عندما كنا صغاراً.. كنا نستعجل السنين كى نكبر ونصير شباباً نروح ونغدو فى أى وقت نشاء ونستقل بأنفسنا ونحقق ما نصبو إليه.. وعندما كبرنا وتخطينا الستين وذابت الزوائد واشتعل الرأس شيباً.. صرنا نخشى من الغد ومن زوال ما تبقى من الصحة.. لأنه كلما هرمنا كلما ازدادت حاجتنا إلى الرعاية من الأبناء والمجتمع بشكل عام.. وكلما فقد الجسد الكثير من حيويته ومقاومته ليس من الأمراض التى لا طاقة لنا بها وإنما من أى وعكة صحية حتى ولو كانت برداً.. كما أننا كلما مر علينا يوم.. كلما زاد التفكير فى الحقيقة الوحيدة ألا وهى الموت.. فكل نفس دائقته صغيراً أو كبيراً ولكن الإحساس به يزيد ويستقر فى الوجدان وكأن الموت لا يصيب إلا الكبير فقط والتجارب حولنا كثيرة فكم من صغير توفاه الله.. وابنى الكبير نموذجاً ومن بعده آخر فقدته قبيل أن يخرج إلى الدنيا.
أقول ذلك بمناسبة اليوم العالمى للمسنين والذى يوافق الأول من أكتوبر سنوياً وهى لفتة إنسانية كبار السن مثلى فى حاجة إليها كى لا يشعر المسن بأنه بعد صولات وجولات فى معترك الحياة يجد نفسه شبه وحيد ومنكفيء على نفسه ينشد الحنان والعطف ممن حوله خاصة أقرب المقربين إليه وهم الأولاد الذى خرج بهم من الدنيا كى يحيطون به ويمدون له يد العون ويزيدون البر به سواء بحكم رابطة الدم والأبوة أو مصداقاً لقوله سبحانه فى قرآنه الكريم «وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً».. أو عملاً بالحديث الشريف.. إن من إجلال الله إكرام ذى الشيبة المسلم».. الأمر الذى يبرز مدى احترام الإسلام لكبار السن واعتبار الإحسان إليهم وإكرامهم من الأعمال التى تجل الله عز وجل.
الحقيقة.. الإسلام لا يقتصر فى رعايته لكبار السن على النطاق الأسرى فقط بل يدعو المجتمع بأسره إلى المساهمة فى توفير الرعاية اللازمة لهم.. ليذكرنا بقول رسولنا الكريم «ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا».. وليذكرنا أيضاً بما شددت عليه دار الإفتاء بأن رعاية كبار السن واجب دينى واجتماعى يجب على الجميع الالتزام به مؤكدة ضرورة تكاتف الجهود من أجل توفير بيئة ملائمة تضمن لهم حياة كريمة.
صراحة الدولة.. لم تغفل هؤلاء.. فقد وضعت مجموعة من الإجراءات تجاه كبار السن بإعفاء كل من تخطى سن السبعين من قيمة التذاكر فى كافة المواصلات التابعة للدولة.. وعليه فقط إظهار البطاقة الشخصية الدالة على تخطى الراكب السبعين ليركب مجاناً بالإضافة إلى تخصيص مقاعد لهم بالصف الأول توقيراً لهم وبالنسبة لمن تخطى سن الستين حجز تذكرة بنصف الثمن تخفيفاً عن كاهلهم فى المصاريف، بالإضافة إلى تخصيص شبابيك فى الدوائر الحكومية خاصة فى إدارات المرور بمختلف المحافظات.. وهذا لمسته بنفسى عند كل معاملة.
أتمنى من كل الأبناء والصغار.. انتهاز فرصة وجود الآباء أو كبار السن.. بالاقتراب أكثر وأكثر للاستفادة من النصائح والحكم التى تخرج من أفواههم.. فقد خبروا الحياة واعتركتهم ميادينها المختلفة.. وهى لا تقدر بثمن والاستفادة من تجارب السابقين والإنصات بكل شغف لما تلوكه ألسنتهم فى كافة المناسبات.. فهم لا يريدون إلا الخير للأبناء وكم من نصائح وحكم ومواعظ مازلت أتذكرها وأعيها تماماً كأسلوب حياة أعانتنى كثيراً وجعلتنى أكثر قرباً من الأجيال الصغيرة وساعدتنى فى كيفية التعامل مع الآخرين وكيف أخرج من أى مشكلة أو عقبة بنجاح أو حتى على الأقل بأقل الخسائر ربما ساعدنى فى ذلك دراستى العليا لعلم النفس فى الكلية.
كما على الأجيال الصغيرة تقدير الظروف التى تطرأ على الآباء كضيق الخلق فى بعض الأحيان.. فالتغيرات البيولوجية المصاحبة للعمر تجعل صاحبها.. أكثر ضيقاً بعد سعة الصدر التى كان يتميز بها وكذلك تقدير الظروف الصحية المترتبة على الأمراض التى تحاصر كبير السن، فهو فى حاجة إلى من يحنو عليه ويصبر على بعض تصرفاته.. وكما يقول المثل «يا مكبرنا يا مصغرنا».. ومثل هذه التعاملات من الأبناء تجاه الآباء أو كبار السن تجنبنا الكثير من المشاكل التى قد تصل إلى حد الهجر والإهمال وربما إلى القتل لاقدر الله.. وكم من أمثلة على ذلك يندى لها الجبين.. وفى النهاية «كله سلف ودين» كما يقول المثل.. فمن يحسن التعامل مع الوالدين أو مع كبار السن أو مع أصحاب خريف العمر ـ سيرتد إليه سواء بالحسنى أو سوء المعاملة.. ولله فى خلقه شئون.. أحسنوا لآبائكم وكبرائكم ووقروهم يكرمكم الله.. ويوسع لكم فى أرزاقكم.
>> وأخيراً:
> الإسلام منح كبار السن مكانة عظيمة.. علينا الحفاظ عليها.
> رحم الله جمال عبدالناصر.. كان زعيماً ووطنياً وعروبياً.
> استكشاف 223 تريليون قدم مكعب فى منطقة الدلتا.. بشرة خير.
> زيادة محصول القطن هذا الموسم بنسبة 23 ٪.. نريد المزيد.
> 4 تحالفات عالمية.. تتنافس على تطوير السكك الحديدية.
> مصر تتلقى استثمارات عربية مباشرة بقيمة 18.5 مليار دولار.. الخير قادم.
> 2.1 الانخفاض فى الدين العام.. برافو.
> تصدير سلع غير بترولية بقيمة 27.2 مليار دولار خلال الأشهر الأخيرة هذا العام.. يؤكد أن مصر تسير على الطريق الصحيح.
> الاسم العلمى للدواء.. هل ينهى مشكلته؟ مجرد سؤال!
> المساعدات الطبية والإغاثية الفورية من وإلى لبنان.. يؤكد دور مصر الإنسانى والعروبي.
> افتتاح مشروع التجلى الأعظم فى سيناء.. قريباً يزيد من تدفق السياح وينعش الخزينة بالعملات الصعبة.