«إنه زمن النساء والتغيير» هكذا اختتمت كلوديا شينباوم آخر خطاب لها فى حملتها الانتخابية قبل فوزرها فى انتخابات الرئاسة فى المكسيك، لتنهى قرون من هيمنة الرجال على المنصب السياسى الأعلى فى البلاد.
حصلت شينباوم على 60 ٪ من الأصوات فى سباق نسائى خالص، متقدمة على منافستها مرشحة المعارضة سوتشيتل جالفيس، التى حصلت على 28 ٪ من الأصوات فى هذا الاقتراع، فيما حصل المرشح الوسطى خورخى الفاريس ماينيس على 9 إلى 10 ٪ من الأصوات.
فوز شينباوم فى الانتخابات الرئاسية بالمكسيك أكبر حصاد ومكافأة لها بعد مشوار طويل حافل بالانجازات السياسية والثقافية والأمنية، وليس مجرد انتصار للاتجاه الأنثوى مقابل الوجود الذكورى الذى قاد دائرة إجرام لامتناهية فى الآونة الأخيرة عانت منها المكسيك ووصلت إلى حد اغتيال المرشحين فى الانتخابات المحلية.
شينباوم التى تمثل اليسار الحاكم «حزب مورينا» هى أم لإبنين وكانت حاكمة العاصمة نيو مكسيكو، وهى تلميذة للرئيس المنتهية ولايته لوبيس أوبرادور، وتنوى مواصلة السياسات الحالية الرامية إلى توسيع البرامج الاجتماعية لصالح ذوى الدخل المنخفض والطبقة العاملة. وكذلك تعهدت بمعالجة أسباب الانحراف للقضاء على ظاهرة الجريمة وتجارة المخدرات المنتشرة بالبلاد، كما تعهدت بـمكافحة الإفلات من العقاب.
ورغم أن شينباوم تنحدر من عائلة ذات أصول يهودية، إلا انها تعلن دائما أنها لا تعتبر نفسها جزءا من اليهود البالغ عددهم 50 الفا فى المكسيك، وكانت شينباوم أول يهودية تدين بكافة الأشكال الأفعال الإجرامية للكيان الصهيونى فى غزة حيث أعلنت بعد 7 أكتوبر «يجب أن ندين أى شكل من أشكال العنف، خاصة هذا النوع من مهاجمة المدنيين الأبرياء». ثم أضافت دعمها لحل الدولتين بقولها: «أوافق أيضاً على أنه من الضرورى وقف العنف والاعتراف بالدولتين، من أجل إيجاد طريقة فورية لتهدئة هذه المنطقة من العالم».
وتعد شينباوم «62 عاما» عالمة وسياسية بدرجة امتياز فى آن واحد حيث أنها حاصلة على الدكتوراة فى مجال الفيزياء والطاقة، وألّفت أكثر من 100 مقال وكتابين حول مواضيع الطاقة والبيئة والتنمية المستدامة وقدمت فى هذا المجال زخما علميا لا يستهان به .
وفى نفس الوقت حققت سياسيا نجاحا غير مسبوق وتقلدت عدة مناصب سياسية حساسة، حيث شغلت منصب وزيرة البيئة فى مكسيكو سيتى من عام 2000 إلى عام 2006 خلال فترة أندريس مانويل لوبيز أوبرادور كرئيس للبلدية، وكانت عمدة تلالبان من عام 2015 إلى عام 2017.
وأسهمت شينباوم بشكل كبير فى دعم ونجاح الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، وهو ما أسهم فى حصولها على جائزة نوبل للسلام فى عام 2007 كما أُدرجت ضمن قائمة بى بى سى لأقوى 100 امرأة فى عام 2018.
منذ نهاية عام 2015 شغلت شينباوم منصب عمدة تلالبان، واستقالت من المنصب فور تلقيها ترشيحاً لمنصب عمدة مدينة مكسيكو لعضوية تحالف (معاً سنصنع التاريخ)، الذى يتألف من حركة التجديد الوطنى وحزب العمال وحزب اللقاء الاجتماعي.
فى 1 يوليو من عام 2018 انتُخبت لولاية مدتها ست سنوات كرئيس لحكومة المقاطعة الفيدرالية لمدينة مكسيكو سيتي، متغلبة على ستة مرشحين آخرين.
وفى يونيوعام 2019 أعلنت عن خطة بيئية جديدة مدتها ست سنوات وتشمل الحد من تلوث الهواء بنسبة 30 ٪ وزراعة 15 مليون شجرة، وحظر المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، وتعزيز إعادة التدوير، وبناء محطة جديدة لفصل النفايات, وهو ما أحدث نقلة نوعية فى مجال البيئة بالمكسيك .
كما تم ترشيح شينباوم من قبل مؤسسة سيتى مايورز لجائزة عمدة العالم فى عام 2021 فى أمريكا الشمالية لتعاملها مع جائحة كوفيد-19 فى المكسيك.