميع المناهج بصورة دقيقة وأعادوا صياغتها بما يتناسب والمنهجية العصرية، ولم تكن تلك اللجنة وقتية بل قرر الإمام الأكبر أنها دائمة الانعقاد مع تطعيمها بين فترات بعدد من المتميزين حتى الوصول إلى مناهج تعكس وسطية الفكر الأزهرى المعتدل.
>> كيف تعمل الجامعة على تطوير المناهج الدراسية لتواكب سوق العمل؟
> نحن نحاول ان نتواكب مع العصر حيث تم افتتاح كلية العلوم وبها أقسام متعددة والخريجون منها يوزعون فى سوق العمل.. فإن متطلبات التعليم الأزهرى تُعنى بدراسة الشريعة، وعلوم أصول الدين والدعوة الإسلامية وغير ذلك، وقد قمنا بتطوير هذه المناهج بحيث لا ينتظر الخريج التعيين فى الاوقاف وغير ذلك ولكن يتم تأهيله بطريقة معينة ونقوم بتوزيعه للقيام بالدعوة الى الله من خلال المنهج الوسطى الذى يتبناه الأزهر الشريف، ثم يتم تأهيله من خلال برتوكول تعاون مع وزارة الاوقاف لنشر المنهج الوسطي، حيث قمنا بتنمية وعى الخريجين من خلال عمل بروتوكول تعاون مع وزارة البحث العلمى ووزارة التعليم العالى وإطلاق مبادرة «ريادة الاعمال» ونقوم من خلالها تكوين مجموعات كل مجموعة تقدم مشروعا يتضمن ابتكارات متنوعة من الطلاب سواء من الكليات العملية او الكليات النظرية، وتنمو هذه المشروعات بدعم من الأزهر ووزارة التعليم العالى والبحث العلمي، ونظرا لحالة التميز فى المشروعات والابتكار قام الرئيس عبدالفتاح السيسى بتكريم عدد من طلاب جامعة الازهر فى مجال المشروعات الصغيرة المتميزة، كما حصل عدد من الطلاب على منح مالية لتنفيذ مشروعاتهم حتى بلغت منحة بعض الطلاب 300 ألف جنيه لتفوقهم الدراسى أيضا نحاول الحصول على منحة من وزارة الاتصالات بأن تدرس الطالبة 9 شهور وتحصل على شهادة تأهيل الى سوق العمل، حيث يوجد بالجامعة 4 حاضنات تكنولوجية، وكل حاضنة بها مجموعة متعددة من الطلبة والطالبات يتم تدريبهم وتأهيلهم لسوق العمل وتكوين مشروعات مبتكرة للمساهمة مع الدولة فى خدمة المجتمع، وعلى سبيل المثال مشروع انتاج الخبــز بمكـــونات 20 ٪ من الدقيــــق و60 ٪ من البطاطا لعلاج نقص القمح، والتوسع فى العملية الزراعية باستغلال أسطح المنازل والزراعة الافقية.
>> هل توجد برامج طلابية لتنمية المهارات الطلابية وربطها بسوق العمل؟
> بالطبع جميع الكليات تقوم على تدريب الطلبة والطالبات حتى الكليات الشرعية تدرب طلابها على الدعوة والخطابة والمهارات «كيف يكون خطيبا» وكيف يواجه الناس ويتعامل معهم واكتشاف المواهب الموجودة فيهم وتبنى هذه المواهب من الجامعة للطلاب الذين حصلوا على مراكز متقدمة حتى فى مجالات المرأة من خلال برامج دائمة وتطوير مستمر بمراكز الاسرة لانتقاء المواهب منهم
>> هل الجامعة أصبح لديها قدرة على المنافسة الابتكارية؟
> جامعة الأزهر أصبحت بالفعل ضمن منظومة الابتكار المعرفى وللعلم الأمر ليس قاصرا كما يظن البعض على العلوم التجريبية بل الابتكار موجود فى العلوم الشرعية فى ظل التحديات التى تحيط بالعالم من جماعات التطرف ذات اليمين أو ذات اليسار.. لذا فإن الابتكار من طلاب الأزهر وأساتذته فى الجانب الشرعى تحقق فى وجود اليات استباقية للفكر المتشدد تسهم فى التنبؤ بحدوثه وتوقع مدى توغله بين الفئات العمرية المختلفة حتى يمكن مكافحته بصورة منضبطة، بما يضمن اجهاض المحاولات التى تزعزع الأمن والاستقرار فى مهدها ولا يخفى انعكاس تلك الجهود الفكرية على التنمية الشاملة التى تهدفها مصر فى مختلف المجالات، وإذا سألنا خبراء الاقتصاد فإنهم يؤكدون أن الاستثمار قرين الاستقرار، ولا استقرار مع إرهاب وعنف، كما نجح طلاب وأساتذة الأزهر فى الجانب التجريبى حيث حققوا مستويات متقدمة فى المسابقات الدولية، كما أن أبحاثهم العلمية منتشرة فى الدوريات العالمية تنطق بما يملكون من علوم معرفية تسهم فى خدمة البشرية
>> هل إنشاء أفرع لجامعة الازهر يعتبر لونا من القضاء على المركزية؟
> بداية يجب أن نعترف أن المجتمع العالمى والمصرى على وجه الخصوص يثق بالتعليم الازهرى بصورة كبيرة وهذا يتضح من عدد طلاب التعليم قبل الجامعى فى المعاهد الأزهرية والذى يصل قرابة 2 مليون طالب، وهذا العدد الكثيف يحتاج إلى كليات تستوعبهم والاقتصار على كليات العاصمة كان بمثابة أمر مستحيل، لذلك جاء التفكير فى التوسع بالمحافظات بالوجهين القبلى والبحري، والهدف من ذلك تحقيق أعلى نسبة استيعاب للطلاب بما يضمن توسيع مظلة التعليم الأزهرى خاصة إذا علمنا أن الفرع الرئيسى بالقاهرة يلتحق به قرابة 40 ألف طالب وافد يمثلون 140 دولة من دول العالم، وقد حرصت إدارة الجامعة تحقيق عدم المركزية فى الإدارة للفرعين حيث أعطت لنواب رئيس الجامعة للفرعين القبلى والبحرى صلاحيات اتخاذ قرارات الإنشاء والإدارة والتنفيذ بما يضمن تسيير حركة العمل التعليمى بصورة تضمن الإبداع.
>> ما التحديات التى تواجه فرع جامعة الأزهر بالوجه القبلي؟
> إن الوجه القبلى أقدم فرع بعد القاهرة ومنصوص عليه فى قانون تنظيم الازهر رقم 103 بكل قطاعاته المختلفة وينص على أن يقام فرع للجامعة فى الوجه القبلى نظرا لتباعد المسافات بين المحافظات.. بخلاف الوجه البحرى حيث نجد أبعد مسافة بين القاهرة ودمياط على سبيل المثال 250كم والمسافة بين القاهرة والاسكندرية حوالى 200كم، ولكن الوجه القبلى على سبيل المثال المسافة بين أسيوط وأسوان تزيد عن 500كم، وهذه تعتبر من أهم الصعوبات التى تواجه الطلاب والطالبات، حيث كانت الطالبة لتأتى إلى القاهرة لتلتحق بكلية الطب على سبيل المثال فتقطع مسافة 1000كم ذهابا ومثلهم إيابا فقد قمنا بتذليل الصعاب فى الانتقال، خاصة أن معظم أولياء الأمور فى الصعيد يتمسكون بالأعراف والعادات والتقاليد ولا يحبذون تغريب البنات لدخول كليات القمة، فيقومون بالاستغناء عنها وتبديلها بكليات عادية حتى لا تغترب البنت عن منزل أهلها، وتعتبر أسيوط منطقة وسط بين القاهرة وأسوان فالمسافة المقطوعة بين القاهرة وأسيوط حوالى 400كم، والمسافة المقطوعة بين محافظة أسيوط وأسوان حوالى 500كم فقمنا بمحاولة تقديم الخدمات التعليمية بين البنين والبنات فى محافظات الصعيد من خلال إنشاء كليات جديدة بحيث تخدم أبناء الوجه القبلي، ومن هنا كان على سبيل المثال عندنا قطاع طبى متكامل جميع كليات الطب فى فرع الجامعة بأسيوط باستثناء كلية الاسنان للبنات، سنقوم على افتتاحها قريبا، إضافة إلى افتتاح كلية علوم، وهندسة بنين، وتم إضافة كلية هندسة أخرى للبنات وعندنا فى محافظة الوادى الجديد مساحات شاسعة ولكن لم توجد بها كليات، وعندما قامت الدولة بإنشاء وتطوير الطرق الجديدة قربت المسافات بين المحافظات ولكن قبل التطوير كان الطالب يقطع مسافة 1000كم للانتقال من الفرافرة الى فرع الجامعة أسيوط، فقامت الجامعة بافتتاح كلية البنات فى الخارجة، واخذنا قرار افتتاح كلية أخرى للبنين تبدأ العام المقبل، ونحاول إضافة كلية الدراسات الاسلامية والعربية للبنين والبنات، وهذه الكلية تعتبر بمثابة جامعة، لأنها واحدة وتضم جميع الأقسام، وعلى سبيل المثال مدينة طيبة بمحافظة الأقصر فيها كلية للدراسات الإسلامية بها قسم الشريعة الإسلامية وقسم الشريعة والقانون وقسم أصول الدين وقسم الترجمة الفورية وقسم اللغة الانجليزية، وبالتالى كانت أهم المشكلات والصعاب التى تواجه العملية التعليمية فى الصعيد ندرة الكليات، وكان يكلف الطلاب والطالبات مشقة كبيرة ويمثل صعوبات عند أولياء الأمور واستطعنا أن نقضى على هذه المصاعب بافتتاح كليات كثيرة حتى وصل عدد الكليات بالوجه القبلى إلى 30 كلية ومعهد.
>> كيف تحاربون الفكر المتطرف داخل الجامعة وتنشرون الفكر المعتدل؟
> داخل المدينة الجامعية اكتشفنا طلابا منهم من يحاول عمل محاضرات داخل جامع المدينة وغير ذلك لنشر فكره ولكن قمنا باستدعائه وحاورناه وناقشناه حتى نبين له سوء فكره ونرشده إلى الفكر الوسطى الصحيح، فنحن فى الجامعة نُدَّرس جميع المذاهب وجميع الأديان باعتدال وبكل ما فيها من مزايا بحيث نجعل الطالب يحمل فكرا وسطيا معتدلا يمكن ان يتعايش من خلاله مع الناس جميعا دون نظر إلى عقيدتهم.
>> هل هناك خطة لتطوير التعليم الإلكترونى واستخدام الذكاء الاصطناعي؟
> إن التعليم الإليكترونى بدأ فى الجامعة منذ فترة انتشار فيروس كورونا حيث تحول التعليم بالجامعة « أون لاين» وتدرب الجميع من طلاب واساتذة وباحثين وعمداء ونواب على العمل بأدوات التعليم الإلكترونى إلقاء المحاضرات والتعلم عن بُعْدٍ وتحاول بعض الاقسام للاتجاه الى الذكاء الاصطناعى ولكن بحذر لأن الازهر نعتبره مرجعية للعالم كله فإذا قام احدهم بسؤال الذكاء الاصطناعى عن أشياء روحية على سبيل المثال فيمكن ان يوجههم الى موسيقى هادئة او أشياء أخرى وهذا لا يتوافق مع منهجنا لأن النواحى الروحية عندنا هى الإرشاد الى كتاب الله وإلى ذكر الله وهكذا بما يتوافق مع الفطرة فنحن نتعامل مع الذكاء الاصطناعى بحذر نأخذ منه ما ينفعنا فقط للحفاظ على ديننا وعلى هويتنا وعلى ثقافتنا ولا نرفض ما يؤتينا من الخارج ولكن ننتقى ما يوافق ديننا
>> كيف ترعون المواهب الطلابية؟
> يوجد بالجامعة مسابقة حرة فى مجالات مختلفة مثل مسابقة القراءة الحرة والتى تم تخصيص جوائز مالية للمتميزين فيها سواء فى مجالات الشعر أو الخطابة أو الكمبيوتر أو أى ناحية علمية، فقد كرمت طالبة كتبت القرآن الكريم كاملا بالرسم العثمانى وبعد مراجعته كاملا لم نجد فيه أية أخطاء وصحيحا وقد أثبتت الاحصائيات أن 2٪ من علماء العالم من أساتذة الأزهر إضافة إلى 16 أستاذاً فى جامعة أسيوط لهم أبحاث وابتكارات واختراعات مسجلة بأسمائهم.
>> هل فرع الصعيد بالجامعة يسهم فى المبادرات الاجتماعية للوطن؟
> ساهمت الجامعة فى مبادرة مليون صحة بخروج قافلة طبية للقرى التى لها مشكلات صحية من أطباء وتمريض وأدوية مع بعض الاجهزة الطبية السريعة.. وشاركنا فى مبادرة بناء الانسان ومعظم المبادرات الرئاسية نتفاعل معها باستمرار.
>> هل لديكم أنشطة معينة فى شهر رمضان؟
> رمضان له نظام خاص لا نقف فيه على النواحى التعليمية فقط بل يكون فيه ندوات مستمرة وتوعية مع عمل افطار جماعى ونقدم فيه للطلبة والطالبات كل ما يستفيدون منه من جميع النواحى فكل انشطتنا تحمل كل الحب والود والخير لطلابنا وجميع المواطنين